منذ نحو 12 عاماً، أعلن وزير الداخلية آنذاك إلياس المر، الأول من تموز، يوماً وطنياً للدفاع المدني، وطلب في حينه تثبيت متعاقدي الدفاع المدني، كون هذا الجهاز يرتبط ليس بالأمن فحسب، بل بقضايا السلامة العامة على أكثر من صعيد.
في العاشر من الشهر الماضي أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق «أن الحكومة أقرت المرسوم الأول المتعلق بتثبيت متطوعي الدفاع المدني». ليتردد لاحقا أن «قرار التثبيت يشمل فقط الأجراء والمتعاقدين».
لم ينصف هذا القرار متطوعي الدفاع المدني بعد عام 2000، لا سيما الجرحى منهم، ممن أصيبوا أثناء تأدية أعمال إغاثة وإنسانية خلال حرب تموز 2006. فضلاً عن التقصير تجاه «الجنود المجهولين» في الميدان، المسعفين.
انطلق حسن جبيبلي (مواليد 1968)، المسعف في الدفاع المدني في عملية لإغاثة ضحايا وجرحى «جسر الزهراني» ذات يوم من أيام حرب تموز 2006، ليتحول إلى الضحية إثر إغارة لطائرة استطلاع إسرائيلية معادية. بترت ساقاه وكادت تقطع يده، لكنه بقي على قيد الحياة بأعجوبة.
بحسرة، يروي حسن حكايته مع تجاهل الدولة «لمن كانوا يعززون صمود الجنوبيين ويبلسمون جراحهم،. وإذ بنا اليوم، نفاجأ كمتعاقدين جرحى ببرقية من العميد ريمون خطار تفيد بطلب إخراج قيد إفرادي من الأجراء والمتعاقدين حتى العام ٢٠٠٠. وبما أن تعاقدنا يعود إلى سنة 2007 بتنا خارج حكاية هذا التثبيت».
«يبدو أن ثمة مشكلة غير مفهومة المضمون، لدى مجلس الخدمة المدنية»، يتحدث عنها المسعف الجريح علي مسلماني، الذي كان يخدم في مركز صور لحظة إصابته. يقول: «إنها قضية غير منصفة بحق من قدم التضحيات علما أن لهم أحقية الدخول إلى ملاك الدولة من دون قرارات لأن المراسيم الاشتراعية والقوانين تحفظ هذا الحق، انتظرنا قرار التثبيت لسنوات طويلة، لكنني اليوم بقيت خارج الملاك الوظيفي، الذي هو حق شرعي لرجال وقفوا في الصفوف الأمامية إبان العدوان الإسرائيلي تلبية لنداء الواجب الإنساني».
يواجه كل من المسعفين الجرحى: حسن علي جبيبلي، علي حسين مسلماني، محمد حسن غزلة، مصطفى صفي الدين، محمد شكيب نحلة، (المتعاقدين لدى المديرية العامة للدفاع المدني استناداً إلى المرسوم الأشتراعي رقم 112 تاريخ 12/6/ 1959نظام الموظفين وتعديلاته بتاريخ 24/3/2007 استناداً إلى موافقة مجلس الوزراء رقم 9 تاريخ 2/10/2006 على التعاقد مع متطوعين في الدفاع المدني بسبب إصابتهم أثناء قيامهم بالواجب خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006)، أزمة تجاهلهم في مشروع التثبيت، لكن ما يحزنهم هو «أنه ليس هناك من يحفظ التضحيات».
يوضح المسعفون الجنوبيون الخمسة أنه في السابق تم تمرير قرار تثبيت أكثر من 22 مسعفاً على حسابهم من دون أن يسجل لهم أنهم جرحى، علما أن الإصابة كانت خلال مهمة رسمية من مديرية الدفاع المدني في سيارة إسعاف تابعة للمديرية. لكن لم يتم التعاقد معهم بعقد وظيفي ولم يتم اليوم إدخالهم إلى ملاك الدولة للاستفادة من العلاج.
يقول نحلة، الذي أصيب خلال عمليات إنقاذ في النبطية بقذيفة عنقودية، أدت إلى بتر ساقه إنه «تم التعاقد معنا في عقد وظيفي لم يلحظ في نصه أي ذكر للإصابة وملحقاتها. لذلك تم حرماننا من العلاج على نفقة الدولة، ومنا من بترت قدماه ويسير بواسطة أطراف اصطناعية، ويتحمل تكاليف صيانتها وتركيبها من جيبه وجيوب المحسنين، مع الإشارة إلى أن الضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة لا تتكفل في هكذا علاج تكاليفه باهظة، فيما ينص الفصل السابع للشؤون الصحية التابع لوزارة الداخلية التي نتبع لها كمديرية للدفاع المدني في مادته١٤٦ وما يليها من مواد، على حقنا في الشؤون الصحية والعلاجية وكل احتياجاتنا من طبابة جراء الإصابات. كما أن المرسوم الاشتراعي رقم ١٠٢ وتعديلاته يكفل حقنا في الدخول إلى الملاك الوظيفي بعد الإصابة خلال عمل التطوع».
بدوره، يعتب المسعف محمد حسن غزلة من مركز الصرفند، «على مديرية الدفاع المدني ووزارة الداخلية اللتين لم تكلفا نفسيهما حتى عناء إدخالنا إلى ملاك الدولة لكي نضمن حقوقنا الطبية والوظيفية وباقي العلاج». وكان محمد قد أصيب إصابة مباشرة لحظة وقوع الغارة الإسرائيلية على جسر الزهراني، عندما كان متوجها لإخلاء الجرحى، أدت إلى بتر رجله. يضيف: «كنت انتظر إنصافي اليوم في التثبيت ولا زلت على أمل إلحاقنا في تسوية معينة، كعربون وفاء من الدولة. فدينا بأرواحنا أرواح الآخرين وكان التثبيت سيشكل واحدا من أبسط الحقوق مقابل ما تحملناه من جراح».
خسارة المسعف علي صفي الدين من مركز صور« كانت كبيرة». يشرح بحزن وعتب تغيبهم عن قرار التثبيت «وعدم إدراجي مع رفاقي برغم ما لحق بنا. كنا نوزع المساعدات على النازحين، حين أغار الطيران الحربي. وأصاب مركز الدفاع المدني. استشهدت ابنتي وأصيبت زوجتي إصابة خطرة وأصبت أنا إصابات عدة في جسدي، ليتبين اليوم أننا خارج القرار، لكننا لن نسكت على هذا الظلم».
يطلق المسعفون الجرحى «صرخة حق» موجهة إلى الرئيس نبيه بري ووزير الصحة وائل أبو فاعور والمعنيين «لتسوية أوضاعنا بقرار منصف في وجه من ظلمنا». ويعدون باعتماد تحركات تصعيدية «إذا لم يستجب أحد لمطلبنا».
هبة دنش - السفير
http://mobile.assafir.com/Article/176/479033