الوقوف لقراءة هذا الخبر، أفضل بكثير، لأن دراسة علمية جديدة أكدت أن الجلوس يقتل مئات الآلاف، يمثلون 3.8 % مما يحصده الموت من بني البشر كل عام، طبقا لما اتضح من مسح طبي لبيانات الوفيات وأسبابها بين 2002 و2012 في 54 دولة، ومن نتائجها ظهرت كارثة حقيقية: الجلوس 3 ساعات يوميا يفتك بأكثر من 433 ألف إنسان سنويا، وبنسبة 11.6% من وفيات بلد عربي، احتل رأس القائمة بامتياز مؤسف.
الخبر ليس جديدا، بل منذ 5 أيام تقريبا، لكن نشره كان مختصرا من 12 سطرا، لا تلبي الفضول، ولم تأت على أسماء الدول، ولا نسب ضحايا الجلوس فيها، كما أن مصدره الوارد فيه، ليس موقع Medical Xpress الطبي الأميركي، بل مجلة American Journal of Preventive Medicine الشهرية، المختصة بالطب الوقائي، وفيها طالعت "العربية.نت" نتائج مسح بيانات استمر 10 سنوات، وقام به علماء من جامعتين بإسبانيا والبرازيل.
في الدراسة، أن الجلوس أكثر من 8 ساعات متتاليات، أصبح أمرا عاديا في كثير من المهن والوظائف مع انتشار استخدام الكمبيوترات في دورة العمل اليومية، وهو خطر أكبر، خصوصا بعد التأكد من أن الجلوس المتتالي لحوالي 3 ساعات يوميا فقط، يقتل نصف مليون على الأكثر كل عام، وفق ما أوضحه القائمون بالدراسة، المشيرة الى أن ممارسة الرياضة تقلل من الخطر الى حد كبير. ومع أنها رخيصة ولا تحتاج إلى وقت طويل، الا أن 31 % من سكان العالم "لا يمارسون أي نشاط بدني" وفقا لما أكدته دراسات نشرتها في 2012 مجلة The Lancet الأسبوعية الشهيرة، وهي بريطانية لا تزال تصدر منذ 1823 للآن.
أجلس أقل فتعيش أكثر
لعدم ممارسة الرياضة علاقة كبيرة بأمراض رئيسية، مسببة لنسبة 6 الى 9 % من مجموع الوفيات العالمي، ولنمط الحياة اليومي الحديث حصة كبيرة من هذه النسبة، وأهمها مدة الجلوس، المحفّزة تبرعم أمراض مسببة خطر الموت، وفقا للدراسة التي قام بها فريق ضم 8 علماء من "جامعة سان جورج" بمدينة Zaragoza عاصمة الولاية بالاسم نفسه في الشمال الإسباني، ونظراء لهم من "جامعة سان باولو" في البرازيل، وأحدهم هو Leandro Rezende قائد الفريق، الناصح بتقليل مدة الجلوس" للتقليل من خطر الموت المبكّر، وزيادة نسبة طول الحياة 0.02 % في الدول التي تم مسح بياناتها" كما قال.
أثبتت الدراسة، بأدلة دامغة من البيانات، أن 60% من سكان العالم يجلسون أكثر من 3 ساعات متتاليات يوميا، ومن دون انقطاع للقيام بنشاط آخر، ومعدل جلوس كل فرد هو 4 ساعات و42 دقيقة كل يوم، وهو ما يتسبب بأمراض نسبتها 3.8 من مجموع الوفيات العالمي، أي 433 ألفا، معظمهم في الدول الأوروبية، يليهم سكان دول شرق البحر الأبيض المتوسط، أي لبنان وفلسطين وسوريا ومصر تقريبا، وبعدهم يأتي سكان القارة الأميركية ثم سكان دول جنوب شرق آسيا.
وللأسف فإن بلدا عربيا، هو لبنان، يحتل قائمة كل الدول التي تم مسح بياناتها، فحيث اتضح أن الأمراض التي يسببها الجلوس تحتل 11.6 % من مجموع وفياته كل عام، تليه هولندا بنسبة 7.6 % من الوفيات فيها، ثم الدنمارك (6.9 %) فيما النسبة الأقل هي بالمكسيك (0.6 %) وميانمار (1.3 %) ومملكة بوتان (1.6 %) ثم تنتهي الدراسة بنصيحة تساوي قافلة من الجمال: تقليل مدة الجلوس لتصبح ساعتين مثلا، أي تقليلها 50 % تقريبا، يقلص خطر الموت المبكّر 2.3 % أي 3 أضعاف، آخذين بعين الاعتبار أكيد مهم، وهو أن الأعمار بيد الله.
العربية