أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الوسطيّة »خلطة عجيبة« قوامها ١٤ آذار وبيوتات متضررة و»عدم الاصطفاف«

الإثنين 02 شباط , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,731 زائر

الوسطيّة »خلطة عجيبة« قوامها ١٤ آذار وبيوتات متضررة و»عدم الاصطفاف«
يتصاعد الحديث عن كتلة وسطية أو مستقلة مع تقدّم الاستحقاق الانتخابي في حزيران المقبل، ويتضاعف الجدل حولها إذ تبين أن كثرا يتبنونها ولا احد يريد الاعتراف بأبوتها.
الغوص اكثر في هذا التكتيك الانتخابي المستجد، يظهر تباينا في استخدام المصطلحات وفي تعريفاتها بين المرشحين »الوسطيين« العتيدين بحسب المناطق.
في المصطلحات، الوسطية في السياسة المعاصرة هي مصطلح أطلقه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على حركته السياسية منذ عام .٢٠٠٦
ويرى ميقاتي في الوسطية أبعد من فكرة انتخابية، »هي نهج وسلوك يعتمدهما شخص في حياته كلّها، أما في السياسة فهي سعي الى هدف وطني والعمل على تحقيقه من دون الانجرار في الاصطفافات، بل تحقيقه بالمنطق والواقعية«.
هذا السلوك قد يصفه البعض بالرمادي وغير المقنع: »ليس رماديا« يسارع ميقاتي الى القول، ويضيف: إنه لون فاقع، لكنه ليس شعبويا وغير مبني على العصبيات بل على الهدوء والموضوعية.
يقدّم ميقاتي نماذج من المواقف »الفاقعة« للوسطية التي ينتهجها: أنا مثلا لا أقبل بالسلاح الفلسطيني لا خارج المخيمات ولا حتى في داخلها، لكنني مع إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية، والقول أن السلاح الفلسطيني ممنوع هو موقف متطرّف وفاقع وليس رماديا.
بدأ نجيب ميقاتي العمل بجدية على موضوع الوسطية منذ عام ٢٠٠٦ وقد رسخت قناعته السياسية بها منذ تجربته الحكومية كوزير ثم كرئيس حكومة والتي امتدّت بين عامي ١٩٩٨ و.٢٠٠٥ نظم في طرابلس مؤتمرا عن الوسطية »مشروع الإنسانية الحضاري«، وآخر عن »الوسطية في الاقتصاد«، والمؤتمر الثالث سينعقد في ٢٠ شباط القادم عن »الإعلام وترويج ثقافة الوسطية«.
وتقدّم ميقاتي مؤخرا بعلم وخبر الى وزارة الداخلية لتأسيس »منتدى الوسطية«، وقال: سنبدأ كجمعية الى حين تتكون لدي قناعة بتحويلها الى حزب سياسي. فالوسطية ليست موجة تنتهي عند الشاطئ، وليست تيارا شعبويا، بل هي المنطق الذي لا يفوز سواه في النهاية.
ولا يرى الرئيس ميقاتي نفسه من ضمن التكتّل الوسطي النيابي الذي راج الحديث عنه مؤخرا: لأنه ليس نهجا بل عمل سياسي محض لتقوية فريق على آخر وكقوة ثالثة، الوسطية ليست قوة ثالثة بل هي نهج وتعامل في الحياة.
برأي ميقاتي فإن »رئيس الجمهورية يميل الى الخط الوسطي، لكن لا يمكنه الارتهان له، هذا الخط إذا ارتبط مباشرة بالرئيس فسيتعبه وسيتعب به. قد يتخذ هذا التكتل العتيد قرارا غير مناسب لرئيس الجمهورية، الذي عليه الحفاظ على حرية حركته وقراره.
وسطية المرّ
أعلن النائب ميشال المر تركه لـ»تكتل التغيير والإصلاح« في خطاب ألقاه في قصر المؤتمرات في ٩ نيسان ،٢٠٠٨ قائلا بأنه استعاد استقلاليته وقراره بناء على طلب من القاعدة الشعبية. وقرر الاستقلالية والعودة الى تكتل نيابي مستقل في المتن، كان على رأسه بين عامي ١٩٩٢ وحتى ،٢٠٠٥ وكان يضمّ عادة بين الـ٦ والـ٨ نواب وحمل تسمية »كتلة الاعتدال المسيحي«.
