أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قلعة شمع تسأل عن مصير هبة ٧٧٠ ألف يورو لترميمها

الخميس 01 كانون الثاني , 2009 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,807 زائر

قلعة شمع تسأل عن مصير هبة ٧٧٠ ألف يورو لترميمها
تحمل منطقة الجنوب بما تتضمن من مدن وقرى، واحدة من أهم الحقبات التاريخية التي مرت على العالم في فترة من التاريخ، وتترجم أهمية هذه الحقبة ومن شغلها بالاثار والقلاع التي خلفتها ورائها تاركة نموذجا من العراقة التاريخية والعمرانية، ما لبثت الايادي الاسرائيلية ان دمرت ما دمرته وقضت على معالمه، ومن ابرز هذه المعالم قلعة »شمع«.
تشغل قلعة شمع تلة مترامية الأطراف، وتشرف شرقاً على كل القرى والبلدات في قضائي صور وبنت جبيل، وتطل جنوباً على الساحل الفلسطيني، وشمالاً على الساحل اللبناني الممتد من صيدا شمالاً حتى صور جنوباً. وتستمد القلعة قيمتها من موقعها هذا، إذ بناها الصليبيون منذ نحو ألف عام، لتكون لهم عيناً على صور وكل منطقتها الجغرافية، فيما يعدها أبناء المنطقة والجوار من الأمكنة المقدسة التي يقصدونها، إما للتبرك أو لإيفاء النذور.
حرب تموز حولتها ركاما
ويمكن لزيارة خاطفة إلى قلعة شمع، في البلدة التي تحمل اسمها، المستمد من تخفيف اسم »شمعون الصفا«، صاحب المقام الشهير المجاور للقلعة، الوقوف على تفاصيلها التاريخية والهندسية. يظهر سريعاً فعل التخريب الإسرائيلي فيها، والدمار الجديد اللاحق بعقودها وقناطرها وأقبيتها وأجرانها، بعدما حوّلها الغزاة إلى موقع لهم يطل على فلسطين المحتلة، إبان الاحتلال المباشر، قبل العام ٢٠٠٠ وما لبث أن دمرها تدميرا كاملا في عدوان .٢٠٠٦ ويقول عالمون بوضع القلعة أن محطة الاحتلال الإسرائيلي التي استمرت قرابة ربع قرن كانت واحدة من أسوأ الفترات التي مرّت بها القلعة. وفي هذا الإطار يقول رئيس البلدية عبد القادر صفي الدين، »إن الاحتلال واتباعه قد عاثوا فيها فساداً وعملوا على تدميرها، بل إنهم فوق تعمدهم تنظيم المناورات العسكرية في محيطها، دمروا عدداً من حصونها الخارجية شمالاً وجنوباً وشرقاً، ولا تزال آثار تدميرهم بادية للعيان«. لكن الطامة الكبرى بالنسبة لميرة القلعة كانت في خلال حرب تموز الاخيرة التي قضت على المعالم الأساسية فيها بحيث اختفت تماما وتحولت إلى ركام.
٧٧٠ ألف يورو لإعمار القلعة
وأشار صفي الدين إلى أن دراسة ايطالية كانت قد أنجزت من قبل طلاب ايطاليون زاروا القلعة ووضعوا مشروعاً لإعادة البناء والترميم. وتبلغ تكلفة المرحلة الاولى حوالى المليون دولار. ووافقت الحكومة الايطالية على مضمون الدراسة ورصدت ٧٧٠ ألف يورو للمشروع، وتداولت بعض الصحف اللبنانية في الموضوع، وأكد ذلك مدير الآثار في الجنوب علي بدوي، لكن وحتى الآن لم تر البلدية أي شيء من المبلغ المرصود. ويعتبر صفي الدين بأن الأموال وصلت إلى