وتعتبر هجرة العرب الى ميشيغان قديمة ومتجددة، وهي مرتبطة دوما بالأزمات والحروب التي لطالما عانت منها الشعوب والمناطق العربية، اذ يلاحظ زيادة عدد الجالية العراقية في السنوات الأخيرة مع بروز ظاهرة ازدياد أعداد اللاجئين السوريين بسبب الحرب الدائرة هناك.
وتعتبر الجالية الفلسطينية من الجاليات الكبرى في ميشيغان مباشرة بعد الجالية اللبنانية، تليها السورية والاردنية والمصرية والعراقية واليمنية والمغاربية، كما وتعتبر الطائفة المسيحية الكلدانية الأكثر التفافا وانتاجية بين العراقيين.
من ابرز القصص التي تروى انه لكثافة الوجود العربي في ميشيغان استبدل حاكم الولاية مفتاح المدينة التي اعتاد ان يقدمه لضيوفه المميزين بالعباءة العربية.
هجرة اللبنانيين
ويعود تاريخ هجرة اللبنانيين الى ميشيغان الى اكثر من 130 سنة، كانت في بداياتها هجرة مسيحية اذ اتى بعضهم الى ديربورن بداية، ثم عادوا وانتقلوا الى غروس بوينت في مقاطعة واين وهايلاند بارك وغيرها من المناطق الراقية. بعض هؤلاء قطع صلته نهائيا بالوطن، واصبح اميركيا وبعضهم غيروا اسماءهم وهم بمعظمهم من اللبنانيين القدامى امثال سبنسر ابراهام ونك رحال وغيرهم. اما البعض الآخر من الموارنة فعاشوا في مناطق تقيم فيها الجالية الايرلندية، ودخلوا الى كنائسها وتماهوا مع عاداتها وتقاليدها وثقافتها، فيما يعيش عدد من ابناء الطائفة الدرزية بين ديترويت وفلينت وتروي، وهؤلاء لا يتجاوز عددهم بضع مئات. وتعتبر مدينة ديترويت مسقط رأس العديد من الشخصيات الهامة من اصول لبنانية، ومنهم الفنان والإذاعي الاميركي من اصل لبناني كايســي قاسم، وعميدة الصحافيين في البيت الابيض الاميركية اللبنانية الاصل هيلين طوماس، وباتي مارون المهندس اللبناني الأميركي الذي قام باستثمار «الأمباسادور» وهو الجسر الأشهر الذي يربط ما بين مدينة ديترويت وويندسور الكندية.
اللبنانيون في ديترويت بين «شرقية» و «غربية»
اما الزائر حديثا الى ديترويت فيلحظ حالة من الفرز الديموغرافي بين المناطق التي يسكنها اللبنانيون، ما يذكر بالفرز الذي كان حاصلا في لبنان خلال الحرب الأهلية، والتي قسمت العاصمة بيروت الى « شرقية» و «غربية». الا ان هذا الفرز في بلاد «الركبي» يبدو اقل وقعا وقساوة وحدة، وان كان بعضه غير مقصود ويعود لظروف وتوقيت الهجرة والتحاق عائلات القرية الواحدة ببعضها وسكنها بالقرب من بعضها البعض، او في محيط العمل اذ كان يعمل غالبية هؤلاء في معامل فورد.
فالجيل الذي اتى في الخمسينيات والستينيات وصولا الى الثمانينيات، ويعتبر من المهاجرين الجدد ذوي الغالبية المسلمة وتحديدا من الشيعة، سكن معظم ابنائه في مدينة «ديربورن» احدى كبرى مدن مقاطعة واين في ديترويت، فيما سكن المسيحيون الذين اتوا في تلك الفترة وما بعد في شرق ديترويت، في مقاطعة ماكومب وفي بلومفيلد وبرمنغهام وما زالوا.
تعتبر الجالية اللبنانية ورغم هجرتها القسرية احيانا، الأكثر قدرة بين الجاليات العربية على التأقلم، اذ يحقق افرادها نجاحات اسرع على الصعيد الشخصي والمهني. الا ان مشكلتهم تكمن في كيفية الارتقاء من النجاح الشخصي الى العمل المؤسساتي.
اما من حيث النجاحات الفردية فهي لا تقتصر فقط على المهن الحرّة والقطاعات التجارية كالمؤسسات السياحية والمطاعم والمحال التجارية، بل تتعداها الى القضاء والطب والمحاماة والصيدلة. ويشهد المجالان الأخيران اهتماما كبيرا لا سيما من قبل الشبان المتخرجين حديثا، فيما يعمل الكثير من اللبنانيين في مجال المقاولات والهندسة المدنية والكهربائية، كما يعملون في مجال العقارات والسمسرة والتأمين وغيره. وقد تبوأ العديد منهم مواقع هامة، اذ يترأس الدكتور جورج قيقانو عمادة كلية الطب في جامعة ميشيغان، فيما يتولى ابن بنت جبيل عبد هيدوس رئاسة المجلس البلدي في مقاطعة واين، وهو أول عربي يفوز في هذه المنطقة، حيث انتخب لسبع دورات متتالية رئيساً للبلدية، ويحوز على لقب «مايور»، وقد ترشح مؤخرا لمنصب قائمقام المقاطعة، ناهيك عن العديد من المواقع والمناصب لأبناء الجالية اللبنانية في ديربورن.
ريميال نعمة - السفير