وتقول أوساط المر أنه يعتبر بأن المجلس المقبل قد لا يضم غالبية مطلقة، وقد تراوح المقاعد بين المعارضة والموالاة بين الـ٦٠ والـ٦١ مقعدا، وبالتالي ثمة حاجة الى ٨ مقاعد تميل عبرها الدفة، ولا يكون هؤلاء مقيدين لا بالموالاة ولا بالمعارضة، فيكون هذا التكتّل لاعبا أساسيا في التوازن الوطني بين طرفي النزاع.
وهل هذا التكتّل السياسي هو للانتقام من العماد عون؟ تجيب أوساط المرّ: لا انتقام ولا غرام ولا خلاف شخصيا، التكتّل هو مع المؤسسات وخيار الدولة وليس مع تعطيل رئاسة الجمهورية.
أما الطابع المسيحي للتكتل فيعود الى الرغبة في »نزع الإدعاء باحتكار الصوت المسيحي في لبنان والشرق على حدّ ادعاءاتهم«.
وحسب الاوساط، موقف النائب المر »نابع من معاناة وجرح اصاباه من معاملة تكتل التغيير والإصلاح له، إن لجهة شطب اسمه في الانتخابات النيابية عام ،٢٠٠٥ أم لجهة السير في الفراغ الدستوري في انتخابات رئاسة الجمهورية، أم لجهة وضع الفيتو على نجله في حكومة الوحدة الوطني، أم لجهة السير قدما في الانقسام المسيحي إبان الانتخابات الفرعية في المتن، وسواها من معاناة استمرت عامين. فالتجارب المريرة دفعته الى السير قدما في اتخاذ قراره المستقل، وإعادة دوره في المتن كما في الأعوام السابقة«.
التقاء مصالح
وبرأي آخرين، الوسطية المتداولة اليوم هي التقاء مصالح، هدفها المعلن ترجيح أكثرية نيابية تمنع الإستقطاب الحاد من طرفي النزاع، اي »قوى ٨ و١٤ آذار«، ويبدو أن هذه العملية الإنتخابية التكتيكية تحظى بمباركة كثر في الوسط المسيحي وفي المقدّمة الكنيسة المارونية، التي يقول مصدر كنسي مسؤول فيها لـ»السفير«: تكتّل الوسط ليس بالأمر الجديد على الحياة اللبنانية، فهنالك سابقا كتلة نيابية دعيت كتلة الوسط أدت الى نجاح سليمان فرنجية في الإنتخابات الرئاسية في السبعينيات،. وإذا شاء بعض المسؤولين أن يؤلفوا كتلة جديدة بهذا المعنى فمن له الحق بأن يردها؟ يحق لأي تكتل حالي أن يعمل كل ما بوسعه ليحصل على اكثرية ويستطيع أي تكتل أن يحارب تكتل الوسط كما يحارب تكتلا آخر، لكن ليس أن يمنعه من الوجود.
خلفية تأييد الكنيسة المارونية لفكرة الوسطية يشرحها المصدر الكنسي المسؤول قائلا: إن ليس للبطريرك صفير أية خلفيات حول موضوع الاكثرية والاقلية، وكلامه لا يعني أنه يدعم هذه الأكثرية، ولا يقبل اكثرية إلا أن تأتي عن طريق الانتخاب. جلّ ما في الأمر أن التعاطي في الشأن السياسي منذ عامين أبرز مشكلة لم يقدر الدستور اللبناني ولا السياسيون على حلّها، وهي مشكلة تعطيل الدولة والمؤسسات بفعل بروز مطلب الثلث المعطل في مجلس النواب وفي الحكومة، لا بصورة ظرفية بل بصورة تبدو وكأنها ثابتة.
