تبدو القصة غريبة من ألفها إلى يائها: عسكري يموت من جرعة لا تتعدى 1 سم3 من دواء مضاد حيوي، ولكنها حصلت بالفعل بأحد المستشفيات في بعلبك.
وفي التّفاصيل، فقد دخل المعاون أول حنّا البشراوي في حالة طارئة إلى المستشفى في 23 حزيران الماضي، لكونه يعاني من أوجاع وحرارة مرتفعة. سريعاً، راجع مساعد الممرّض الطبيب صاحب المستشفى بهذه الحالة، فطلب منه أن يقوم بتعليق مصل يحقنه بمضاد حيويّ (دواء التهاب) بعد أن يجري تحليل دم لمعرفة ما يعانيه تحديداً وإن كان لدى المريض حساسيّة تجاه أي دواء.
ولذلك، أعطى مساعد الممرّض جرعة أقلّ من 1 سم3 من أحد المضادات الحيويّة بإبرة في المصل إلى المريض الذي أكّد أنّه يعاني من حساسيّة على أدوية الالتهاب، قبل أن يشير لمساعد الممرّض الى أنّه سيدّخن سيجارته لدقائق على مدخل الطوارئ ثم يعود.
وهذا ما حصل فعلاً. وبعد أقلّ من 7 دقائق سمع مساعد الممرّض الصرخة إذ هبط ضغط المريض إلى مستوى خطير، لتعمد إدارة المستشفى إلى تقديم الإسعافات الأوليّة قبل أن تقوم عائلة العسكري بنقله إلى مستشفى آخر حيث مات في غضون أسبوع.
وهنا، تختلف الرواية بين الطّبيب صاحب المستشفى ومساعد الممرّض والطبيب الشرعي الذي أكّد في تقريره أنّ البشراوي توفي من جراء جرعة من دواء المضاد الحيوي، إذ إنّه يعاني من حساسيّة تجاهه.
فيما أشار مساعد الممرّض إلى أنّه كان قد عبأ إبرة لحقن المريض بالمضاد الحيوي ولكنّه لم يفعل ذلك لأنّ البشراوي أكّد له أنّه يعاني من حساسيّة تجاهه، وبالتالي لم يقم أيضاً بإجراء فحص لمعرفة إن كان المريض يعاني من حساسيّة على أي دواء. وقال إنّه بعد ذلك توجّه إلى مكتب الطبيب لوضعه في الأجواء لكنّه لم يجده في المكتب، وعاد ليسمع بحالة المريض.
وهذا أيضاً ما يقوله الطبيب الذي لفت الانتباه إلى أنّه كان موجوداً حينما قدّمت الإسعافات الأوليّة للمريض ولم تظهر عليه آثار الحساسيّة، قبل أن يعود ويقول إن المريض لم يستجب لدواء الحساسيّة!
حالة الإرباك التي ظهرت على ملامح المدّعى عليهما الطبيب ومساعد الطبيب لدى استجوابهما، أمس، من قبل رئيس المحكمة العسكريّة العميد خليل ابراهيم، ازدادات عندما بدأ مفوّض الحكومة المعاون لدى "العسكريّة" القاضي هاني حلمي الحجار بتوجيه الأسئلة.
وسأل "الريّس" جملة من الأسئلة التي أشارت إلى حجم الإهمال الذي ربّما ساهم في وفاة البشراوي، حينما قال: "كيف يقوم مساعد الممرّض بالإشراف على حالة مريض، وهو ما زال في السنة الأولى الدراسية؟ وهل توافق نقابة الأطبّاء على ذلك أم أنّها تفرض شروطاً على مقدّمي طلبات التدرّب في المستشفيات؟ وهل يمكن لمساعد ممرّض لم يتخرّج أن يعطي دواء لمريض؟".
أسئلة الحجّار لم تلقَ إجابات حاسمة سوى أن الطبيب ومساعد الممرّض أكّدا أنّه من الخطأ أن يقوم مساعد الممرّض بحقن المريض بأي دواء.
وقد أرجئت الجلسة إلى 7 تشرين الأوّل المقبل للاستماع إلى إفادة الطبيب الشرعي الذي عاين جثّة البشراوي.
السفير
https://assafir.com/Article/20/509643