يمكن اعتباره وبدون مبالغة من أسوأ طرقات منطقة النبطية على الاطلاق، ويمكن ادخاله من بوابة السخرية كتاب "غينيس" لتاريخ طويل من الاهمال لحِقه، فلم تطله يد حكومية او حزبية. سُمح للحفر والاخاديد بالتغلغل داخل طريق تول، حيث يشهد الاهالي على ما يعتبرونه الطريق المقفل، الذي يسلك من أجل فساد الزعماء فقط.
رنا جوني
معاناة اهالي بلدة تول مع طرقاتهم، طويلة، فلم يشهدوا على تأهيلها يوماً، وانما زاد الطين بلة توسع المشاريع السكنية التي اضافت حفرا جديدة على تلك القائمة منذ زمن. معاناة تُضاف اليها مشاكل ترهل شبكة المياه والكهرباء والصرف الصحي، بحيث إزداد عديد سكانها ولم تتوسع الشبكات ما وضع "تول" تحت مجهر التقاعس الحكومي بامتياز، ويتوقع ابناؤها ان يهل الزفت قريبا لتبييض صفحة الزعيم على ابواب الانتخابات.
حلقة ارتباط
لم يشفع وجود مستشفى الشيخ راغب حرب ولا ثانوية الشهيد بلال فحص لهم، بتأهيل الطريق الذي يتفرع الى اكثر من محور ومنه تصل الى حاروف والدوير والنبطية. وبذلك يعد حلقة ارتباط مرورية مهمة ويضم منطقة "مصنفة" صناعيا تحوي عددا من المصانع الفريدة من نوعها، كمصنع تحويل عبوات البلاستيك الى مادة خام، وتحويل الاطارات الى بلاط ارصفة وزيت نفط، وغيرها من المصانع التي تنتظر كف يد الضرائب الحكومية عنها لتقف على قدم افكارها الصناعية بقوة.
على طريق تول باتجاه دوار حاروف، تعيش النكسة، تنفجر اعصابك غضبا، قبل ان تنفجر اطارات سيارتك، هنا يتبادر السؤال كيف يتحمل اصحاب المحال والمنازل وحتى العابرون مساوئ الطريق. تسأل كيف يعقل لسيارة اسعاف ان تمر وسط اخاديد وحفر الطريق، وكيف تعبر باصات المدارس باتجاه ثانوية الشهيد بلال فحص، وكلها اسئلة مشروعة تنتظر الاجابات. قبل عدة اسابيع استبشر الاهالي خيراً بالاعمال التي تجرى، ظنوا ان الزفت سيهل عمّا قريب، لكن ظنهم خاب ليتبين ان الحفريات تتعلق بمد كابل كهرباء لاحد النافذين فيما تغرق القرى بالظلمة جراء التقنين غير المبرر.
المدينة الصناعية
طفح كيل الاهالي، ضاقوا ذرعا بالحفر على طريق يعد من اكثر الطرق حيوية، يربط تول بالمدينة الصناعية، مستشفى الشيخ راغب حرب، ثانوية بلال فحص. بحسب الاهالي منذ عشر سنوات لم تمتد يد البلدية اليها، ولكنهم يدركون انها قد تنعم بالزفت على ابواب الانتخابات المقبلة، فزفت الطرقات مفتاح الانتخابات في القرى، يشترون عبره الاصوات، لا يدوم اكثر من ثلاثة اشهر ثم تعود الحفريات وتصليحات شبكة المياه والصرف الصحي،"لان العمل تجاري وانتخابي، لا يتم ضمن مواصفات الزفت العالمي بصيانة شبكة المياه والصرف الصحي ثم التزفيت نحن نسير بالمقلوب نزفت ثم نصلح" يقول محمد احد اصحاب المحال وهو يقف عند شرفة محل يتأمل السيارات كيف تصطادها الحفر، تسأله عن حال الطريق فيتفاجأ "عن اي طريق تتحدثين"، يدرك محمد ان التغيير الحقيقي يحتاج الى مطالبة من المواطن ولكن طالما كان مخدرا فلا امل في تأهيل حتى حفرة".
حالة استياء عارمة تسيطر على الاهالي الذين ملوا انتظار الزعيم ليتكرم عليهم بخدمة عامة وفق علي عبد العلي حرب " مش رح يزفتو الطريق من جيبتن، من جيبتنا من الضرايب، المشكلة مش طريق وزفت المشكلة فساد سياسي".