يضيف: لذلك يقول البطريرك إن هذه الأوضاع شكلت شللا في الحياة العامّة ولولا تدخل الدوحة لحلّ الإشكالات لما كان للبنان رئيس لغاية اليوم. فهل من المعقول ألا يسيّر الدستور الحالي شؤون الحكم من دون اللجوء الى قوى خارجية مهما كانت. إنه بالحقيقة موضوع الائتلاف بين الديموقراطية التوافقية واستعمال حق »الفيتو«، وبين الديموقراطية العادية اللبنانية، التي تضمن توزيع المناصب والحصص على الطوائف، ولا تلغي التصويت والاقتراع للخروج من المشكلات القائمة.
ولم ينحصر هذا التكتّل لدى المسيحيين؟
يجيب المصدر الكنسي المسؤول: هذا الاعتراض على الكتلة في محله، لأن »تكتلي ٨ و١٤ آذار« ليسا طائفيين ومن الأفضل ألا يكون التكتل الجديد من طائفة واحدة.
البيوتات المستقلة
الى جانب الكنيسة تحظى هذه الفكرة الإنتخابية بمباركة البيوتات السياسية المسيحية المتنية والكسروانية والجبيلية، وخصوصا تلك التي أقصاها »التيار الوطني الحرّ« بالانتخابات، والتي تجد بعد ٤ أعوام من »تسونامي« ٢٠٠٥ أن فرص نجاحها أو أقلّه إمكانية خرقها للوائح عون المغلقة عليها لغاية اليوم باتت كبيرة، لذا فهي تسعى جاهدة الى التكتّل في لوائح غير مكتملة لمواجهة المدّ العوني وصدّه.
في كسروان يصرّح أقطاب كسروانيون أنهم سيخوضون الانتخابات كمستقلين ولا يريدون الانضمام الى لوائح أحد، » لا تحتمل كسروان أكثر من لائحتين واحدة للمعارضة واخرى غير مكتملة ستضم مستقلين مطعّمين«، على ما يقول لـ»السفير« النائب السابق منصور غانم البون. في حين يجاهر النائب فريد هيكل الخازن أنه سيخوض الانتخابات كمستقل ولن ينضمّ الى اية كتلة نيابية خارج كسروان.
ويقول الخازن في هذا الصدد: ليس لدى ١٤ آذار القوة الكاملة لتخوض معركة انتخابية لوحدها في المناطق المسيحية، بعكس ما يظن »التيار الوطني الحر«،الذي يعتبر نفسه قادرا على كسب الانتخابات بمفرده، من دون التعاون مع أية جهة سياسية مستقلة أو غير مستقلة، من هنا نرى تأييدا من ١٤ آذار لموقفنا ورفضا من العماد عون.
يضيف : أكبر داعم ومؤيد للكتلة المستقلة هو »التيار الوطني الحرّ«، نتيجة رفضه مدّ اليد لأية حيثية سياسية انتخابية أخرى في جبل لبنان. لم يمش المسيحيون يوما بثنائية مسيحية أو ثلاثية، حتى في عزّ عهود ريمون إده وبيار الجميل وعز نفوذ الزعامات، لم تغب عنها العائلات السياسية أو القوى المستقلة.
من الأسماء المطروحة كسروانيا كمستقل، المهندس مارون الحلو، وهو صديق لنعمت افرام، ويتردد بأن الأخير سيدعم ترشحه سواء قرر هو الترشح شخصيا أم لا. ويدعم ترشح الحلو »حزب الوطنيين الأحرار« وقد شغل مناصب قيادية عدة فيه.
ويقول الحلو إن خوضه الانتخابات سيــكون في لائحة مستقلة، يصفها بأنها ستكون »الخيار الآخر«. نحن نختلف عن ١٤ آذار بالأداء والممارسة، لأننا ضد المنحى العنفي في الممارسة السياسية، وضد التشنج في مقاربة الأمور.
ويذهب مرشح كسرواني وزير سابق أبعد في تحليله قائلا: إن مصير الوسطية هي بين أيدي العماد ميشال عون، فإن أحسن حساباته يلغي الوسطية وأن أخطأ فسيقويها وستنازعه اقله على نصف مقاعده.
هذا القول يشير الى ضرورة أن يأخذ العماد عون الفاعليات المناطقية والعائلية في الحسبان فيفكك تكتلها ضدّه بأن يرشح ممثلين عنها.
