أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

زراعة التبغ في الجنوب تستسلم قريباً... إلا اذا؟

الأربعاء 28 كانون الثاني , 2009 07:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,718 زائر

زراعة التبغ في الجنوب تستسلم قريباً... إلا اذا؟

 لا يقول شيئاً في الوقت الذي تترصد فيه عيناه مــا يــدونــه الخبير على دفاتر لائحة الاسعار. فهذه الوقفة بالنسبة لابــو حسين "سنوية واين المفر، ففي" شخطة "قلم يختصر الخبير مشوار عام من التعب والمعاناة لم يسلم منه احــد من افــراد عائلتي". فإذا بالسعر يتحدد 11, 600 ليرة للكيلو.

يتجهم وجه المزارع الجنوبي، بخاصة "ان حسابات الحقل لم تكن مثل حسابات البيدر" يقولها متبسماً مــحــاولاً اخــفــاﺀ علامات الضيق التي تظهر على وجهه وحركاته. وفي دردشة جانبية مع بعض رفاقه من المزارعين، وقفوا الــى جانبه "لــمــؤاســاتــه"، يقول ابوحسين "هيدي آخر سنة بزرع فيها والله الواحد يشحد احسن من هالشغلة".

لا يختلف حـــال ابـــو حسين عن حال آلاف المزارعين من قرى محافظة النبطية، وأمنية "ان يصبحوا شحادين" يرددها هؤلاﺀ منذ ان بــدأت ادارة حصر التبغ والتنباك باستلام محصولهم من التبغ لهذا العام منذ العشرين من كانون الثاني 2008 على ان يستمر التسليم حتى اواخر شهر آذار. هي اذاً شكوى واحدة يطرحها مزارعو التبع في الجنوب بــأن ما يأخذونه من اسعار حسب جدول وزيــر المالية، المسؤول المباشر عن الادارة لم يعد منطقياً وعادلا بعد الارتــفــاع المضاعف لاسعار المواد الزراعية والاسمدة واجرة اليد العاملة بحيث باتت التكاليف اكثر من الضعفين، هذا اذا تأمنت الارض وعملت العائلة بيدها في الزراعة والتصفيت وغيرها.

   فــجــدول الاســعــار يسير منذ العام 1996 على الوتيرة ذاتها بحيث يــتــراوح سعر كيلو التبغ بين 01 ال الى 12 الف ليرة حسب تقرير الخبير المختص، مقولة ومع تطبيقها في بعض الحالات فإن الكثير من المزراعين يرفضون تعميمها، ويشيرون في السر "الى ما يشبه مافيا التبغ التي تعيش من تعب المزارعين ويسمسرون على كل كيلو بـ 1000 ليرة". على ان الدولة تتذرع بأنها لا تزال تدعم سعر كيلو التبغ ب 4 آلاف ليرة منذ سنوات الاحتلال الاسرائيلي.

وعند محاولة استصراح الخبير الــذي يعاين التبغ في النبطية عن المعايير التي يتم الاعتماد عليها لتصنيف التبغ، فإنه يرفض التصريح بــنــاﺀ على توجيهات الادارة.

يتحدث الــمــزارعــون عــن ظلم آخر يعايشونه منذ تطبيق الآلية الــجــديــدة للتسليم فــي الــعــام، 1996 فبعد ان كان التسليم يتم في السابق على طريقة احتساب الانــتــاج اعــتــمــاداً على المساحة المزروعة بالدونم، اختلف الامر حالياً وبــات الاحتساب بتحديد كمية الدونم سلفاً ب 100 كيلو غــرام على ان يبلغ الحد الاقصى واجه مزارعو الجنوب خسائر زراعة التبغ بالتحول نحو نوع ثان من الزراعة انتشر في السنوات الخمس الماضية، تمثل بزراعة الصعتر بشكل ملفت في قرى قضاﺀي صور والنبطية. ويشير محمد سليمان، الذي حول زراعته من التبغ الى الصعتر "الى ان معدل الربح الصافي لدونم الصعتر يتجاوز الـ 5 ملايين ليرة سنوياً، ويتم تسويقها عبر تجار الجملة بحيث يبلغ سعر الكيلو 7 آلاف ليرة بالجملة بينما في صعتر المونة يبلغ 20 الف ليرة". اما عن التكاليف "فهي قليلة مقارنة بما يحتاجه التبغ".

