الطالبة اللبنانية زهراء نايف كريم، 22 سنة، عمر حافل من التفوق، منذ ايام المدرسة، حيث اجتازت السنوات الدراسية في دبي وبيروت بأعلى المعدلات والتقديرات.
بعد التحضّر في جامعة LAU، والجامعة الاميركية AUB في بيروت بمعدلات GPA ما بين 3.9 الى 4.0، وهو اعلى معدّل ممكن، حطّت زهراء رحال التفوق منذ العام 2014 في جامعة STONY BROOK في نيويورك، في الولايات المتحدة الاميركية، الجامعة المعروفة بأنها من الجامعات الاولى في العالم، والتي تمتاز بصرامتها في اختيار طلاب متفوقين في مدارسهم.
مؤخرا، حصلت زهراء اثناء تخرّجها كمهندسة كهرباء على تكريم من قبل الجامعة، بسبب تفوقها ونيلها أعلى العلامات في كلية هندسة الكهرباء في الجامعة.
في مداخلة مع موقع "حياة جميلة" عبر الهاتف، قالت زهراء انها اختارت هندسة الكهرباء لأنها كانت تخشى وضع شريط الكهرباء في القابس، ولا تفهم شيئا عن هذا المجال الذي يبدو محفّزاً للتحدي، خاصة كونه اختصاص صعب من جهة، وكونها انثى من جهة اخرى، في اختصاص يعدّ حكرا على الرجال، هذا ما شجعها على خوض غمار هذا العالم المعقّد المليء بالتفاصيل.
وكرّمت زهراء مرتين خلال سنتين في الجامعة بجائزة outstanding academic achievement على التوالي، اضافة الى جائزة Armstrong memorial research foundation وجوائز اخرى ومنح دراسية. واختيرت لتكون نائبة رئيسhonor society of IEEE (institute of electrical and electronics engineers) في جامعة ستوني بروك. ثم رئيسة للعام 2015-2016. كما حصلت على جائزة Award for academic Excellence التي تمنح لطالب واحد متخرّج مميز من بين كل المتخرّجين. وحصلت في اخر معدّل GPA كما يبدو في الفيديو المرافق
اشتركت زهراء في عدد من المناقشات في جامعتها، وجامعات اميركية في ولايات اخرى، كما اشتركت في عدّة ورش العمل منها ما هو ذات طابع خيري، وغيرها ذات طابع عملي. ولقد اختيرت لتكون سفيرة الطلاب الدوليين (الاجانب) في جامعة ستوني بروك.
ونالت توصية اساتذة الجامعة للحصول على منح، وذكر أحد الاساتذة بان زهراء كريم هي من أكثر الطلاب المثيرين للاعجاب في تاريخ تعليمه في "ستوني بروك". اما في حفل التخرّج فلقد اختارت كلية هندسة الكهرباء الطالبة اللبنانية زهراء كريم ليكرمها بناء على انجازاتها ونشاطها وتفوقها. ومن الجدير ذكره ان عدد الاناث في اثناء التخرج لا يتجاوز الـ5% من مجمل الطلاب.
واخر المشاريع التي عملت عليها زهراء كان مشروعا رائعا، عملت فيه مع الطالبين جوردن شولمان وثيودور غرايفيز مع الجامعة، حيث طلب العالم الفيزيائي د. هيليو تاكاي الذي يدرس الكوزميك رايز اي الاشعة الكونية التي تؤثر على الغلاف الجوي، جهازا لاستكمال ابحاثه في هذا المجال. وتجدر الاشارة ان العلماء ما زالوا يدرسون هذه الاشعة وتأثيرها على حياة البشر وعلى الالات.
عمل الفريق المكوّن من زهراء وزميليها على اختراع الة، وهي عبارة عن دائرة كهربائية وسمي المشروع Ardunio shield for elementary particle detection، وهو جهاز يهدف لقياس قوة الاشعة الكونية، ولأخذ رسوم بيانية، وداتا معلومات تساعد على دراسة هذه الاشعة.
تقول زهراء: "عملنا على تفاصيل صغيرة خلال عام لتصميم هذا الجهاز ليكون دقيقا وفعالا. وما زلنا نعمل على تطويره لنسجله باسمي واسم الفريق في نهاية هذا العام".