منقذة ١٤ آذار
الوسطية بتسمياتها المختلفة تلقى رواجا لدى فريق ١٤ آذار الذي وجد فيها منقذا بعد أن تبين له أنه لا يمكن أن يقيم أكثرية مطلقة في لبنان مهما كانت الظروف، حتى أن أقطابه المسيحيين لا يمكنهم الترشح علانية في عقر المناطق المسيحية بالذات.
في جبيل لا يمكن لـ»القوات اللبنانية« أن ترشح قواتيا، وفي كسروان يتحدث الأقطاب المرشحون أن أية لائحة مستقلين ستشكل ينبغي ألا تضم حزبيين، ويسمون تحديدا »القوات اللبنانية« و»الكتائب اللبنانية«، وفي المتن الشمالي تنامى حديث عن لقاء النائبة ستريدا جعجع بالنائب المر، وهي طلبت منه ضم إدي أبي اللمع الى لائحته فرفض.
في بعبدا ماتت فكرة الوسطية قبل أن تولد، ووقعت في مأزق بعد إعلان النائب وليد جنبلاط لائحته المؤلفة من الوسطيين العتيدين ، ما أدى الى جدل بين الطرفين، إذ وقع المرشحون في مأزق أمام قواعدهم الشعبية بعد أن تبين أن وسطيتهم جنبلاطية.
في زحلة مثلا علا اخيرا صوت النائب السابق خليل الهراوي، الذي قال للـ»السفير«: ستكون كتلة مستقلة في كل دائرة انتخابية، أنا شخصيا سأخوض المعركة كمستقل أنتمي الى »تجمّع ثوابت الاستقلال« في زحلة، ووثيقته السياسية تؤمن بثوابت »ثورة الأرز« لكنه مستقل تنظيميا، وسيتعاطى مع الانتخابات القادمة ترشحا ودعما.
أما في جبيل فثمة أسماء تعتبر نفسها مستقلة مثل النائب السابق إميل نوفل ستبقى على استقلاليتها على أن تكون ملتزمة بخط الرئيس سليمان ونهجه.
أربع وسطيات
بات مؤكدا بأن لا هيكلية أفقية للكتلة الوسطية أو للمستقلين، بل إنها عبارة عن كتل في المناطق.
الوسطية المطروحة هي أنواع مختلفة التعريفات والوسطيون ممتزجون بين مصبوغين بلون »فريق ١٤ آذار« وآخرين يرفضون الصبغة، وإن كانون يؤيدون الهدف المبطّن من الطرح الوسطي. بعد البحث والتدقيق والمقابلات تبين وجود هذه الفئات من المستقلين:
ـ وسطي مستقل يريد تشكيل كتلته الخاصة، وان يبقى على استقلاليته وخطه من أتباعه نجيب ميقاتي.
ـ مستقل وغير وسطي، أي أنه سيخوض الانتخابات مستقلا لكن لديه موقفا واضحا ومعروفا من القضايا الوطنية المطروحة، مثل النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن.
ـ مستقل غير حزبي، أي أنه يريد خوض الانتخابات بصفة وسطي لكنه لا ينتمي الى جهة سياسية معينة، وينضوي في هذه الفئة نعمت افرام ومارون الحلو.
ـ وسطي مستعد للدخول في كتلة المر، وتضم المرشحين المتنيين المؤيدين للمر أو أصدقاءه في مناطق أخرى مثل ادمون غاريوس ونايلة تويني.
وثمة أسماء وسطية مختلفة يتم تداولها كلّ واحد منها يصنّف في إحدى الخانات السابقة، ومن الأسماء المتداولة: محمد الصفدي، ميشال فرعون، إميل نوفل، ناظم الخوري، فرنسوا باسيل، مصطفى الحسيني، صلاح حنين، صلاح حركة، بيار دكاش، كلوفيس الخازن، مارون الحلو، عبد الله حنا، ميشال اليان، خليل الهراوي، ماجدة بريدي رزق، ناجي سكاف، بطرس حرب، رياض الاسعد، وسواها من الأسماء.

Script executed in 0.17567992210388