انها غابة من الإسمنت تغزو المدينة.. العمران فيها يمتد، والأخضر يتهاوى امامه، وكل شيئ بدا يتغير.. المشهد في بنت جبيل اليوم لم يعد كما كان عليه قبل حرب تموز 2006، فتلك المدينة التي كانت تشكل طبيعتها قطعة نادرة تنشق الى قسمين، "قسم المدينة " الذي يضم السوق التجاري ووسطها والاحياء المحطية من جهة، والتلال والمرتفعات والاودية التي تضم الحقول وكروم التين الزيتون تسيطر عليها المساحات الخضراء الشاسعة من جهة اخرى. ويوماً بعد يوم تتحول هذه المدينة، وخصوصاً في زومة الاعمار الدابة بعد حرب تموز 2006، إلى مساحات إسفلتية وغابات اسمنت تفترس مرتفعاتها ووديانها وكل ناحية من انحائها.
يكتمل المشهد في هذه المدينة الى مشهد التمدد العمراني بامتياز، فباتت المساحات الخضراء الشاسعة قطع نادرة، و ان وجدت لا تخلو من منزل او بقعة اسمنتية، ومن المتوقع ان تشهد بنت جبيل خلال السنوات المقبلة ازدياد حركة الاعمار التي باتت اليوم تصل المدينة بجوارها. واصبحت بنت جبيل تعتبر نموذجاً واضحاً لما يمكن أن يطلق عليه اصطلاحاً "غابة من الإسمنت".
وبالفعل بدأ الاسمنت يتمدد على أطرافها وهناك العديد من منازل تابعة لبنت جبيل اتصلت بأخرى تابعة للقرى المحيطة، والداخل الى مدينة بنت جبيل اليوم يلاحظ هذه الحركة الكثيفة والناشطة في مجال بناء العقارات والابنية اضافة الى العديد من التجمعات السكنية المليئة بالسكان, والتي تعتبر خير دليل على الاستقرار الامني والسياسي الذي تنعم به بنت جبيل بعد هزيمة "اسرائيل" في عدوانها الاخير, وتدمير نواياها في تحويل بنت جبيل وقراها المحيطة الى قرى خالية من مقومات العيش والاستمرار, الا ان تحدي اهالي بنت جبيل كسر هذا الامل لدى العدو والدليل واضح من خلال ما تشهده المدينة وقراها من نشاط غير مسبوق في قطاع العقارت واستعادة للحركة العمرانية بشكل متزايد.
يعيش في بنت جبيل اليوم بضعة الآف نسمة يتوزعون على احيائها كافة، وبعد انتهاء حرب تموز 2006 شهدت المدينة ازمة سكانية نتيجة لتدمير عدد كبير من المنازل، فبعض الاهالي بادر الى الاستئجار ريثما يتم التعويض والانتهاء من اعادة منزله، والبعض الآخر الذي يتمتع بحالة مادية جيدة سارع الى اعادة اعمار منزله من ماله الخاص ويتم التعويض عليه في وقت لاحق، لكن الازمة السكانية التي عصفت، بقيت مستمرة حتى اليوم ، اذ يعاني العديد من العائلات من عدم وجود منازل للاستئجار، ويتوقع ان تنفرج هذه الازمة خلال الصيف المقبل حيث ان العشرات من المنازل المدمرة شارفت على التشطيب، ومن المفترض ان يعود عدداً كبيراً من هذ العائلات الى السكن في المنازل خلال الصيف وبالخصوص في وسط بنت جبيل الذي بدا يشارف على الانتهاء الفعلي من اعادة الاعمار.
وعلى اطرف البلدة هناك مشهد يوحي بالحركة العمرانية الضخمة فالمساحات الشاسعة تشهد ثورة في بناء المنازل الحديثة بتصماميم معمارية مبتكرة كالقصور والفيلات التي يتم بناؤها وفق مواصفات عالية الجودة تجعل منها ابنية متكاملة وجميلة في آن واحد.
التقرير مصور ..