بلغ موسم الصيف ذروته، والأيام الشديدة الحرارة قد تعرّض بعض الأشخاص للإغماء. ما أسبابه، وكيف يجب التعامل معه، ومتى يستدعي إستشارة الطبيب؟ الإغماء عبارة عن فقدان الوعي لفترة وجيزة جداً بسبب نقص تدفق الدم إلى الدماغ. يمكن أن يطاول أيّ شخص، وهو شائع جداً. يقدّر العلماء أنّ ما بين 15 إلى 39 في المئة من الأشخاص في أيّ مكان سيُصابون بهذه الوعكة أقلّه مرّة واحدة في حياتهم، والناس الذين يأخذون بعض الأدوية قد يكونون أكثر عرضة للدوخة، والضعف، وبالتالي فقدان الوعي. فضلاً عن أنّ البعض قد يتعرّض أكثر للإغماء لأسباب وراثية.
يمكن لفقدان الوعي أن يحصل نتيجة مجموعة واسعة من الحالات المختلفة، لكنه عموماً يزول من تلقاء نفسه من دون أن يُلحق الضرر بصاحبه. إعلموا أنه قد يُغمى عليكم بسبب:
الجفاف
بما أنّ فقدان الوعي يحدث نتيجة نقص تدفق الدم إلى الدماغ، يمكن للجفاف أن يرفع خطر معاناة هذه المشكلة بما أنه يخفّض كمية الدم، ما يقلّص معدل ضغط الدم. لتفادي الجفاف في فصل الصيف، إشربوا جرعات جيّدة من المياه وسيطروا على عدد كؤوس الكحول لأنها تُصيب الجسم بجفاف إضافي، ولذلك فإنّ كثرتها إلى جانب التعرّض للشمس يشكّلان مزيجاً قوياً للإغماء.
الوقوف كثيراً
في كلّ موسم زفاف تنتشر الأخبار المتعلّقة بإغماء إشبينة العروس. في حين أنّ الأمر قد يرجع إلى الجفاف، إلّا أنّ الواقع يُشير إلى أنها تقف دون حراك لوقت طويل، ما يدفع الدم إلى التجمّع في الساقين والقدمين ويُبعده من الدماغ. يُنصح بتحريك أصابع القدمين، وثني عضلات الساق، والتحرّك قليلاً عند الإضطرار إلى الوقوف لساعات طويلة.
رؤية شيء مُزعج
بالنسبة إلى بعض الأشخاص فإنّ رؤية شيء مزعج جداً، كالدم، هو كافٍ للتعرّض للإغماء. في مثل هذه الحال، يحصل فقدان الوعي عندما تحفّز الصدمة المتسمة بالخوف تصادماً بين الجهاز العصبي الودي المسؤول عن إستجابة الجسم للمحاربة أو الفرار، والجهاز المسؤول عن إستجابة الجسم للراحة والهضم. يؤدّي هذا الأمر إلى إبطاء معدل ضربات القلب وتوسّع الأوعية الدموية، ما يخفّض معدل ضغط الدم ويحرم الدماغ من الأوكسيجين.
هذه ردّة الفعل المبالغة للجهاز العصبي تحدث أيضاً عندما يفقد الأشخاص وعيهم في حالات عاطفية مؤثرة جداً أو مليئة بالقلق.
الإرهاق
هذا الأمر يُطاول تحديداً الأشخاص الذين ينهمكون كثيراً بالأعمال ويهملون حياتهم الشخصّية ولا يحصلون على ساعات كافية من النوم لأسابيع متتالية. المطلوب تعديل نمط الحياة وتخصيص وقت كافٍ للراحة والنوم بإنتظام.
وجود مشكلة جدّية
يمكن للإغماء أن يحصل بسبب حالات صحّية أخرى كإنخفاض مستوى السكر في الدم، وإنخفاض ضغط الدم المزمن، وعدم إنتظام دقات القلب. في مثل هذه الحالات، فقدان الوعي هو فقط عارض واحد لمشكلة صحّية أكثر جدّية قد تحتاج إلى تشخيص وعلاج.
