أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لبناني.. إبتلع وقود البنزين وسكبه على جسده وأضرم النار.. ومات!

السبت 19 أيلول , 2015 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 7,776 زائر

لبناني.. إبتلع وقود البنزين وسكبه على جسده وأضرم النار.. ومات!

السبب: الافتقار إلى مسكن وأي ضمان صحي أو مردود مالي للعيش

غالباً ما تنتهي سنوات العمر قبل الوصول إلى ثمانينياته. نادراً ما تمتد يد أحدهم لتضع حداً لحياته وهو على أبواب التسعين. ولكن ليس توفيق خوام، الرجل المسن الذي لم يجد من يسأل عنه ويؤويه في بلد تذهب ثمانون في المئة من موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية فيه إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ومن بينها تلك التي تهتم بالأشخاص من ذوي الإعاقة. خوام، المسنّ العاجز كان يعيش في بلد لديه القانون 220/2000، الذي ما زال المعنيون به ينتظرون تطبيقه حتى اليوم من دون جدوى. القانون الذي ينص على منح الأشخاص ذوي الإعاقة بطاقة صحية تؤمن لهم الطبابة المجانية وترعاهم إجتماعياً.

لا ينتحر مسنّ على ابواب التسعين عاماً عادة.. ولكن ليس توفيق خوام، الذي سكن سنته الـ87 من عمره المرّ تحت جسر البسطة التحتا وخلفه جدارية للعلم اللبناني مكتوب عليها «ويبقى لبنان». وفعلاً بقي لبنان، وسيبقى. ولكن توفيق خوام تفحّم بعدما التهمته نيران النكران والتخلي. النكران الرسمي لحقوق المواطنين المهمّشين بلقمة ترد شبح العوز وبطبابة تحفظ كرامتهم وترد عنهم الاستجداء، وبسقف يؤويهم من صقيع الشتاء وقيظ الصيف.

يروي شاب يسكن في محيط الجسر حيث اضرم خوام النار بنفسه، أن الرجل طلب منه أن ينقله إلى ساحة رياض الصلح قبل إحراق نفسه بيوم واحد. يقول الشاب إنه رفض مساعدته خوفاً عليه من عنف القوى الأمنية الذي تمارسه على المتظاهرين هناك.

لم ينتظر خوام كثيرا، جمع الأطفال الفقراء الذين يستعطون عادة في الشارع من حوله، وزّع عليهم ما لديه من مال وهبه إياه العابرون، وأبقى على مبلغ صغير يكفي لشراء قارورة بنزين.. كل ما يحتاجه للرحيل.

وهناك، وبعد أن طلب من الأولاد أن يذهبوا لشراء ما يحبون من الدكان البعيدة، ابتلع ما استطاع من البنزين وسكب ما تبقى على جسده، واسعفه قلبه المتعب على إشعال عود الثقاب الأخير في وجه هذه البلاد والمسؤولين فيها.

اليوم يقول الشاب أنه ربما اراد حرق نفسه في قلب بيروت أمام السرايا الحكومية ومجلس النواب هناك حيث مدد النواب لأنفسهم، وهناك حيث ترابض حكومة الفشل الوطني.

ليس مهماً ما نعرف من تفاصيل...من يهتم بمعرفة أن خوام صار مقعدا إثر حادث وأنه نال تعويضاً لم يكفه للعيش بكرامة أكثر من أربع سنوات، وأنه عاش كفاف يومه بتعويض هزيل بعد إخلائه من مأجوره. بعد رحيله انتحارا بالنار لم يعد أي شيء مهما.

اعتصام

استنكاراً لاستهتار السلطة المزمن بحقوق الأشخاص المعوقين والمسنين والمشردين، الذي أدى إلى أن يحرق رجل مسن نفسه، «ولإطلاق صرخة ضد التهميش التاريخي الذي يسلبنا حقنا بالتأمين الصحي والاجتماعي وحق السكن في بيئة تحترم حق السكن في بيئة تحترم حقوقنا كبشر، ولتوجيه أصابع الاتهام الى السلطة التي أجبرت توفيق على حرق نفسه، ولم تحرك ساكناً أمام مطالب الحراك الشعبي العام المطلبي المستمر»، دعا «اتحاد المقعدين اللبنانيين» الى اعتصام استنكاري في المكان نفسه الذي وقعت فيه الجريمة، عند الساعة السادسة من مساء اليوم السبت في بيروت، أمام العلم اللبناني، تحت جسر البسطة التحتا.

سعدى علّوه

السفير بتاريخ 2015-09-19 على الصفحة رقم 4 – محليّات

Script executed in 0.178062915802