من المقرر ان تشهد مدينة صيدا اليوم حدثا بيئيا انمائيا حيويا يتمثل بافتتاح اول حديقة عامة في المدينة. اهمية هذا الحدث ان تلك الحديقة اقيمت فوق ما كان يعرف بجبل النفايات في المدينة وبقي جاثما فوق ارضها طيلة 35 عاما.
مع افتتاح الحديقة رسميا اليوم ووضعها بتصرف ابناء المدينة ومنطقتها وفتحها للعموم... قد يعاد معه فتح السجال من جديد في صيدا حول الطريقة التي اعتمدت انمائيا وبيئيا والكلفة العالية التي انفقت للتخلص من مكب جبل نفايات صيدا (أكثر من 25 مليون دولار اميركي)، واقامة الحديقة هناك. وذلك من جانب القوى الصيداوية التي قررت خوض غمار الانتخابات البلدية بمواجهة القوى التي رشحت او تلك التي تبنت ترشيح الرئيس الحالي للبلدية محمد السعودي لولاية ثانية.
هناك أيضا في المدينة من يعتبر أن «الحديقة العامة» انجاز إنمائي بيئي حلمت به صيدا وتحقق، وان ذاك الكلام وتلك الإثارة اليوم عن الكلفة اللذين اعتمدا باتا من الماضي، بغض النظر عن الطريقة والآليات التي اعتمدت لإزالته وما إذا كانت وفق الاصول البيئية المعتمدة ام لا وتكلفتها العالية. وان بت هذه المسائل متروك للخبراء البيئيين.
تبلغ مساحة الحديقة الإجمالية نحو 100 ألف متر مربع. وسيتم استخدامها كاملة على مرحلتين، الاولى التي ستفتتح اليوم وأطلق عليها تسمية «حديقة محمد السعودي» (اسم الرئيس الحالي للبلدية) ومساحتها نحو 35 ألف متر مربع، اما المرحلة الثانية من الحديقة فستنجز بعد مرور ما بين 8 الى 10 سنوات، بضم الارض المتبقية المخصصة للحديقة من جبل نفايات صيدا الذي كان ارتفاعه 58 مترا عن سطح البحر، وقد أصبح الآن مطمرا صحيا ومساحتها 65000 ألف متر مربع وبات ارتفاعها اليوم من جهة الطريق المؤدية الى سينيق 8 أمتار ومن جهة البحر نحو 12 مترا. تقوم تلك الارض من الحديقة فوق «المطمر الصحي» المقفل والملاصق للحديقة الحالية والناجم عن مشروع إعادة تأهيل ومعالجة مكب نفايات صيدا.
اما هذه المدة من السنوات التي اعتمدت لاقفاله لتضم بعدها الى الحديقة العامة لاحقا، وفق ما يشير رئيس البلدية محمد السعودي فهي «حتى يتلاشى أي ضرر بيئي منها وفق المعايير والمواصفات التي اعتمدت للتخلص من النفايات بعد ان غلفت ارضها وعزلت بـ «حصيرة من المطاط « من الجوانب وكذلك من السطح، وتم فردها على شكل طبقات بعد فرز نفايات الجبل عن التراب وتكونت طبقات من رمل ونفايات وتم نشر الحصى الصغيرة في آخر طبقة على سطح هذه المساحة. ومن ثم فرش المسطح بنوع من الحشيش أو العشب (الغازون الأخضر الصناعي)، وبعد انقضاء هذه المدة، عندها سيتم ضم هذا المطمر إلى الحديقة العامة، لتصبح مساحتها 100 ألف متر مربع.
اما بالنسبة لمواصفات الحديقة العامة التي ستفتتح اليوم، فيصفها السعودي بانها ستكون الأولى من نوعها في لبنان والتي تم توثيق مكوناتها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
فتصميمها يحتوي على ارتفاعات مختلفة تتراوح بين 6 أمتار و11 مترا ونصف المتر. وأعلى نقطة هي منطقة العلم (11.5 م) منطقة كاشفة ومطلة على البحر، ومكونة ايضا من تلة الزهور ومنطقة ألعاب الأطفال ومسرح مكشوف للمناسبات على الطراز الروماني ومناطق مظللة بالعريشة، مع أكثر من منطقة للجلوس والاستراحة تحت ظلال العريشة.
مساحة عشبية خضراء مساحتها 8000 متر مربع وتوزيع مقاعد خشبية في مختلف ارجاء الحديقة. ممشى وطرقات للركض والرياضة والمشي بطول أكثر من كيلومتر واحد تمر على كل المناطق المختلفة بالحديقة وتصلها ببعضها البعض (منطقة العلم، منطقة النزهات، ألعاب الأطفال، المسرح...). كما تضم الحديقة 286 شجرة و10452 شتلة.
المساحة المتبقية من كامل الارض (وهي الـ 550,000 الف متر مربع) اي الـ450,000 الف متر مربع بعد اقتطاع مساحة المطمر الصحي والحديقة العامة سوف يتم ردمها، وقد وجهت بلدية صيدا رسالة الى مجلس الوزراء لردم هذه المساحة اي البركة من مخلفات عدوان تموز 2006 الموجودة في الجية. كما وجهت رسالة الى وزير الاشغال لتسجيل كامل هذه المساحة (550,000 متر مربع) باسم بلدية صيدا كونها تابعة الى الاملاك البحرية ووزارة الاشغال وذلك من اجل استخدامها بمشاريع انمائية حيوية وبيئية تعود بالفائدة على عموم اهالي صيدا.
روائح كريهة
لكن في المقلب الآخر من المدينة حيث الاهالي يعانون اشد انواع المعاناة، هناك روائح كريهة للغاية تهب في محيط الحديقة العامة وحولها، حسب اتجاهات الريح. فمن جهة الحديقة الشمالية ما زالت المدينة تواجه مشكلة بيئية تتعلق بموضوع الدباغات المعدة لصناعة وتجارة الجلود ومكانها الحالي ملاصق للحديقة وللمطمر الصحي معا وتنبعث منها تلك الروائح.
اما من جهة جنوب الحديقة فحدث ولا حرج حيث البحيرة - البركة المقفلة من كل الجهات وتحولت الى مياه آسنة اضافة الى ان مجرورا صحيا او أكثر ما زال يصب فيها. وان كانت هذه البركة بعيدة نوعا ما عن الحديقة، الا ان الروائح الكريهة تنبعث منها ايضا مع الحشرات والبعوض، عدا النفايات التي طمرت في تلك البحيرة او التي استقدمت من خارج المدينة وطمرت فيها او التي تخرج من معمل الفرز والمعالجة الى البركة وتطمر مباشرة دون فرز او معالجة، عدا عن الروائح المنبعثة اصلا جنوب المدينة من معمل النفايات ومن محطة تكرير مياه المجاري المجاورة لسينيق!
محمد صالح
السفير بتاريخ 2016-04-21 على الصفحة رقم 4 – محليّات
http://assafir.com/Article/489157