لإعادة تأهيل البنى التحتية فيها ونفضها عن بكرة أبيها، ورصفها ببلاط البازلت الاسود والغرانيت الملوّن وإعطائها الطابع التراثي المعماري، تمهيداً لحصر السير عليها للمشاة فقط، ومنع السيارات من دخولها، وإلغاء الأرصفة.
كما يلحظ المشروع وجود مقاهٍ ومطاعم الى جانب المحال والمؤسسات التجارية، مع زرع اشجار النخيل وسط الطرقات.. مع العلم أن التمويل من «البنك الإسلامي للتنمية» مخصص «لأعمال تأهيل البنى التحتية وتغيير كل أساسياتها وتمديداتها من الألف الى الياء بمبلغ يصل الى 25 مليون دولار»، بإشراف «مجلس الإنماء والإعمار»، وتقوم بتنفيذه «شركة محمد دنش للمقاولات والتجارة».
يشارك في الجدل القائم فعاليات هندسية وجمعيات اقتصادية وتجارية وصناعية وهيئات المجتمع المدني مع رئيس وأعضاء المجلس البلدي.. وأحياناً ومن وقت لآخر القوى السياسية..
حلم لن يتكرّر
الجدل الدائر في المدينة ينطلق من «أن ما يحصل اليوم في صيدا حلم لن يتكرّر مثيل له، وتكاد تكون من المرات القليلة في تاريخ المدينة، وحتى في لبنان، التي تشهد كل مدينة كصيدا إعادة تكوين حديث لبناء شخصيتها الوظيفية الجديدة». لذا المطلوب أن ينتهي المشروع بأبهى حلة ووظيفة لصيدا تخدم الجميع من تجار واقتصاديين ومواطنين وأهالٍ وسائحين ووافدين».
عدد من الفعاليات الهندسية التي تشارك في النقاشات مع البلدية ورئيسها محمد السعودي، تشير إلى أن الأشغال القائمة حتى تاريخه لم تكتمل بعد، ولكن ما أنجز من أعمال يبرز جمالية وروعة الشوارع والساحات، لدرجة ان بعضها قد يحاكي ويشبه في جماليته الهندسية الوسط التجاري للعاصمة بيروت.
يضيف هؤلاء «من المقرّر وفق الخطط المرسومة أن تصبح صيدا وأسواقها منطقة جذب استثماري وسياحي وملتقى عاماً للمقيمين والوافدين والسائحين، كما للزوار والمتبضّعين بهدف إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية وإعادة صيدا الى دورها الريادي في مختلف المجالات، كما كانت في الماضي القريب والبعيد من عهدها».
فالنقاش الدائر اليوم يطرح تساؤلات، انطلاقاً من الحرص على المشروع وإنجاحه، مثل «لمن ستتوجّه المدينة بعد أن تصبح «صيدا داون تاون 2» وفق ما تظهر التصاميم الهندسية المعروضة «هل لأهلها وجوارها فقط؟ أم لكل محيطها وعمقها الجنوبي وامتدادها شمالاً وشرقاً» و «هل تصالحت المدينة مع نفسها وبيئتها الداخلية أولاً ومع كل محيطها ثانياً للعب هذا الدور الريادي الذي كانت تتمتع به، في ظل كل هذا التجاذب في البلد؟».
وسط تجاري حديث
ويؤكدون «غداً ستنتهي الأشغال وتنجز أعمال تأهيل بنيتها التحتية، ويصبح الوسط التجاري فيها، وشوارع رياض الصلح وساحة النجمة والأوقاف والشاكرية والمطرانية وفخرالدين ومتفرّعاتها، وصولاً الى الشارع المؤدي الى قلعة صيدا البحرية وشارع الشهداء الممتدّ من قصر العدل القديم والمطاحن حتى صيدا القديمة، شوارع محظور على السيارات دخولها إلا في أوقات محددة، ولعدد محدّد جداً، اما في الصباح الباكر او مساء».. فهل انتهت المسألة في المدينة عند هذا الحدّ..