الحكومة، آملا أن لا تتحول إلى مكان آخر كما حدث في أموال أخرى. وإذ أشارت البلدية، إلى عجزها المالي في الوقت الحاضر عن أي ترميم وتأهيل للقلعة، لفتت إلى محاولات عدة خلال السنوات الماضية لإدراج القلعة على لائحة المناطق الأثرية في المنظمة الدولية للتربية والثقافة والفنون »اليونسكو«، ولكنها باءت جميعاً بالفشل لعدم تمكن المعنيين من وضع الدراسات الميدانية والتفصيلية للقلعة. وينفي صفي الدين »وجود مراكز عسكرية أو أمنية تمنع محاولات التأهيل التي تتطلبها القلعة«. وفيما لفت رئيس البلدية نظر وزارتي الثقافة والسياحة إلى ضرورة إبلاء قلعة شمع الاهتمام الذي تستحق لإعادة ترميمها وتأهيلها، وضع إمكانات البلدية في تصرفها، وقال: »إن قلعة شمع تحفة أثرية لا في لبنان فقط، بل في المنطقة أيضاً« القلعة عنصر مهم في دعامة الارث الثقافي للمنطقة
ويشير إلى قيمة القلعة التاريخية مسؤول المناطق الأثرية في الجنوب المهندس علي بدوي: »تتميز القلعة بموقع استراتيجي ومشرف ويعود إلى القرن الثاني عشر ميلادي في فترة حروب الفرنجة (الصليبيين)، وأن آخر ترميم لها حدث منتصف القرن الثامن عشر في فترة حكم آل الصغير للمنطقة«.
وتحدث بدوي عن تدمير قلعة شمع بطريقة عنيفة في تموز وبعمق وعن حفرة أحدثها القصف بعمق١٧ مترا في الارض.
ويلفت إلى أن لدى مصلحة الآثار دراسات تاريخية وجغرافية تفصيلية وصور وخرائط تبين حجم الأضرار وطريقة العمل التي ستتبع ومنهجيتها فضلا عن وجود دراسة دقيقة لموضوع التأهيل بشكل يحافظ على أصالة القلعة وعدم طبعها بصبغة عمرانية حديثة.
وتمنى بدوي أن يكون عام ٢٠٠٩ ، عام ترجمة الهبة الايطالية على الأرض داعيا الدولة ووزارة السياحة إلى ضرورة التعاون لما تمثله المواقع الأثرية من عنصر مهم في دعامة المنطقة وارثها الثقافي، وإضافتها إلى خارطة المناطق السياحية والأثرية اللبنانية التي يجب أن تشمل مناطق الجنوب أيضا.
معلومات تاريخية
تقع القلعة على ارتفاع ٤٣٠ متراً وعلى مسافة ٢٥ كيلومترا جنوب شرق صور، ويشرح بدوي أن »القلعة تأخذ اسمها من اسم المقام الموجود داخل أسوارها، والمعروف بمقام النبي »شمع« او »شمعون الصفا« المدفون هناك منذ القرن الاول الميلادي«.وبنيت القلعة في القرن الثاني عشر على عهد الصليبيين. وفي أواخر القرن الثالث عشر سيطر عليها المماليك الذين أفقدوها أهميتها العسكرية فغرقت في النسيان حتى القرن الثامن عشر حين أصبحت من أملاك آل الصغير. وعام ١٩٩٠ دمر الإسرائيليون بوابتها التاريخية اضافة الى أجزاء منها، واتخذوها مركزا عسكريا لهم، ثم صبوا جام غضبهم عليها عام ٢٠٠٠ ثم في الـ.٢٠٠٦ والقلعة مقــمة بحســب بدوي الى أربعة أجزاء: الحصــن، المقام، المعصرة والقرية، وتزيــد الأخــيرة (القرية) أهمية القلــعة التاريخــية، إذ أنها موقــع أثــري يتــفاعل فيــه البشر مع الحجر.

 

Script executed in 0.20066499710083