” أبوح ُ بوجعي ، فيبتلعني بئرُ حزني ” بيننا والصداقة ، عشرةُ عمر ، خمرها الزمن “
لغتهُ الشعرية متهيئة لأداء مهمتها التي اتخذها في تشكيل صوره بكل مشخصاتها للصورة الشعرية المرسومة للمكان والزمان ، روحه الشعرية المشتعلة بمحيطه الإغترابي وذاكرة المدينة التي لا يستطيع نسيانها ، وهو يساعدنا ” بزي ” على تنسيق مشاعرنا من خلال الاثارات المتنوعة التي تثير فينا صوره ، ويبدو الشاعر الذي تعلم ودرس في مغتربه الامريكي سار على نظرية الفيلسوف ” كرتشمير ” والذي عرف خصائص أنماط أربعة للناس تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا ، وهذا الاختلاف الجوهري في الطبائع ، لابد أن ينتج عنه اختلاف الناس في استجابتهم للصورة الحسية ومدى تأثرهم بها ،ولهذا أصبحت ذاكرته الإغترابية حقيبة تحمل في داخلها الهم الإنساني والمعرفي
” مفتاح مسَرة للقلوب ، الفراق ُ يقظة ُ الحواس ، واستنفارها ، والشوق ٌ إليك َ يحرقني “
وهو يعمل على إستعادة صوره الشعرية بمفردات ودلالات شعرية فيها من درجات الخيال الكثير ، ولعلنا في أيامنا هذه ندرك بيسر هذا التوالج بين وحدانية الحقيقة وتعدد الأنظمة الراصدة لمضمونها ،
” وعند بداية كل صباح ، وها أنا اليومَ أعود ُ إلى الديار ، وأقرأ أقداراً مخطوطة في دفتر الفراق “
ذلك أن ما تشتمل عليه أي لغة من الصيغ الأدائية يمثل نظاما آخر مكتملا من الإحالات ، فلنهوم معاً في الذاكرة المستعادة ، وهذا شيء طبيعي بإن مجموعة من الصور تكون قد نبتت في عقل شاعرنا ” بزي ” الامر الذي جعله يستجيب للصور الحسية ويتأثر بها ، ولو دققنا في قصائده القديمة والجديدة نجدها تعبر عن طموحه الشخصي لابداع الجديد في مجال الصورة الشعرية التي إنطلق منها ،
” المنزلُ الذي جفاهُ النوم ، ولفهُ عشبُ الحنين ، يفيضُ من الحب الذي تركتَه ” kamel mahmod berza
وهكذا أراد شاعرنا أن يقول لنا ، وهو يؤكد في هذه القصيدة التراتب الزمني للإستذكار ، عبر شريط حياتي بصري ، فيه حياة وقوة ، وكأنك في عالم ذي سياق سينمائي فيه الكثير من الصور المحزنة والتي تُفتت القلوب .
” فعزفت سيمفونية الوداع ، وتوارى القمرُ ، بين غيوم الفقد ، وغاب َ النجمُ سريعاُ “
وهو يرصد تاريخا ً منذ أن ُصدم جلجامش بموت أنكيدو ، فانبعثت أسئلته عن الرحيل الأبدي ، والشاعر ” بزي ” المعبأ بالكثير من الإرهاصات المشخصة التي يحتويها عقله وقلبه الكبير العاج بالحب والتسامح .
“في دياركَ الأبدية ، سلاُم لذكراك َ الطيبة ، أنا فيك َ المعُزَى “
وهو يختزل الفواصل الزمنية في مواءمة معرفية ، لا تلغي خصوصيات المراحل التاريخية ، ناشراً على الأمكنة السواد ،
” ملأت َ كأسي بخمر الفجيعة ” وتعميقاً للفجيعة فأنها جعلت من شاعرنا ” بزي ” يخاطب نفسه ومن حوله وخاصة أبناء ” مدينة بنت جبيل ” وهو يمدح عبر خطابه الشعري ، صوره المرئية واللامرئية التي تلامس واقع الشاعر النفسي ، مؤكداً بذلك قول لكل ماله بداية فله نهاية
كم من مرةٍ
تقاسمنا الحلم َ بالعودة ِ
الى المرابع الاليفة
الى ربوع (بنت جبيل )
قاسم ماضي – ديترويت