على سبيل المثال، يشعر أشخاص بالدوخة ويُغمى عليهم في كلّ مرّة ينهضون من وضعية الجلوس. هذا الضغط المنخفض، الناتج عن الوقوف، يُعرف بهبوط ضغط الدم الإنتصابي وقد يشير إلى مشكلة أكثر جدّية يجب علاجها بالدواء.
وتعليقاً على ذلك، قال أستاذ الطب والصيدلة والأعصاب في "Vanderbilt University Medical Center"، الدكتور ديفيد روبرتسون إنّ "هبوط الضغط الإنتصابي مشكلة خطيرة جداً، ليس بسبب الإغماء إنما لأنه يعكس خلل الجهاز العصبي الذاتي بطرق عديدة أخرى".
كيف يجب التصرّف؟
إذا أُغمي على أحدهم أمامكم، ساعدوه على الإستلقاء على ظهره في مكان بارد بعيداً من أشعة الشمس. بعد ذلك إرفعوا قدميه قليلاً للسماح للدم الذي تجمّع في الساقين بالوصول إلى القلب والرأس، ما يُعيد وعيه فوراً.
لحظة إستيقاظه، قدّموا له المياه ثمّ إنتظروا للتأكّد من أنه يستطيع الوقوف والمشي بمفرده. إذا كان على ما يرام ولا يشعر بأيّ توتر، أو ألم في الصدر، أو وجع في البطن، أو صداع، لا داعي للقلق.
متى يجب إستشارة الطبيب؟
بالنسبة إلى معظم حالات الإغماء، سيكون من الواضح ما الذي حفّزها: إرتفاع شديد بدرجة حرارة الطقس، أو الجفاف، أو الوقوف لساعات طويلة، أو منظر الدم.
لكن على رغم ذلك، ومهما كان نوع المحفّز، إذا كانت هذه المرّة الأولى التي يتعرّض فيها الشخص للإغماء، يجب أن يستشير الطبيب خلال الأسبوع لإجراء بعض الإختبارات والتأكّد من عدم وجود شيء أخطر قد يتسبب بفقدان الوعي.
في حال إستبعاد أيّ مشكلة صحّية جدّية واستمرّ الشخص بالإغماء أحياناً، لا بدّ من الوقاية من ذلك عن طريق تفادي المحفّزات كالإفراط في إحتساء الكحول الذي يسبب الجفاف، أو الطقس الحار، أو أيّ سبب آخر محدّد.
في حال وجود تاريخ عائلي لأمراض القلب، ونوبات القلب، وعدم إنتظام دقات القلب، وجلطة رئوية، ومشكلات عديدة أخرى، أو تاريخ عائلي للأشخاص الذين يموتون في الصغر، يجب الذهاب إلى قسم الطوارئ عقب نوبة الإغماء.
الأشخاص الذين يفقدون وعيهم في معظمهم لا يحتاجون للتوجّه إلى غرفة الطوارئ، لكن بالنسبة إلى أقلية صغيرة فإنّ ذلك قد يُشير إلى أحداث طبية أكثر جدّية وقاتلة تلوح في الأفق.
تبيّن أنّ 7 إلى 23 في المئة من الأشخاص في أيّ مكان الذين يذهبون إلى الطوارئ بعد نوبة إغماء سيواجهون مشكلة صحّية جدّية خلال 7 إلى 30 يوماً، بما فيها النوبات القلبية، والإنسداد الرئوي، وعدم إنتظام ضربات القلب، وحتّى الوفاة. يمكن للطبيب أن يُنذر إذا كان الشخص معرّضاً لأيّ تعقيدات خطيرة، بما فيها الإشارات التي يجب الحذر منها أثناء التعافي في المنزل.
ولفت الدكتور ديفيد روبرتسون إلى "وجود علامة أخرى تستدعي التوجّه إلى غرفة الطوارئ أو عناية فورية، وهي عدم وجود أسباب أو محفّزات محدّدة. على سبيل المثال، إذا أُغمي على أحدهم أثناء الإسترخاء في منزل مبرّد وخالٍ من العوامل العاطفية أو المقلقة، يجب عدم الإستهتار"، مشدّداً على أنّ "هذه التحذيرات تنطبق فقط على حالات قليلة".
(سينتيا عوّاد - الجمهورية)