أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لبنانيو بلغاريا بعد التحول

الإثنين 06 حزيران , 2016 08:41 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 36,511 زائر

لبنانيو بلغاريا بعد التحول

واجهت بلغاريا العام 96 ازمة اقتصادية ادت الى استقالة الحكومة الاشتراكية وفوز اليمين عام 97 بالحكم محاولا اصلاح الامور خلال 4 اعوام ومحولا الاقتصاد الى النظام الحر، الا ان ازمة 96 اغرقت البلاد في ازمة مالية كبيرة ووصل التضخم الى 250%.
ولم تفلح الحكومة في معالجة الوضع آنذاك، اذ اغلقت العديد من المؤسسات الاجنبية ووجد الكثير من الناس انفسهم بلا عمل ليبدأ عصر الخصخصة والتحول من النظام الاشتراكي وانتقال البلاد الى النظام الحر والانضمام الى حلف شمال الاطلسي ولتصبح عضوا في الاتحاد الاوروبي.
من ناحية اخرى، وفي ظل احتدام المعارك والحرب اللبنانية المشتعلة لم يكن خيار العودة سهلا امام الطلاب اللبنانيين رغم الاوضاع الصعبة التي عاشتها بلغاريا وبدء التحول من نظام اشتراكي الى نظام ليبرالي رأسمالي، فعمل الكثير منهم في التجارة والاستيراد والتصدير، وقد تحول العديد منهم عن اختصاصه الاصلي الى التجارة على انواعها محاولين الاستفادة من انفتاح بلغاريا على الاسواق الاوروبية والعالمية، فيما عمل القليل منهم في مهنته واختصاصه الاساسيين.
في تلك الفترة، استقطبت بلغاريا اعدادا جديدة من اللبنانيين الذين اتوا اليها مباشرة او عبر قبرص فكانت بوابتهم من والى اوروبا الشرقية،
فشهد العام 98 تدفقاً من رجال الاعمال اللبنانيين الذين اسسوا شركات وانخرطوا في الانشطة التجارية. وقد كان انفتاح السوق اقتصاديا عاملا مشجعا اذ وصل عددهم في العام 94 الى ثلاثة آلاف لبناني عملوا في مجال الصناعات الغذائية والصناعات الورقية والكيماوية والمشروبات الروحية. كما عمل الكثير منهم في مجال التجارة والاستيراد بسبب حاجة السوق آنذاك الى كل انواع البضائع، فيما نشط البعض الآخر في المجال السياحي لا سيما في المناطق التي تقع على البحر الاسود كـ «فارنا وبورغاس» وغيرها، وقد استثمروا ايضا في مجال الفنادق والمطاعم، فكان حضورهم بناء ومندمجا كليا مع المجتمع البلغاري: يحترم القوانين ويساهم في دفع عجلة الاقتصاد المحلي. وقد برز منهم المهندس والطبيب والصحافي والصناعي وتفوق عدد منهم اكاديميا مثل البروفسور الدكتور خضر فقيه ابن بلدة الريحان في جنوب لبنان الاخصائي في جراحة الوجه والتقويم والذي يحظى باحترام وتقدير، ليس فقط من الجالية وحسب، انما من الدولة البلغارية بما حققه من نجاحات وخدمات للبلد على المستوى الاكاديمي، وهو اليوم استاذ جامعي في كلية الطب يمثل بلغاريا في العديد من المؤتمرات العلمية وقد تخرج بإشرافه مئات الطلاب والاطباء وما زال يمارس الطب ويحقق النجاح تلو الآخر.
كما برز العديد من الشخصيات الاقتصادية على غرار رجل الاعمال والصناعي اللبناني عبد الكريم حسون في اسينوغراد والحاصل على الجنسية البلغارية بمرسوم خاص من رئيس الجمهورية البلغاري بسبب مساهمته في دعم عجلة الاقتصاد البلغاري واستثماراته بملايين الدولارات في مجال الصناعات الكبرى.

اندماج اللبنانيين في المجتمع البلغاري
يعلم اللبنانيون في بلغاريا ان مستقبلهم ومستقبل اولادهم مرتبط بمستقبل البلد وامنه، وقد سعواالى ايجابية حضورهم من خلال تفاعلهم مع المجتمع البلغاري. لهذا ساهمت الجالية اللبنانية في مختلف الانشطة الاجتماعية والانسانية، وكانت سباقة في تقديم المساعدات والاعانات لاقاليم فقيرة جدا في بلغاريا حين تعرضها لكوارث طبيعية، اذ كانت الجالية اللبنانية ترسل اعانات لتلك الاقاليم في اطار التضامن الإنساني والاندماج في المجتمع الذي احتضنهم.
بالرغم من تخبط الوطن وتعثره ومروره بالكثير من الاهتزازات السياسية التي انعكست سلبا» على اللبنانيين في الخارج، وبالرغم من حجمها الصغير وامكاناتها المتواضعة، حافظت الجالية اللبنانية وبالمقارنة مع الجاليات الاخرى على وحدتها واستطاعت تقديم صورة ايجابية عن لبنان رغم المقاطعين والمبتعدين «طوعا» من بعض اللبنانيين هناك بسبب أهواء سياسية مختلفة! فاللبنانيون هنا يحملون رقيا مرتفعا عن الانشقاقات والغريزية والتباينات الموجودة داخل الوطن او اقليميا.

تضاؤل الحضور اللبناني
لم يعد الوضع في بلغاريا حاليا كما كان عليه في السابق. فقد عرفت مرحلة التسعينيات بأنها الفترة الذهبية للوجود اللبناني الذي تضاءل في السنوات الأخيرة حتى وصل الى حوالي 600 وهو العدد الاقل للجالية منذ تاريخ وجودها في البلاد وذلك بسبب الركود الاقتصادي لبلغاريا ومنطقة البلقان بشكل عام، ما اثر على الحركة التجارية لهؤلاء. وقد ساهم دخول شركات كبيرة الى السوق البلغارية كما قدوم شركات من شرق آسيا وسيطرتها على السوق بنسبة كبيرة في جعل عدد من اللبنانيين يقفلون شركاتهم وينتقلون الى بلدان مجاورة كرومانيا وتشيكيا وصربيا وكازاخستان وغيرها، فيما عمل البعض على تغيير نوعية تجارته او الانتقال الى اماكن اخرى، كما عاد الكثير منهم الى الوطن بعد ان اكتفوا بما حققوه من ارباح خلال فترة التحول دون اغفال النفوذ، والسيطرة الاقتصادية لبعض رؤوس الاموال الإسرائيلية في بلغاريا كما في اوروبا الشرقية في مجالات التكنولوجيا والسياحة والمراكز التجارية الكبرى، ما يفتح الباب على منافسات وحروب اخرى لم يعد الكثير من اللبنانيين راغباً بها.

ريميال نعمة  - السفير 

نشر هذا المقال في جريدة السفير بتاريخ 2016-04-30 على الصفحة رقم 21 – السفير الاغترابي-بلغاريا

 

Script executed in 0.20242190361023