أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تربية الطيور و الحيوانات حاضرة في بنت جبيل

الجمعة 06 شباط , 2009 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 22,144 زائر

تربية الطيور و الحيوانات حاضرة في بنت جبيل

من الهوايات والعادات والتقاليد الدارجة في موروثنا الشعبي قديماً، كانت تربية الدجاج والحمام واقامة الحضائر والصِيَر للحيوانات التي تضم البقر و الغنم والماعز، وقد اجتذبت الكثيرين على مر الزمان. إلا أن تربية الطيور والماشية كانت تعتبر مشروعًا مربحًا لما لهذه المهنة اوالهواية  من مميزات اقتصادية كثيرة، فمنذ الستينيات كان اغلب الاهالي في بنت جبيل يمتلكون الحضائر والمداجن والصيَر لتربية الماشية والدجاج البلدي والحمام و بعض الطيور الاخرى التي كانت تعتبر ذات مردود تجاري مهم لدى الناس، فكان آنذاك سوق الخميس مقصداً لعديد من تجار الدجاج والبيض البلدي الذين كانوا يأتون من قرى مختلفة حاملين على رؤوسهم الاقفاص والسلل التي تحمل الديوك والفراخ وزغاليل الحمام والبيض البلدي الطازج للاسترزاق بها وتأمين لقمة العيش  .

والى اليوم لا زالت هذه التقاليد والعادات لها نصيب وافر عند البعض من البنت جبيليين الذين يتشوقون الى ايام خلت وذهبت مع الزمن، وابوا الا ان يسترجعوا تلك الايام ويعيشو بعضاً من اجوائها القروية . و لـ المواطن  (نصري سعد) حكايات لم تنته مع تربية الدجاج والحمام البلدي والماشية والحيوانات الاليفة، فهنا في منزله بمدينة بنت جبيل الذي يضم  حضيرة او مزرعة صغيرة كانت لتربية البقر والماعز قديماً ، يستغلها نصري منذ عدة اعوام لتكون المكان الذي يحقق فيه رغبته وهوياته التي افتقدها قصراً قبل التحرير عندما كان مقيماً في مدينة بيروت حيث لا يقدر على تربية الطيور والحيوانات او الاهتمام بها .

لهذه الحضيرة العديد من الميزات والابواب التي تلفت نظر من يقصدها، فهنا اول الدخول اليها وبالتحديد في الغرفة الاولى لا يسعك الا ان تتلفت يمنة ويسرة وفوقاً وتحتاً حيث تدهشك طيور الحمام والزغاليل و "الوقنه" التي تضج بالهديل.. وفي الغرفة الثانية التي تضم نافذة مطلة، لا بد من ان يلفتك ذلك المنظر الجميل عندما تتعانق الفرس "نهيل " والمهرة الصغيرة " فرح " التي تصهل في بعض الاحيان لتدخل الفرح الى قلب صاحبها الذي حلم منذ زمن ان يقتني مهرة ً من هذا النوع، والى جانب المهرة، يجلس الكلب "بطاح" ذو الشعر الابيض الطويل وحيداً ، يحلم " بكلبة احلامه " ، محاولاً تمضية وقته بملاعبة الصغيرة "فرح" . وليس بعيداً عن غرفة الخيل، يتواجد " قن " الدجاج البلدي الذي يحتوي على اكثر من ثلاثين دجاجة مختلفة الاحجام والانواع والالوان الزاهية  " الرزي  ، كوشاني ، براهما ، سوسكس ، فرحبيبيا .." ...و ثلاثة ديوك من اصول مختلفة "تركي ، و بلدي " وآخر من نوع آخر،ويدهشك في هذا " القّن " الذي هو عبارة عن غرفة كبيرة، انه يجمع الدجاج مع خاروف و رأس واحد من الماعز ونعجة صغيرة،  يتعايشون مع الدجاج رغم بعض التوترات التي تحصل مع الديوك احياناً.. وعلى مسافة بسيطة تستطيع ان ترى قفصاً كبيراً بداخله " صقر ليس اليفاً" يعتبر من ألدّ أعداء الدجاج والفراخ، و يبدو و كأنه راقد خوفاً من صاحب المزرعة ، فهو الذي كان يدور في الفضاء وينقضّ ليخطف صوصاً صغيراً ويحلّق به عالياً حيث يأكله، ثم يعود عدة مرات في اليوم، حتى اصبح مصدر خطر حقيقي على فراخ الدجاج والحمام، الامر الذي جعل نصري يضطر الى اصطياده حياً وحبسه في القفص الحديدي ليبعد الخطر عن الطيور الاخرى .. والى جانبه في قفص حديدي آخر تلعب السناجب الصغيرة، الملتهية (بقصقصة) البلوط ، والتي تتنقل دوماً الى بيتها المصنوع من فند شجرة مفتوح فيه ثقبة صغيرة لا يتعدى قطرها  الثلاثة اصابع.

