بالتنسيق الكامل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبذلك يكون موعد أول جلسة حكومية إما في التاسع من تموز المقبل أو في الثالث والعشرين منه، أي بعد عطلة عيد الفطر، على أن يعقد لقاء قريب بين بري وسلام، من أجل التداول في الصيغ الكفيلة بإعادة تفعيل العمل الوزاري.
في غضون ذلك، تلاحقت الارتدادات السياسية لمشاهد تعذيب بعض الموقوفين في سجن رومية، فيما كانت القضية تواصل سلوك مجراها على الخط القضائي، مع انتقال ملفها من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي ادعى على الدركيين الموقوفين الخمسة وأحالهم إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا.
وفي الوقت نفسه، وفى وزير الداخلية نهاد المشنوق بمعظم وعوده التي قطعها في مؤتمر صحافي بإحالة العسكريين إلى القضاء العسكري، ومعاقبة الضابط المسؤول عن الطابق الذي وقعت فيه الانتهاكات مسلكيا بتهمة الإهمال، فضلا عن تحسين أوضاع العسكريين والاهتمام بمطالبهم وعدم تجاهل حقوقهم القانونية.
وإذا كانت الصدمة الأولى الناتجة عن تسريب المشاهد قد أحدثت أضرارا جانبية في صورة نهاد المشنوق، إلا انه انطلق في عمله من الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتقه كوزير داخلية، وليس من هاجس الشعبية والشارع، ليتمكن بسرعة قياسية من احتواء تداعيات التسريب، في انتظار أن يأتي الوقت المناسب «لقول كل شيء».
ويبدو واضحا بعد أيام على عاصفة التسريب أن المشنوق نجا من «كمين رومية» الذي كان يستهدف إحراجه لإخراجه، مستفيدا من تغطية الرئيس سعد الحريري الذي رجّح كفة وزير الداخلية وما يمثله في مواجهة التطرف، على حساب وزير العدل اشرف ريفي الذي استشعر بأنه أقدم على دعسة ناقصة، لكن خطيرة، باستسهال لعبة الشارع، وهي مسألة تحتاج إلى جهد كبير منه لإعادة ترميم صورته أمام مرجعيته السياسية.
وبعدما كان رأس المشنوق هو المطلوب في اليوم الأول لنشر صور التعذيب، على وقع تحرك بدا موجها إلى حد كبير في الشارع السني، تمكن وزير الداخلية من استعادة المبادرة وإعادة تثبيت موقعه في الوزارة و «تيار المستقبل»، من دون أن يتخلى عن طروحاته، ولا سيما قراره بهدم «إمارة الإرهاب» في سجن روميه.
أمس الأول، زار نادر الحريري وزير الداخلية في خطوة تنطوي، من حيث الشكل والمضمون، على رسالة دعم مباشرة وغير قابلة للتأويل من الرئيس سعد الحريري. ثم أتبعت الرسالة بـ «ملحق» لا يقل أهمية ودلالة، تمثل في زيارة ريفي إلى المشنوق في الوزارة ، ما شكل إعلانا رسميا عن نهاية الفصل الجديد من المبارزة بفوز المشنوق.. بالنقاط.
لكن المفارقة، أن ريفي حاول صرف الأنظار عن الاتهامات التي وُجهت إليه بالوقوف خلف تسريب شريط التعذيب، من خلال توجيه اتهام ركيك الى «حزب الله» بالتسريب، وهو الأمر الذي لم يهضمه حتى المشنوق الذي سارع إلى الاستدراك بحضور ريفي، مشيرا إلى أن ما قاله زميله هو مجرد «استنتاج سياسي».
شغب «موضعي» في رومية
وبينما كان العمل جاريا للملمة آثار فضيحة التعذيب والتسريب، سعى بعض السجناء في رومية الى استثمار اللحظة لتحسين «مواقعهم»، عبر محاولة تنظيم انتفاضة، سرعان ما خمدت في مهدها.