لــلاذن الــزراعــي (الرخصة) 400 كيلو اي 4 دونمات، وهو ما يجد فيه المزارعون دفعاً الــى الامــام لــلــقــضــاﺀ عــلــى زراعــــة الــتــبــغ في الجنوب، محذرين من ان الاستمرار بهذه السياسة لن يــؤدي الا الى تظاهرات واحتجاجات شبيهة بالتظاهرة العمالية الشهيرة اواخر 1973 دفاعاً عن حقوق المزارعين التي سقط فيها شهيدان من آل حايك. اما عن الوعود بادخالهم فــي الصندوق الوطني للضمان الاجــتــمــاعــي، فــهــي بــاتــت كذبة كبيرة بنظر اغلب مــزارعــي التبغ في الجنوب، وغالباً ما يسمعونها قــبــل كــل مــوســم او استحقاق انتخابي "ولا احــد يعمل على تحقيق هذا المطلب الانساني".

"اسلم 400 كيلو سنوياً على ان الرخصة المعطاة لي تبلغ اربعة دونمات. واعمل في زراعة التبغ منذ العام "1993. بهذا يعرض المزارع علي سعد من بلدة بريقع تفاصيل معاناته مــع شتلة التبغ والتي يتابعها من المشتل حتى تصل الى ايدي الخبير في الريجي وهو الذي يقوم بتحديد سعر الكيلو غــرام من التبغ، بداية من "زراعــة المشتل وتعريبه وتسميده ورشه بالمبيدات وتغطيته بالنيلون، وصــولاً بعد ذلــك الــى زراعته وما يتطلب ذلك من مصاريف فلاحة الارض والايـــدي العاملة وشــراﺀ الــمــيــاه، بــعــدهــا يــأتــي القطاف والتصفيت وصــولاً الــى المرحلة الاخيرة الا وهي التدنيك". ويشير سعد "الى ان كلفة زراعــة التبغ ارتفعت بحدود الثلاثة اضعاف، فكيس (الكيماوي) مثلاً ارتفع سعره من 20 الى حدود 60 دولاراً، اما كيس السماد الذي كان سعره 1000 ليرة فوصل حالياً الى 2250 لــيــرة". ويــؤكــد سعد ان لا مجال للاستغناﺀ عن السماد والكيماوي" فــاذا ما حرمت الارض منها فلا تعطيك". يتابع" تكلفة الكيلو واحــد مــن التبغ تبلغ حالياً نحو 8 آلاف ليرة دون تعب الــمــزارع وعــائــلــتــه عــلــى مـــدار الــعــام، لــذا يتوجب على الدولة ان تحدد سعر الكيلو الــواحــد على الا يقل عن 12500 ليرة. وما يزيد على الطين بلة بالنسبة للمزارعين "ان وزارة الــزراعــة فــي محافظتي الجنوب والنبطية غائبة تماماً عن تقديم الخدمات من مسلتزمات وادويــة زراعية، والدولة تهمل وزارة الزراعة بشكل كامل.

انهى المزارع والاستاذ في آن حسن مــراد لتوه تسليم انتاجه في الريجي. يصف "زراعة التبغ في لبنان وفي الجنوب خصوصاً بأنها عمل المساكين، والفقراﺀ وان هذه الزراعة انحصرت كمية انتاجها بحيث انــه اذا مــا كان صاحب رخصة يحق لــه تسليم 400 كيلو عن اربعة دونمات فان ما يستفيد منه لا يتخطى الـ 90 كيلو في الدونم في احسن الاحوال وربما مبدأ المنافع الشخصية وراﺀ ذلـــك، على ان الانــتــاج الصافي لاي مــزارع عن دونماته الاربعة لا يتعدى الـ 3 ملايين ليرة في العام الواحد، بعد ارتفاع كلفة المواد، فهو بالتالي عمل مضني من دون مقابل". يضيف مراد" انه من يريد ان يكون حريصاً على ابناﺀ الجنوب وان يثبتهم بأرضهم عليه ان يقدر عــطــاﺀ ات الارض فعندما تعطي يتعلق بها الانسان، اما ان ندعو عبر الاعلام اهل الجنوب الى الصمود دون ترسيخ هــذا الصمود على الارض فهذا يعد امراً مستغرباً".

ونرى "ان هناك سياسة مقصودة مــن قبل الــدولــة لــضــرب الــزراعــة في لبنان عامة والجنوب بالاخص وهذا ما تستدله من ميزانية وزارة الزراعة التي لا تتعدى ال 1% من الميزانية العامة".

من جهته المزارع رشيد سعد الــذي يملك اذنــاً بالزراعة اربعة دونــمــات تعطيه دخـــلاً صافياً مليوني ليرة سنوياً، هذا مع عمل افــراد من عائلته. يرى سعد "ان مستقبل زراعة التبغ في لبنان اذا لم تجر اعادة جدولة سعر الكيلو بعد ارتفاع تكاليفه، اضافة الى ان عملية تحديد كمية الدونم 001 ب كيلو يشكل ظلماً للمزارع اذ ان اي دونــم من التبع تتراوح قدرته الانتاجية بين 150 و250 كيلو غراماً وهذا ما يعتبر خسارة اضافية للمزارع". (البلد)

 

Script executed in 0.17333507537842