يقوم بعض السائقين على الطرقات في لبنان بتصرفات غريبة، مثل الأكل والشرب ووضع المكياج وتعديل الثياب وإلتقاط صور شخصية والقراءة ومشاهدة التلفزيون والتدخين وغيرها، ما يشتّت إنتباههم. من المتعارَف عليه أنّ استخدام الهاتف الذكي أثناء القيادة قد يزيد من مخاطر الحوادث، ولهذا سُنّت تشريعاتٌ للحدِّ من هذا الأمر. أما الأنشطة الأخرى التي تتطلّب إستخدامَ يد واحدة خلال القيادة كتناول الطعام والشراب، فقد تتسبّب أيضاً في الالهاء، لكن ليس هناك من قوانين واضحة تردعها.
كذلك إنّ عدم وجود أية توجيهات واضحة حول مخاطر الأكل والشرب أثناء القيادة، يشجّع السائقين على الإعتقاد بأنها آمنة، مع أنّ الدراسات في هذا المجال تبيِّن أنّ التهام الغذاء أثناء القيادة هو سلوك غير سليم لأنه يمكن أن يؤدّي بسهولة إلى وقوع حوادث سير.
عبءٌ ذهنيّ
إختبر جميع السائقين تقريباً أوقاتاً معيّنة لتناولهم بعض الوجبات الغذائية أو المشروبات وراء عجلة القيادة، من دون علمهم أنّ ذلك يزيد العبء الذهني عليهم، ويقلّل من تركيزهم ويرفع بالتالي من نسبة الحوادث على الطرقات.
فالسائقون الذين يتناولون الطعام أو يشربون وهم يقودون، يكونون أقلّ قدرة على الحفاظ على السير في حارة واحدة، حيث تقلّ نسبة قدرتهم على توجيه السيارة داخل حارتهم على الطريق.
ويعود السبب الرئيس في ذلك الى زيادة المدى الزمني لردات أفعالهم أثناء تناول الطعام أو الشراب، بسبب حاجتهم لإستخدام العينين واليدين لالتقاط ورؤية الطعام والشراب، وهو ما يحوّل إنتباههم عن القيادة.
وفي هذا السياق، أكدت دراسة بريطانية أُجريت أخيراً، أنّ تناول الطعام أثناء القيادة أكثر خطورة من إستخدام الهاتف، أو حتى أخطر من القيادة في حالة سُكر. وقد حملت الدراسة عنوان "يدان أفضل من يد واحدة"، وإختبرت المدى الزمني لردات أفعال السائقين بإستخدام أجهزة محاكاة قيادة السيارات.
ووجد الباحثون أنّ المدى الزمني لردات أفعالهم يزيد بواقع 44% في حالة الأكل أثناء القيادة، بما يعني تباطؤ ردات الأفعال. أما في حالة الشرب من زجاجة أو علبة معدنية، فالمدى الزمني لردات أفعالهم يزداد بواقع 22%. وبالمقارنة، فإنّ كتابة الرسائل أثناء القيادة يزيد مدى ردات الأفعال بواقع 37%، بينما بلوغ نسبة الكحول في الدم 0.08 يزيد زمن ردة الفعل بواقع 12.5%.
وقالت الدراسة "على رغم أنّ السائقين كانوا يبطئون من سرعتهم بينما كانوا يُخرجون قطع الحلوى من الغلاف أو يفتحون زجاجة الماء ليشربوها، إلّا أنّ إحتمالات إصطدامهم مع أحد المشاة كانت أكثر بأضعاف في مثل هذه الحالات. وقد إستنتج الباحثون أنّ إستهلاك الطعام والشراب أثناء القيادة يزيد العبء الذهني على السائق، ما يقلّل من تركيزه على القيادة ومن فرص السلامة على الطرق".
أسوأ الأطعمة
وكشفت الدراسة، عن تصنيف أسوأ الأطعمة التي تُؤكل أثناء القيادة، والتي إشتملت على الشوكولا والقهوة والعصائر والمشروبات الغازية والحلويات والبطاطا المقلية والهامبرغر والساندويشات التي تحتاج يدين أثنتين لمسكها كما المشروبات الساخنة. وقالت الدراسة إنّ هذه الأنواع من المأكولات يمكن أن تسبّب بقعاً على الأصابع، أو أن تُسكب على الملابس والجسم، فيتشتّت السائق بمحاولة تنظيفها، ويفقد تركيزه عن الطريق.
(شادي عواد - الجمهورية)