بلدية الكفور
تتبع تول اداريا لبلدية الكفور المنحلة، وتعد منطقة صناعية واقتصادية بامتياز، ومع ذلك لم تذق طعم الانماء منذ زمن وفق ما يؤكد اهلها، الذين يحملون المواطن نفسه المسؤولية لتغييب دوره في المحاسبة والمطالبة بحقوقه، وفق بشير معلم لحم "فان معاناتنا مع الطريق طويلة، يوجد صداقة عمر، لمين بدك تشكي للزعيم او للسياسي، شبعنا وعود كاذبة، نحن عوّدناهم عليها"، لايخفي شفيق انزعاجه من واقع الحال فالطريق مصيدة للسيارات، ارهقتها، صرنا بحاجة لسيارة اكتر من الطريق بسخرية يتناقل اهالي المحال الخبرية، تخيل ان تقود سيارة اسعاف وسط هكذا طريق اين الرأفة الانسانية يقول عبد حرب صاحب محل محاذٍ للمستشفي اذا لم يشعروا بنا فليشعروا بالمريض والجريح" قبل ان يردف ضاحكا "يلا قربت تنحل كم يوم بزفتوها تبيض صفحات انتخابية". لافتا الى ان " مراجعات كثير تمت بهذا الخصوص ولكن على من ترمي مزامير استيائك، لكن يبدو ان هناك بوادر زفت في الافق مصادر متابعة للموضوع اكدت ان هناك مساعي حثيثة تبذل لتأهيل طريق المستشفى اذ لم تعد سيارات الاسعاف قادرة على العبور اضف الى ذلك انه قد تنقلب وهي تنقل جريحًا، ولا يخفي المصدر ان محافظ النبطية القاضي محمود المولى وعد بتعبيدها في اسرع وقت ممكن كونه اصبح المرجعية لبلدية الكفور المنحلة".
موقف وليس شكوى
لا يخفي العابرون امتعاضهم، تأففهم يتحول نكد مواطن في وطن يحتاج الى موقف وليس شكوى، مشكلة المواطن انه لا يطالب بحقوقه رغم انه يدفع الضرائب، بحسب احدهم "كلنا نحتاج الى مصح نفسي للمعالجة من تسلط الزعيم الذي سرقنا، ادخلنا كومة "التطنيش"، التهميش، الزعيم الذي حوّلنا قطيعا يسوقه، نحتاج ان نتعلم كيف نصبح قادرين عن المواجهة ورفض القرارات المعلبة نحن لسنا علبة سردين".
بدأت معاناة تول مع طرقاتها قبل عشر سنوات، مطالبات بالجملة عرضوها على كافة المسؤولين، بلدية تول اغدقت الكثير من الوعود التي تبخرت مع رحيلها، فيما يضعها البعض في عهدة وزارة الاشغال العامة التي تشبه المي الطالعة وفق المواطن عباس ايوب "نريد حلا، نريد تأهيلا لا ترقيعًا، نرى اشغال اليوم، يريدون ترقيعها بزفت غير مطابق للمواصفات فيفرط عقده بعد اقل من شهر، المشكلة هنا بالصرف الصحي والكهرباء والمياه اي الطريق بحاجة الى اعادة انجاز من الالف للياء فلا يضحكوا علينا بفتات الزفت الانتخابي الذي سيعم كل الطرقات.
ارقام انتخابية
بين مطالبات المواطنين والسلطة وحدها الطريق الشاهد على الاهمال، أفليست الطرقات في جداول اعمال السياسيين وضمن اولوياتهم؟.
بحسب عباس ميداني صاحب أحد المتاجر في المنطقة، فان ثلاثة ارباع عائدات بلدية الكفور من تول ومع ذلك فلا يتم تقديم خدمات لهم بحسب ميداني، ويسأل "من يتحمل المسؤولية، فهل نحن المخطئون لمجرد انّه لا قيمة لنا، فبتنا مجرد ارقام انتخابية للزعماء الذين سيبدأون بالحضور وعرض الخدمات تمهيدا للمسابقة الانتخابية وندعو للاصلاح والتغيير، يجب ان نتعلم كيف نواجه قبل ان نعترض".
"ترك المسؤولون الشتاء حتى يطل وبدأوا بالحفريات هيدا شغل شو وين بيبعوه" هذا ما يبادر الى قوله محمد عبد الله ماروني، الذي يلفت الى انهم يضحكون علينا، المعالجة الحقيقية لها اصول ليست بالطريقة التي يعالجون فيها آفة كسرت السيارات والحقت الاضرار بها وحتى اثرت على حركة المحال".
في حين يرى رفيق شحرور انه ما حدا حاسبلنا حساب، لوين رايحين، ازمة الطرقات جزء من ازمة الفساد السياسي ونحن مسؤولون عنه، ما حدا فارقة معو معاناة المواطن، اكل الضرب، يجب قطع دابر الهدر وتأجيج الصورة كي تبدأ المعالجة، ولا يخفي شحرور امتعاضه من لامبالاة المسؤولين في التعاطي مع الامور الحياتية، يتركوننا ست سنوات بلا خدمات وقبل شهرين من الانتخابات تنفرج المشاريع الوجاهية لتبيض صفحاتهم الحق مش عليهن الحق ع يلي بصدقن".
وعود غبية
وحدها شكاوى المواطنين من حال الطريق تكشف فضيحة الدولة الغائبة عن السمع منذ فترة، تلك الدولة الذكية في توزيع الوعود يميناً وشمالاً، فلا يبقَى منها سوى ما يُترجم على الارض "عالوعد يا كمون". امّا المرحلة المقبلة، فستكون ذات عنوان آخر، بحيث يجب ان تكون اولى التعليمات التي تُعطى ضرورة أن يغطي الزفت كل الطرقات، وذلك كورقة انتخابية تُمارس قبل شهرين من موعد الانتخابات البلدية، فيصدق المثل القائل "زفت الطرقات وخود اصوات الناس".
رنا جوني- البلد