هذه الأيام تجدّد النقاش في المدينة بين بلدية صيدا، ومن خلال رئيسها محمد السعودي، من جهة، وجمعية التجار ورئيسها علي الشريف من جهة ثانية بمواكبة الفعاليات الهندسية والمعمارية، بعد أن تمّ إنجاز ما بين 55 الى 60 في المئة من مجمل الأشغال المرصودة للمشروع بكاملها وبدأت تظهر ملامحه.. وقد ظهر تباين في الآراء حول مسألة «المنع الكلي أم الجزئي للسيارات من الدخول إلى وسط صيدا، وماذا عن سيارات أصحاب المحال والمؤسسات المختلفة والإدارية وأصحاب المكاتب والأطباء وغيرهم، بالإضافة الى سيارات أصحاب المحال والمؤسسات التجارية ومال القبان وسوق الخضار، فهل تأمّنت المواقف لهم وأين؟
إضافة إلى بروز تباين كبير في المواقف المتعلّقة بمسألة لم يتمّ حسمها بعد، وجاري النقاش حولها، وهي «هل من ضرورة لوجود حوالي 40 «كشكاً» وفق ما بات يتردد في صيدا، وهي كما يحكى ستكون مخصصة لبيع الصحف والمطبوعات، وتحتوي على مقتنيات سياحية عن صيدا وتاريخها وحضارتها مع لوازم خفيفة، وغيرها من متطلبات الزائر والوافد والسائح، على ان توضع في زوايا وباحات وتقاطعات تلك الشوارع من وسط المدينة بعد منع السيارات. في صيدا يوجد اليوم معترضون بالمطلق على فكرة وجود «الأكشاك» من اساسها، وهم من القوى التجارية والاقتصادية والمدنية والهندسية وأصحاب المحال المستثمرين في وسط صيدا، طالما أن وظيفتها يمكن أن يقوم بها أي محل أو متجر في الوسط بالإضافة إلى وجود خشية لدى المعترضين من أن تتحول هذه الأكشاك الى جوائز للقوى السياسية يوزّعونها على مناصريهم أو يتم تداولها في ما بينهم وتنتفي الحاجة التي أنشئت من أجلها..
اضافة الى تساؤلات مثل «هل ستتم عملية اعادة ترميم الجدران والواجهات المطلة على هذه الشوارع كشارعَي الشاكرية والمطران التراثيين ليشكل ما تم إنجازه وحدة تراثية معمارية جمالية متكاملة لصيدا».
السعودي: لتفعيل الحركة
رئيس البلدية محمد السعودي يشدّد على أن كل هدف البلدية هو تفعيل الحركة في المدينة، وتنشيط الحالة الاقتصادية والتجارية ونتمنى أن يأتي ما نسعى إليه بأيام أحسن مما نحن فيها على الجميع وعلى التجار.. مضيفاً «هذا ما نأمله من تنفيذ هذا المشروع الحيوي، الذي من شأنه أن يرفع مستوى صيدا والمنطقة بكاملها».. مشدداً على أن أعمال التأهيل لم تتنه. مشيراً إلى أن هناك نقاشات جارية اليوم على قدم وساق، حول مختلف المسائل المطروحة، وهناك مسائل لم يتم حسمها بعد، عندما نتوافق عليها نعلنها للجميع لأن هذا المشروع الذي نحن بصدده يتم بدعم فعاليات المدينة وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات المساهمة في تنفيذ المشروع لتصبح صيدا احلى.
ويعلن السعودي أن «هدف المجلس البلدي جعل صيدا مدينة نموذجية سياحياً وبيئياً وعمرانياً يُعتد بها بين المدن، مما سيجعل صيدا نقطة جذب. وصيدا بتاريخها الحضاري العريق تستحق منا أن نبذل الجهد من أجل المساهمة في إنمائها، وهذا المشروع يجعل منها نموذجاً حضارياً سواء من الناحية العمرانية أو التراثية والاجتماعية والبيئية. وهو من المشاريع الإنمائية التي تضع صيدا في ركاب المدن العريقة.
الشريف: المشروع يلبي الطموحات
من جهته الشريف يؤكد أن المشروع مهم جداً للوسط التجاري وللحركة الاقتصادية في صيدا ومحيطها وبشكل عام يلبي طموحات التجار. مضيفاً «لكن علينا أخذ احتياجات وملاحظات التجار كافة بعين الاعتبار، وأن نسمع ملاحظاتهم وننقلها من أجل أن تكون التصورات متكاملة مع المشروع وتنفيذه، لما فيه تأمين المصلحة العامة..
ويشدد الشريف على مسألة ضرورة تأمين مواقف للسيارات قريبة من الأسواق وحصر دخول وخروج تلك السيارت بأوقات زمنية محددة.
وقال «يدخل الى المدينة يومياً أكثر من 450 سيارة لأصحاب المحال فقط فأين سنضعهم وهل من مواقف في المدينة تتسع لهم جميعاً... علما أنه لدينا ما بين 350 الى 450 محلاً تجارياً ومؤسسة في المدينة، هذا عدا عن سيارات المواطنين.. والاجتماعات متواصلة مع رئيس البلدية والهيئات المعنية والقوى السياسية واستشاري المشروع للاطلاع على كل التفاصيل لتلافي أية إشكالية طارئة كما لدينا مشكلة حالياً لدى تجار «مال القبان» في شارع الشهداء نعمل على حلها بعد أن أنجز الشارع».
محمد صالح
السفير بتاريخ 2015-08-18 على الصفحة رقم 5 – محليّات