تضيف: "لم نكتفِ بالشق النظري في تصميم الجهاز، بل ادخلناه في طور التصنيع، ونجحنا في تشغيله والحصول على داتا معلومات، وسجلناها. واختارتنا الجامعة للتعريف بهذا الجهاز في مؤتمرين في اميركا، مثلنا فيهما قسم هندسة الكهرباء من جامعة ستوني بروك".
عن حياتها في اميركا، والتحديات التي واجهتها كفتاة عربية تفوقت على شبان من جنسيات متعددة في جامعتها، تقول زهراء: "ان الانثى التى تضع طاقتها في خدمة العلم تجد فرصا كثيرة، وكل ما عليها البدء بالخطوة الاولى باصرار في سبيل نجاحها. خاصة في اختصاص لا يُعدّ مقبولا للفتيات، حيث الصدمة ترتسم على وجه كل مَن يعرف ان اختصاصي هو هندسة الكهرباء، ويزداد التعجّب عندما يعرفون انني الاولى في صفّي. لكن اعتقد ان هذه الصدمة ايجابية، اذ استطعت تغيير النظرة السائدة لقدرة الفتاة وذكائها".
وتضيف: "انصح كل فتاة الا تفكّر بأن قدراتها اقل من الرجل، وهي تستطيع وضع طاقتها وشغفها لتحقيق ما تصبو اليه. لم اشعر يوما انني اقل من اي شاب في هندسة الكهرباء، بل اعتبرت نفسي منافِسة قوية أستطيع اثبات قدرتي وذاتي. واثبتُّ لجامعتي ان الفتاة العربية التي لديها طموح واهداف قادرة ان تصل اليها رغم الغربة والوحدة".
عن الغربة تقول: "ان الغربة تبدأ صعبة جدا، ففي حالتي لم يكن لدي اقارب او اصدقاء، اتيت الى مكان لا اعرف عنه شيئا، تعوّدت على الامر. وكان قراري ان اكون من اوائل الطلاب في الجامعة، لأرفع رأس أبي اولا الذي وضع ثقته بي وبذكائي، ووفر كل ما يلزم لأحقق نجاحي وحلمي، وكان الداعم الاول لحلمي وارادتي وآمن بقدرتي، وكذلك لأرفع اسم عائلتي ووطني لبنان. ولأثبت لكل العالم ان الفتاة العربية قادرة ان تسافر وحدها، وتقيم في الخارج، وان تكون مثل الشاب وربما اقوى منه في المجال الذي تحبه بعقلها وقلبها. وبوصولي الى هدفي الاول الذي عملت عليه بكل جهدي، اتمنى أن اكون بدأت ازيل من عقول الناس الشك حول قدرة المرأة العربية، وانمنى ألا يستخفّون بذكائها واصرارها".
اما عن التحديات التي واجهتها كفتاة عربية في نيويورك تقول زهراء: "كان التحدي الاول عدم وجود اهلي، ولا اي دعم. اشتقت لحنان العائلة الذي عوّضته باصراري على رفع رأس عائلتي التي عملت المستحيل لتجعلني أصل لهدفي. فكان هذا الدافع يجعلني اركز على ما اريد ان احقق، اكثر من التركيز على ما فقدته من دفء العائلة. ومن التحديات ايضا رفاق السوء الذين يظهرون في الدرب، ولكن التربية التي تنشأ عليها الفتاة تجعلها قادرة على تحصين نفسها، وسلوك الدرب الصحيح. ولقد عانيت من قلة النوم بسبب الدرس الدائم، والعمل في مختبر الابحاث الذي كنت اقضي فيه أكثر من 11 ساعة متواصلة خاصة اثناء العمل على تطوير الجهاز، وغالبا ما كنت أحظى باربع ساعات نوم في اليوم فقط، خاصة ايام الامتحانات. تخطيت كل ما مررت به بالتركيز على هدفي الاساسي الذي اتيت من اجله."
وفي نهايه الحديث اخبرتنا زهراء انها وبعد التدريب في الجامعة، والعمل أكثر على تطوير جهاز تعقب وقياس الاشعة الكونية، ستكمل دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في هندسة الكهرباء.
هلا الخطيبة
www.hayatjamila.com