وجاء هذا الأمر في إطار محاولات إعادة تنظيم الجيش الإسرائيلي على أسس حديثة، في أعقاب التغييرات في ميادين القتال وأنواع الأسلحة وطبيعة المخاطر التي تتعرض لها إسرائيل.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أنه في ظل تنامي هجمات «السايبر» على إسرائيل من جانب منظمات ودول، وتطور المخاطر في هذا الميدان، قرر آيزنكوت إنشاء ذراع «سايبر» في الجيش. وكان آيزنكوت، فور توليه مهام منصبه كرئيس للأركان قام بتعيين طاقم خاص برئاسة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتسي ليفي، لفحص أمر إنشاء ذراع «السايبر». ونقلت هذه الوسائل عن ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي قوله إن آيزنكوت تبنى بذلك توصيات الطاقم الخاص، وأمر بإنشاء هذا الذراع.
وشدد الضابط على أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون البنية التنظيمية لهذا الذراع، ومقدار الموارد التي ستخصص له، وأي الوحدات ستتشكل فيه وأي الوحدات القائمة ستنضم إليه، لكنه اعتبر أن «معالم الطريق واضحة». وأضاف أن «عملية إنشاء الذراع، التي ستستمر عامين، ستشمل مقومات الدفاع والهجوم والتخطيط العملياتي. ولغرض إقامة ذراع السايبر سيقام طاقم توجيه لفحص كل السيرورات وآثارها على الجيش الإسرائيلي».
وحسب الضابط الرفيع المستوى فإنه «في هذه الأثناء تترك كل الوحدات الحالية في مواضعها، في شعبتي التطوير والاستخبارات العسكرية، وبعد ذلك ستقام وحدات في ميادين جديدة. وأعتقد أن هذا سيكلف أموالا، لكن الحاجة العملياتية ملزمة».
وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قرار رئيس الأركان سيرسل إلى وزير الدفاع موشي يعلون للمصادقة عليه. وأضاف «في ضوء التحديات الجوهرية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في مجال السايبر، يتطلب الأمر إنشاء ذراع يقود مجمل العمليات الميدانية. وقد أشار رئيس الأركان آيزنكوت إلى أن إنشاء الذراع هو أمر مهم، لتكييف الجيش الإسرائيلي مع التغييرات في ميدان القتال ويشكل مدماكاً إضافياً في دينامية الجيش».
وقال آيزنكوت إن «الجيش الإسرائيلي مطلوب منه العمل في كل ميادين القتال، بما فيها ميدان السايبر، الذي تزداد أهميته من يوم إلى آخر. وإقامة الذراع ستسمح للجيش الإسرائيلي بالعمل بشكل أفضل بكثير في هذه الميادين، وأن يترجم التفوق التكنولوجي والبشري القائم حاليا في دولة إسرائيل».
وكان الطاقم الخاص، برئاسة هرتسي ليفي، قد بحث في عدة أشكال تنظيمية لحرب «السايبر»، بينها العمل على تشكيل قيادة على شاكلة القيادات العسكرية الثلاث، الجنوبية والوسطى والشمالية، أو حتى شعبة كالاستخبارات أو التطوير، ولكن في النهاية تقرر التوصية بتشكيل ذراع عسكري رابع. وجاءت التوصية بسبب أن ميدان «السايبر» ميدان مستقل ومتنوع ومعقد، ويحتاج العمل فيه إلى نظرية عمل خاصة.
وفي إطار الحديث عن تشكيل ذراع «السايبر»، توجهت الأنظار أولاً إلى ما سيحدث لوحدة التجسس الإلكتروني في الجيش الإسرائيلي والمعروفة باسم «الوحدة 8200». فقرار رئيس الأركان إنشاء ذراع «السايبر» إلى جانب كل من الأذرع الثلاثة، الجوية والبحرية والبرية، يؤثر أول شيء على «الوحدة 8200» المتخصصة في الحرب الإلكترونية والتجسس عن بعد. ولمنع حدوث صدامات وخلافات حول الصلاحيات، قرر آيزنكوت إنشاء لجنة برئاسة نائب رئيس الأركان الجنرال يائير جولان.
ومعروف أن «الوحدة 8200» هي أكبر الوحدات في الجيش الإسرائيلي على الإطلاق. وجرى توسيع هذه الوحدة بعد أن صارت إسرائيل تعتمد أكثر على الاستخبارات مما على تفعيل القوة العسكرية الواسعة. وتتخصص هذه الوحدة أساساً في جمع المعلومات وفك الشيفرات عبر وسائل الاتصال. ولذلك فإن احتمال نقل كل، أو جزء من عمل هذه الوحدة إلى الذراع الجديد قد يقود إلى تقليص حاد في حجم هذه الوحدة، وبالتالي في حجم سلاح الاستخبارات، وأخيراً في ميزانيته. ورغم عدم وجود معلومات واضحة عن نسبة ما يتلقاه سلاح الاستخبارات من الميزانية العامة للجيش الإسرائيلي إلا أن هذه النسبة تفوق أي جيش آخر.
ومن الآن بدأت جهات في إسرائيل تدعو لإبقاء مجال «السايبر» بيد شعبة الاستخبارات، بسبب ما راكمته من خبرة في الماضي، وبسبب تداخلها مع أساليب عمل الجيش الإسرائيلي. لكن مثل هذه الدعوة قد تفسر على أنها مقدمة لإفشال القرار، وهو ما حاول رئيس الأركان تجنبه، من خلال التأكيد على تعيين جنرال على رأس الذراع لمنع وقوعه تحت إمرة أي من الأذرع أو الأسلحة القائمة حالياً.
حلمي موسى
السفير بتاريخ 2015-06-17 على الصفحة رقم 12 – عربي ودولي