وقال المشنوق لـ «السفير» ان السجناء في مبنى الاحداث والمحكومين «اعتقدوا ان بامكانهم الاستفادة من الحملة التي تعرضنا لها، ليضغطوا علينا في اتجاه التراجع عن الاجراءات المتخذة في سجن رومية، والتي جرى تفعيلها بعد التشكيلات على مستوى الضباط، لكنهم ما لبثوا ان عادوا الى الهدوء مع تدخل الفهود والقوة الضاربة، وإدراكهم اننا لسنا بوارد الخضوع لأي ضغط».
وردا على سؤال عما إذا كان قلقا بعد التهديدات التي تعرض لها، في أعقاب تسريب المشاهد، أجاب: ضميري مرتاح، وأتكل على الله.
وعُلم ان المشنوق اتصل ببري وأطلعه على سير الامور في سجن رومية، لاسيما بعد أعمال الشغب التي حصلت في مبنى المحكومين، وتشاور معه حول الاجراءات المتخذة لإعادة الوضع الى طبيعته.
وفي المعلومات، ان المشنوق خاطب بري مازحا: يبدو ان دور الشيعة هو اليوم..
ورد بري قائلا: معالي الوزير.. طبق القانون على الجميع من دون استثناء، وأنا أقف الى جانبك.
رئيس المجلس مع المشنوق
وفي سياق متصل، أكد بري انه لا يوجد فارق بين سجين وآخر، محذرا من وصول الطائفية والمذهبية الى السجون. وأضاف: كلهم أولاد سجن رومية، سواء أكانوا محكومين او متهمين، بمعزل عن انتماءاتهم. وشدد على ضرورة تطبيق الأصول القانونية في التعامل مع السجناء، سواء كانوا لبنانيين او غير لبنانيين.
وقال بري ان التحقيق مع المتورطين في تعذيب السجناء يجب ان يأخذ مداه الكامل، وصولا الى الاقتصاص من الجناة وكل من يقف خلفهم أيا كان حجمه ومهما علا كعبه.
وأكد ان الممارسات التي تضمنتها الصور المسربة مرفوضة كليا، وإذا كانت تحصل في بعض الدول، فانه لا يجوز للبنان أن يلحق بهذا الركب.
واعتبر ان وزير الداخلية يفعل عين الصواب في معرض معالجته لهذه القضية، مؤكدا وجوب تنفيذ كل الاجراءات القانونية اللازمة لكشف ملابسات ما حصل في رومية ولمحاسبة المرتكبين.
وأضاف: ان السؤال الكبير الذي يفرض ذاته هو: لماذا سُرب الشريط في هذا التوقيت بالذات، مع العلم انه مصور منذ نيسان الماضي؟ واعتبر ان هناك غاية ووظيفة خلف هذا التسريب.
حمود: الصور كانت بحوزة ثلاثة
الى ذلك، قال المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود لـ «السفير» انه تبين بموجب التحقيق ان التعذيب تم بقرار ذاتي من الدركيين الموقوفين، وليس بطلب من أي جهة او شخص.
وأوضح ان العقوبة القصوى التي يمكن انزالها بحق المرتكبين تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات، لافتا الانتباه الى ان المحكمة هي التي تصدر في نهاية المطاف الحكم المناسب.
وأشار الى ان ملابسات التسريب لم تتضح بعد، كاشفا عن ان صور التعذيب كانت موجودة بحوزة ثلاثة من رجال الامن الموقوفين.
العسكريون في خلية الازمة
على صعيد آخر، اجتمعت خلية الازمة أمس برئاسة الرئيس تمام سلام لمتابعة البحث في ملف المخطوفين العسكريين.
واكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، أنه «لا شيء جديدا في ملف العسكريين»، مشددا على ان «المفاوضات لم تتوقف بل انتهت».
وعلم أن ابراهيم ينتظر اتصالا من القطريين يحدد في ضوئه موعد البدء بعملية التبادل بعدما اتفق على كل تفاصيلها برعاية الجانب القطري.
السفير بتاريخ 2015-06-24 على الصفحة رقم 1 – الصفحة الأولى