بمناسبة مرور اسبوع على وفاة المرحوم السيد حسن السيد احمد جمعة والمرحوم السيد ناجي السيد عبد بيضون أقامت الجالية اللبنانية إحتفال تأبيني حاشد في المجمع الاسلامي الثقافي في مدينة ديربورن في ولاية ميشيغن الامريكية.
عرّف الحفل الحاج غازي بيضون وافتتح العزاء بعشر من الذكر الحكيم تلاها المقرئ الشيخ يوسف ياسين. ثم ألقى الشاعر نبيل حمود قصيدة من وحي المناسبة. و ألقى السيد محمد جمعة كلمة رثائية لأخيه المرحوم السيد حسن، روى فيها سيرته الحميدة.
ثم ألقى سماحة العلامة المرجع الشيخ عبداللطيف بري كلمة من وحي المناسبة تطرّق فيها إلى سيرة المرحوم السيد جمعة. كما توجّه أحمد جمعة بكلمة رثاء باللغة الانكليزية لروح والده المرحوم السيد جمعة.
و اختتم العزاء بمجلس عاشورائي تلاه سماحة الشيخ محمد مال الله.
كلمة السيد محمد السيد احمد جمعة أخ الفقيد:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
"قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ"
"جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ"
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين، خاتم النبيين، سيدنا وقائدنا ومعلمنا أبا القاسم محمد بن عبدالله وعلى آل بيته الطيبين الأطهار الميامين، والتابعين لهم بإحسان الى قيام يوم الدين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين..
رحم الله المرحوم السيد عبد اللطيف جمعة إبن عمنا أبا شادي
رحم الله المرحوم السيد ناجي السيد عبد بيضون
رحم الله المرحوم السيد حسن جمعة أبا علي
سماحة العلامة المرجع الشيخ عبد اللطيف بري
أصحاب السماحة، العلماء الأعلام الذين أضافوا إلى مجلسنا هيبة ووقارا وحكمة
أيها الأخوة والأخوات إسمحوا لي أن أحكي لكم حكاية حسن ومن منكم لا يعرف حكاية حسن، رحم الله حسن وأطال بعمر حسن...
فمنذ شهرين إلا، فقدنا أخي عبدالله رحمه الله، ومنذ اسبوعين إلا فقدنا ابن عمي عبداللطيف أبو شادي رحمه الله.
سعى أخي حسن مع أخيه السيد قاسم زريق ليكون اسبوع أبا شادي مع أربعين السيد أبا قاسم رحهمها الله وكان له ذلك، ولكن في يوم اسبوع ابا شادي وابا قاسم كان حسن مسجى في هذه القاعة فكان يوم ولا أقسى ولم يكن منا الا الرضا والتسليم
فكرت لبرهة لو أن الآية قلبت ورحت ادور على دياركم أطرق أبوابكم وأعزيكم بحسن، أليس هو أخيكم كما هو أخي
وهذا صدقا ما أحسست به كلما صافحت يدا كريمة مدت إلي لتعزيني بدليل الدمعة التي كانت تفر من عين صاحبها كما تفر من عيني
حسن هذا أخا استثنائيا بكافة المقاييس
في هذا الزمن الصعب حيث تلاشت القيم وطغت المادة أما عند حسن فكانت الحسابات مختلفة، كان الكرم بحد ذاته... صاحب الرأي السديد لا يماري ولا يخاف في الحق لومة لائم، بيته مفتوح، مائدته مبسوطة، عفيف النفس عزيزها... لا يقبل اللوم او الهوان، حكيم الرأي، حلال المشاكل المعقدة، بلغ من عزة نفسه وأنفته أن سدد كافة مستلزمات وفاته في حياته، موصيا زوجته وأولاده بعدم رضاه بتحمل أي كلفة حتى ولو منهم بعد وفاته والحاج علي حميد شاهد حي، وعلى ذلك شهيد وبعد رفض العزيز الحاج علي بدفع التكاليف سلفا بحجة أن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى، ذهب مع ابنته زينب إلى البنك وأودع المبلغ المطلوب موصيا إياها أن لا يصرف قرشا عليه إلا من حسابه.
وكان منزله محطة إلزامية لكل أخ وضيف وقادم، ففيه الإستقبال على الرحب والسعى وفيه الإقامة الهنيئة التي تمتد لأيام وشهور وسنين، أعلم أن هذا لا يصدق في هذه الأيام ولكن صدقوني هذا حصل فعلا في منزل حسن، فأنا نفسي كنت ضيفا شهرا في كل سنة ومنا من كان ضيفا لشهور ومنا من كان ضيفا لسنوات وأنا أعني ما أقول، يكفي أن أمنا رحمها الله عاشت لسنوات في بيته، وأمه الثانية لسنين أيضا مع ما يتطلب وضعهما من عناية فائقة
طبعا هذا لم يكن ليتم لولا سيدة محترمة، سيدة بنكهة الجنة هي السيدة أم علي الصابرة المحتسبة أطال الله بعمرها لتكمل الدرب مع الأولاد والأحفاد والأعزة
ألم أقل لكم ان حسنا هذا هو أخ إستثنائي، وها قد رحل حسن والذي مات في حياته مرتين
فمنذ 22 سنة وهو في مستشفى هنري فورد يخضع لعملية قلب مفتوح إستمرت لست ساعات،
" قفصه الصدري "
وبعد إستبدال الشرايين وإعادة القلب إلى مكانه توقف النبض وعمل الطبيب كل ما بوسعه لإنعاشه ولم يفلح، فتركه مفتوحا وخرج من غرفة العمليات الى حيث العائلة ليخبرهم أن القلب الكبير لم يعد الى الحياة وطلب رأي العائلة، هل يقفل الصدر ويعلن الوفاة أم ينتظر، وتركهم يتشاورون، وعاد إلى غرفة العمليات ليذهل بهول المفاجأة لقد أعاد الله الحياة الى القلب المتعب ليخرج الطبيب ويزف البشرى للعائلة المصدومة بعد أن قال : "He came back" “He came back”
ولم يدري الطبيب يومها سر هذه المعجزة، لكن حسن روى لنا ما جرى أثناء الميتة الأولى، فقد رأى النفق الطويل المظلم والذي في نهايته نور باهرورأى أرواح والديه وأعزائه على شكل طيور في سقف الغرفة وحاورهم وحاوروه وطلبوا منه اللحاق ولكن أشخاصا هيئتهم نورانية مروا عليه ولامسوه وأخبروه بأن موعد الأفول لم يحن، ومنذ أسبوع رحل حسن دون سابق إنذار، ذهب كما النسمة، لم تكد تشعر بها وتسعد بلطافتها، حتى تذهب، لم يكن مريضا حينها ولم يشكوا من شيء وكنا على مائدته كما العادة نحن وصديق عزيز مساءً وفجعنا برحيله صباحا وكم كان قاسيا ذلك الصباح، ولكن لا نملك إلا الرضا والتسليم...
مصداقا لقوله تعالى " إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"
وأخيرا، شكرنا الجزيل للأخوة والأخوات الذين فجعوا بحسن كما فجعنا، وشكرنا لكل الذين واسونا بوفاة ابن عمنا عبد اللطيف جمعة، والشكر الجزيل للذين واسوا آل بيضون بفقيدهم الكريم السيد ناجي السيد عبد بيضون ...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
اسماعيل جمعة - بنت جبيل.أورغ