أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

المباني تأكل المساحات الخضراء في الجنوب

الإثنين 04 كانون الثاني , 2016 08:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,314 زائر

المباني تأكل المساحات الخضراء في الجنوب

16 سنة من البناء غير المنظم، من دون رقيب أو حسيب، ومن دون أن تعمد البلديات الى وضع حد لحركة البناء التي قضت على المساحات الزراعية والطبيعية الخضراء.

يقول حيدر مواسي، رئيس بلدية عيترون ( قضاء بنت جبيل)، التي يعتاش معظم أبنائها من الزراعة ولا سيما زراعة التبغ، أن «انتشار المنازل بشكل عشوائي سوف يؤدي الى القضاء على الدواجن ومزارع الدجاج التي تعتاش منها عشرات الأسر لأن الأبنية السكنية باتت ملاصقة لأماكن تربية الدجاج والأغنام». يلفت الى أن «الأراضي الزراعية تقلصت كثيراً، من نحو 12 ألف دونم كانت تزرع بالتبغ الى حوالي 6 آلاف دونم، رغم أن 80% من أبناء البلدة يعتمدون بشكل كلّي أو جزئي على هذه الزراعة». يتحدث مواسي عن «صعوبة اقناع الأهالي بأي تصنيف للأراضي يمكن أن يحافظ على الأراضي الزراعية، لأنهم يعتقدون أن ثمن أراضيهم المصنّفة زراعياً سوف ينخفض سعرها بشكل كبير، بعكس أسعار الأراضي المصنفة للسكن». يشرح رئيس البلدية أن «عدد الأبنية في البلدة تضاعف بعد حرب تموز ليصل الى نحو 2200 مبنى سكني، اضافة الى 250 وحدة غير سكنية، أما المشاعات في البلدة فهي قليلة جداً، وقد عملت البلدية على تخصيص 10 آلاف متر مربع لانشاء حديقة عامة، بعدما استًثمر جزء منها لتشييد ملعب ومسبح كبيرين بسبب اختفاء الأماكن الطبيعية التي كانت ملاذ الأهالي للتنزه والترفيه». يعلن مواسي أن « فكرة انشاء مخطط توجيهي لتصنيف الأراضي في المنطقة سيكون من أولويات اتحاد بلديات بنت جبيل هذا العام، وسيترافق مع وضع خطة استراتيجية للحفاظ على ما تبقى من الأراضي الزراعية وتأمين الحاجة اللازمة للمياه، تسبقها حملة توعية للأهالي على أهمية تنظيم عملية البناء».

ما يحدث في عيترون يحصل في بلدات الخيام ورميش وعيتا الشعب الزراعية. يشكو المزارع حسن أيوب من «اكتساح المنازل سهل الخيام الوحيد في المنطقة والمعروف بخصوبة أراضيه، بعدما أصبحت بلدة الخيام مليئة بالمنازل، رغم أن معظم أبنائها مغتربون». منع هذا الأمر العديد من المزارعين من اعادة استثمار الأراضي الزراعية في السهل. كذلك يقول جورج الحاج (رميش) إن «أبناء البلدة باتوا يزرعون التبغ حول منازلهم بعدما اجتاح البناء معظم الأراضي». بلدية شقرا ودوبية تعمل على «انشاء حديقة عامة كبيرة تشبه حديقة مارون الرّاس، بعدما امتلأت أراضي البلدة بالمنازل واختفت معها المساحات الطبيعية».

في بلدة بنت جبيل، اختفت الأراضي الزراعية بالكامل بعدما تداخلت الأبنية السكنية بالقرى المجاورة رغم أنها البلدة الوحيدة في المنطقة التي جرى تصنيف أراضيها منذ عام 1969، بحسب رئيس بلديتها ونائب رئيس اتحاد بلديات بنت جبيل عفيف بزي.

يتهم المختار وحيد سعد مافيات المسح العقاري، التي وعد وزير المال بمحاسبتها، بالمساهمة في القضاء على مشاعات المنطقة. فقد أُوقفت عملية المسح في بعض البلدات، منها بنت جبيل، ما أدى إلى بروز سماسرة جدد يعملون على استحصال الافادات العقارية لأصحاب الأراضي مقابل آلاف الدولارات، كاشفاً أن «أحد أصحاب الأراضي دفع 4000 دولار اميركي للحصول على افادة عقارية، مطلوبة منه لانجاز رخصة البناء».

يرى سعد أن «تشريع بعض المساحين لمخالفات البناء مقابل حصولهم على الأموال، أبعد أصحاب العقارات عن اللجوء الى التنظيم المدني، حتى إن مندوب القاضي العقاري لدى المساحة، كان يوجه الأهالي الى دفع الأموال للمساح بدل العودة الى التنظيم المدني ودفع الرسوم المستحقة عليهم. ما يحدث الآن أن من يشتري أرضاً جرى مسحها، يلجأ الى المعنيين بالمسح فيدفع المال مقابل تمزيق محضر المسح السابق وانشاء محضر جديد يحمل الرقم نفسه».

الانجاز الوحيد الذي جرى على مستوى تصنيف الأراضي، هو ما لجأ اليه اتحاد بلديات جبل عامل بانشاء مخطط توجيهي لقرى وبلدات الاتحاد الـ 16 بتمويل مشترك بينه وبين الاتحاد الأوروبي. يقول رئيس الاتحاد علي الزين الذي كلّف «شركة من خارج المنطقة تنفيذ دراسة المشروع بعد تأمين المعلومات اللاّزمة من كل الجهات المعنية» إنه «جرت مناقشة المقترح النهائي والحصول على موافقة وزارة البيئة والتنظيم المدني». يشرح الزين أن «التصنيف لا يمنع السكن بشكل نهائي في كل المناطق، بل خفّض نسبة الاستثمار بحسب أهميتها الطبيعية والزراعية، بشكل لا تقل نسبة الاستثمار على 15% من مساحة الأرض، على أن تراعى مواصفات البناء المطلوبة مع التركيز على الابتعاد عن الأنهر وينابيع المياه ومنع قطع الأشجار».

يلفت الزين إلى أن « 85% من المنطقة الخضراء من محمية الحجير لا مجال للبناء فيها، أما المساحة الخاصة المتبقية فيسمح ببناء منازل تراثية تراعي خصوصية الوادي البيئية، على ألا تزيد نسبة الاستثمار على 15 %»، لكن نسبة الاستثمار هذه، بحسب الزين، «سوف ترتفع كثيراً في المساحة غير الخضراء، التي تقع بين بلدات شقرا وبرعشيت وميس الجبل»، وهو ما قد يعرضها لغزو البناء وامتداده بشكل لا يتناسب مع طبيعة الوادي.

داني الأمين

الأخبار - مجتمع واقتصاد

العدد ٢٧٧٩ الاثنين ٤ كانون الثاني ٢٠١٦

http://al-akhbar.com/node/249207

Script executed in 0.1770339012146