يقول نصري "منذ صغري وانا اهتم بتربية الطيور والماشية والحيوانات الاليفة حتى انني كثير الولع بها" مشيرا الى انه يسعى جاهداً الى شراء " غزالين " وانه لن يتردد اذا توفرت الامكانيات بالسفر لشرائها من بلدان اخرى .

وعن تربية الحمام، يستطرد نصري "اشعر بسعادة كبيرة لحظة انطلاقة الطيور و اثناء حومها  في سماء الحي ، ومن ثم عودتها واحرص ان اعود مبكرا من عملي لكي اراقبها واستريح قليلا من متاعب العمل اليومي الشاق، و امضي معظم اوقات فراغي  في هذه الحضيرة واهتم بتأمين مستلزماتها " ، ويبشر انه بعد عدة اشهر سوف تزداد اعداد طيور الحمام لديه لأن الحمام بدأ بالتزاوج و يشير بيده الى " الوقنه " حيت تتواجد زغاليل لم يتجاوز عمرها  ايام"، ويضيف " ان الحمام  يحتاج إلى عناية من ناحية الطعام ، فهو يحتاج إلى تنوع في الغذاء ، ومن أغذية الحمام المعروفة القمح والذرة البيضاء وكذلك العدس ، ويوجد في السوق الحب المخلوط وهو المفضل لتغذية الحمام ، ولا يتوانى سعد عن وصف الحمام واجناسها واسمائها والحديث عن تكاثرها وامراضها واسلوب طيرانها وكأنه عالم متخصص في هذا المجال. 

اما تربية الدجاج البلدي يصفها بانها مجرد هواية ،وانها قد تكون احياناً مكسباً اساسياً لتزويد حاجيات المنزل الغذائية بالبيض البلدي الطازج والصحي على حسب قوله، ويضيف " ان الدجاج يتغذى طيلة اليوم من الصباح حتى وقت المغرب، والخبز المنقوع ومخلفات المطابخ هي أحد طرق تخفيض تكاليف التغذية ." وعن طرق السقاية، تتواجد بعض الاجران الصغيرة تتوزع في اطراف الحضيرة تقصدها الطيور للشراب متى شاءت .وعن وجود بعض الماشية في الحضيرة، يقول انها وجدت لغرض التسلية اكثر من ما تكون للاستفادة وانه يستغل الفرصة في ايام موسم الرعي الربيعي، فيتركها معظم الوقت في الحقل المجاور للحضيرة للرعي، ويحلم بأن يمتلك العشرات من رؤوس الغنم والماعز في الايام المقبلة .

بكل هذا، لم تكن كل هذه الطيور والحيونات والماشية بمأمن من مخاطر كلاب الليل الشاردة وحيوان " الشيبة "، فيقول" انه منذ الشهر تقريباً حصلت "كارثة " هنا، وارتُكبت جريمة في الحضيرة راح ضحيتها 12 دجاجة و 3 وصيصان وخاروف صغير جراء هجمة مفاجئة لكلاب مفترسة اتت في الليل وانقضت على الدجاج والصيصان، اما (الشيبة) حيوان غريب الشكل شكها يجمع بن الذئب ووجه القط، من هواياته مهاجمة الحظائر الحيوانية، ومن مميزاته سرعة الحركة واستهدافه الوجه والعنق، استطاعت هذه الشيبة من قتل خاروف صغير وخنق حوالي 5 دجاجات وامتصاص دمهم، الامر الذي شكل صدمة لي، دفعتني الى الكّمن ليلاً واستطعت من قتل الشيبة ببندقية الصيد وابعاد الكلاب والخطر الذي كان يهدد باقي الطيور و الحيوانات الاخرى. اما الجريمة الكبرى في هذه الحضيرة، كانت في حرب تموز 2006 حيث راح في المزرعة معظم الدجاج والحمام والغنم الذين كان يبلغ عددهم الـ  60 دجاجة بلدية و20 جوز حمام، ويضيف" في طيلة ايام حرب تموز ادى ضغط القذائف الكبيرة المتواصلة الى انفجار رؤوس اغلب الطيور، ومن استطاع ان ينجو من القذائف، مات جوعاً وعطشاً نتيجة لعدم تواجد الاكل والمياه .. وبعد الحرب " عوضولنا حق ربعن " . ويبدي استيائه من حال الصيادين الذين اقدموا على اصطياد الوزّات التي اشتراها على نفقته ووضعها في بركة بنت جبيل قبل مدة والتي كانت تعطي منظراً رائعاً .

بذلك يكون هذا المواطن الذي يشتري هدئة البال بماله، لم يخضع لكل المصاعب التي تواجهه في حياته اليومية ولم يمنعه اي شيئ عن تحقيق رغبته، فهو ماضٍ بشراء الطيور بكافة اشكالها ليعيش" عيشة السعداء" حسب ما يصفها.

التحقيق مصور ...

 7

5

2

1

4

 9

senjeb

سنجاب

Script executed in 0.17108392715454