أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

جيوش عربية... "جعجعة بلا طحن"

الأحد 23 آب , 2015 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,540 زائر

جيوش عربية... "جعجعة بلا طحن"

ويكاد لا يخلو بلد عربي من تداعيات "الربيع العربي" مع تشّعب الأعداء الخصوم من تنظيمات "القاعدة" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام"-"داعش" وتفرّعاتها، أو حتى حالات مثيرة للقلق بين أبناء البلد الواحد، بحيث بات استقرار الشرق الأوسط يعتمد إلى حدّ كبير على القدرة القتالية للجيوش العربية، مع تردّد الدول الكبرى (واشنطن وحلفاؤها) بالتورّط بنشر قواتها البريّة في المنطقة مرة أخرى واقتصار دورها على الضربات الجوية "غير المجدية" في الكثير من الأحيان (العراق و سوريا واليمن)، والمساعي الديبلوماسية في الصراع العربي-الإسرائيلي في فلسطين المحتلة ولبنان.

وتُخصّص دول الشرق الأوسط مبالغ طائلة من إجمالي ناتجها المحلي على توقيع صفقات سلاح متطوّر لدعم جيوشها (ثمانية دول عربية تُعتبر من بين أكثر 15 دولة في العالم انفاقاً على الدفاع بحسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية)، لكنّ هل هي مؤهلة او مستعدة للاضطلاع بدورها في حماية أراضيها ومحاربة خصومها عندما تشتدّ المعارك؟

ترى صحيفة "ايكونومست" البريطانية أن الأمل في قدرة الجيوش العربية "ضئيل بالنظر إلى أدائها في الماضي كهزيمتها أمام اسرائيل، ومغامراتها في البلدان الأفريقية مثل تشاد"، مشيرة إلى أنه مع توفّر الاسلحة والدعم الغربي "تُكافح هذه الجيوش لحماية أراضيها".

وعلى الرغم من التدريب الأميركي المكثّف وملايين الدولارات التي صُرفت على تجهيز الجيش العراقي إبان الغزو في العام 2003، سقطت أجزاء كبيرة من العراق بيد "داعش" في العام الماضي، وانقسم الجيشان اليمني والليبي نتيجة أزمات داخلية، كما يُكافح الجيش اللبناني في منع استيراد أزمات المنطقة إلى أراضيه عبر الحدود.

وتعتبر الصحيفة أن مشكلة الدول العربية هي في "هدرها" الأموال المخصّصة للدفاع على العتاد "البرّاق (المقاتلات النفّاثة أو الغواصات المثيرة) والذي لا يتناسب مع الصراعات التي تخوضها جيوشها"، مشيرة إلى أنها تُشكّل "غطاءً لفساد بعض المسؤولين حيث تنتشر السرقة على نطاق واسع في القطاعات العسكرية، حيث يختفي الكثر من العتاد أو الاحتفاظ به في الثكنات (وهذا أحد الأسباب التي جعلت داعش قادرة على السيطرة على الكثير من مناطق العراق)".

وتضيف الصحيفة أن الدول العربية "لا تُعطي أولوية للدعم اللوجيستي والمعلومات الاستخبارية، كما تفتقر الخطط العسكرية إلى المرونة والالتزام بها".

وتشير إلى أن مبدأ "التراتبية" المعتمد في العالم العربي يجعل "الوحدات الصغيرة (من جنود مبتدئين) غير قادرة على التحرّك بسرعة من دون الحصول على موافقة القيادة العليا".

وتتمثّل نقطة الضعف الأكثر خطورة، بحسب الصحيفة، في "عدم حيادية" المؤسسات العسكرية العربية التي غالباً ما ترتبط بـ"ولاءات معيّنة لحكّام (الجيش السوري) أو أحزاب أو قبائل (اليمن وليبيا)، ناهيك عن أن جنرالات الجيش من أكبر المؤثرين في القطاعات الاقتصادية والسياسية (مصر). كما يُعد الالتفاف حول كبار الضباط أمراً شائعاً بسبب خوف الأنظمة منهم كأشخاص قادرين على التخطيط للانقلابات".

إزاء نقاط الضعف هذه، تحتاج الجيوش العربية إلى حملة إصلاح عميقة إذا أرادت أن تكون حصناً ضدّ انتشار "داعش" والميليشيات الأخرى".

وتتمثّل الخطوة الأولى على هذا الطريق، بحسب الصحيفة، في "تقليص حجم الجيوش (لدى مصر 438500 من الجنود في الخدمة الفعلية، ولدى السعودية 227 ألفًا)، حيث يعود السبب في هذا التضخم جزئياً إلى انخراط العاطلين من العمل في صفوفها".

وتؤكد الصحيفة أن "عدداً أقلّ وأكثر احترافاً من المجنّدين المتعلمين الذين يتلقون راتباً جيداً، ستكون أكثر فاعلية في المعركة"، لكنّها تشير إلى أن "عدد قليل من حكومات المنطقة على استعداد لإنشاء هذا النوع من الجيوش لأنها تخشى من الانقلابات، وبالتالي، يتوجّب على هذه الحكومات أن تُحسّن نظام الحكم فيها إذا ما أرادت تحسين أدائها على أرض المعركة".

إعداد وترجمة: نغم أسعد

السفير

Script executed in 0.18016695976257