ويعتبر الاتفاق بين الفاتيكان ودولة فلسطين ضربة معنوية للحكومة الإسرائيلية، التي ترفض الالتزام بحل الدولتين، وتعاند في انطلاق التسوية من حدود العام 1967. ورغم أن الفاتيكان ليس قوة اقتصادية أو عسكرية البتة، إلا أنه قوة معنوية هائلة تخشاها إسرائيل، خصوصا في ظل ما تستشعره من خطر من محاولات نزع الشرعية عنها.
وكانت إسرائيل حاولت منع إبرام اتفاق بين الفاتيكان ودولة فلسطين يقوم على أساس الاعتراف بحدود العام 1967، وبمسؤولية هذه الدولة عن المؤسسات الكنسية الواقعة ضمن هذه الحدود. وقد دعا الاتفاق إلى اتخاذ «قرارات شجاعة لإنهاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عن طريق حل الدولتين». ويوجد نحو 100 ألف كاثوليكي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأشار وزير خارجية الفاتيكان البطريرك بول غالاغر إلى هذا الاتفاق وموقف إسرائيل منه. وقال إن «الاتفاق قد يساعد في إنهاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني طويل الأمد الذي يواصل التسبب بالمعاناة لكلا الجانبين». وأضاف أنه يأمل باستئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن يحققا حل الدولتين، مشدداً على أن «الأمر يتعلق بقرار شجاع سيسهم بشكل بارز في سلام واستقرار المنطقة». وتابع إن الاتفاقية «يمكن أن تستخدم نموذجا لدول عربية ومسلمة أخرى» فيما يتعلق بحرية العقيدة والضمير.
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي توقيع الاتفاق بأنه «تاريخي». وقال إن الاتفاق «يستند إلى العلاقات الخاصة بين دولة فلسطين والكرسي المقدس، وعلى توافق أساسي تحقق بين السلطة والكرسي الرسولي في العام 2000». وأضاف «هذا اعتراف رسمي أول من الكرسي المقدس بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والحرية والكرامة في دولته المستقلة، متحرراً من قيود الاحتلال. والاتفاق يعزز علاقتنا ببنود جديدة لم يسبق لها مثيل، تتعلق بالمكانة الخاصة لفلسطين كمكان نشأة المسيحية ومهد الديانات التوحيدية».
واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان، توقيع الاتفاق «خطوة متسرعة تمس بفرص التوصل إلى تسوية سلمية، وتضر بالمحاولات الدولية لإقناع الفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات لغرض إدارة محادثات مباشرة مع إسرائيل».
وأعربت إسرائيل عن أسفها لقرار الفاتيكان، مضيفة «أننا نأسف أيضا على الصياغات أحادية الجانب في الاتفاق، والتي تتجاهل حقوق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل والأماكن اليهودية المقدسة في القدس». وحسب الخارجية الإسرائيلية فإن «إسرائيل لا يمكنها قبول تحديدات من طرف واحد في الاتفاق، لا تأخذ بالحسبان المصالح الحيوية لدولة إسرائيل والمكانة الفريدة والتاريخية للشعب اليهودي في القدس». وخلص البيان إلى أن «إسرائيل ستدرس تفاصيل الاتفاق، وآثاره على نوعية التعاون المستقبلي بين إسرائيل والفاتيكان».
تجدر الإشارة إلى أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة اعترفت في العام 2012 بفلسطين كدولة غير عضو. وفي حينه باركت الفاتيكان القرار، واعترفت من حينها بفلسطين كدولة، وسبق للحبر الأعظم أن وصف فلسطين بالدولة أثناء زيارته للمنطقة في العام الماضي. وكان الفاتيكان أعلن اعترافه رسمياً بدولة فلسطين قبل حوالي شهر ونصف الشهر في وثيقة نشرها. ولكن ما يميز الاتفاق الجديد أن الفاتيكان الذي كان له علاقة مع منظمة التحرير وقّع أمس على أول وثيقة قانونية رسمية تقيم علاقة ديبلوماسية مع دولة فلسطين.
حلمي موسى
السفير بتاريخ 2015-06-27 على الصفحة رقم 1 – الصفحة الأولى