أعادت صحف بريطانية إثارة قصة "قرية عربية" في بلدة قريبة من عاصمة البوسنة والهرسك سراييفو، ومعظم قاطنيها خليجيون يزورون زوجاتهم بين الفينة والأخرى، بدعوى أن سكان المنطقة منزعجين من وجودهم.
وكان تقرير لوكالة "رويترز"، قد أثار قصة قاطني هذا المجمع السكني، الذين يغلب عليهم الجنسية الكويتية، وبدأوا بالتوافد إليها بعد عام 2011 مع أحداث الربيع العربي.
ويضم المجمع ما يقرب من 160 منزلا في أحد الأحياء الفخمة بالقرب من منطقة تارجين على بعد 5 أميال إلى الغرب من العاصمة البوسنية سراييفو.
وتُسوّق هذه المنازل في الكويت وتُعرض للبيع مقابل 150 ألف يورو (133 ألف جنيه إسترليني).
وتروج الإعلانات الترويجية لشراء هذه المنازل باستخدام عبارات مثل "دولة البوسنة المسلمة هي جنة الله على الأرض".
وكان تقرير "رويترز"، أشار إلى أن السكان المسحلين منقسمون بشأن وجود العرب، فبعضهم ما يزال يحمل تقديراً كبيراً للعرب منذ وقوفهم إلى جانب البوسنيين في حربهم مع الصرب والكروات، وبعضهم مستاء من الوضع الحالي.
وذهب التقرير إلى أن بعض السكان المحليين غاضبون بسبب عدم السماح لهم بالدخول إلى هذا الحي إلا إذا كانوا عمالاً.
وقد عانت البوسنة والهرسك حرباً أهلية طائفية منذ 20 عاماً عندما اشتبك البوسنيون المسلمون -الذين اعتنقوا الإسلام في أثناء حكم الإمبراطورية العثمانية- مع الصرب والكروات.
ووفقاً لتقديرات غير رسمية يصل إجمالي عدد السائحين العرب ما بين 50 و60 ألفاً.
ويجلب الزائرون سيولة نقدية يحتاج إليها الاقتصاد الذي لم يتجاوز بعد آثار الحرب التي شهدتها البلاد في التسعينات.
لكن عدداً كبيراً من السكان المسلمين الذين يؤدون الصلاة في منازلهم أو المساجد فقط، أبدوا عدم ارتياحهم حين رأوا مجموعة من الرجال العرب يرتدون الثوب (الدشداشة) يصلون في الهواء الطلق بمنتجع شهير لتمضية عطلة نهاية الأسبوع قرب سراييفو.
واستاء البعض الآخر من مركز تسوق جديد يحظر فيه بيع الخمور ولحوم الخنزير.
بينما يقلل وكلاء السفر والعقارات من هذه المخاوف، إذ نوهوا بأنه ينبغي الترحيب بالأموال كي يستعيد الاقتصاد عافيته، موضحين أن الزائرين يأتون صيفاً فقط هرباً من حرارة الجو في بلادهم.
ويريد الوكلاء أن تحسن الدولة التشريعات لتشجيع عدد أكبر من الزائرين والمستثمرين على القدوم إلى البوسنة.
إجراءات أمنية
والحي الخليجي الموجود في منطقة تارجين مُحاط بإجراءات أمنية مشددة وبوابات وأسوار عالية.
وتُشير التقارير إلى أن النساء يعشن في هذا الحي مع أطفالهن طوال العام، بينما يأتي أزواجهن على فترات متفرقة خلال العام.
ويهدف المُطورون العقاريون الآن إلى مُضاعفة حجم هذه القرية الخاصة.
ووفقاً لتقارير نشرتها صحيفة "دايلي ميل" وصحيفة إكسبرس البريطانيتان، قال أحد عمال العقارات في الحي لإحدى وسائل الإعلام المحلية: "إن أصحاب المنازل لا يريدون الاختلاط بالسكان المحليين؛ لأن لديهم تقاليدهم الخاصة وملابسهم وسلوكياتهم وصلاتهم، ولا يُريدون أن يُحدق فيهم أحد".
وفي هذا الصدد، تقدمت بعض وسائل الإعلام المحلية بشكوى إلى المسؤولين في المنطقة تقول فيها: "إنه من غير القانوني أن يشتري أجانب أجزاء من أرضنا وتمنعنا من دخولها"، حسب التقرير.
ويقول أحد السكان المحليين، يعمل صيدلياً: "نحن مسلمون أيضاً، لكننا نصلي في منازلنا وفي المساجد، ونحن دولة علمانية وهم مختلفون عنا"، وفق تعبيره.
ويشير تقرير نشرته الشهر الماضي صحيفة الحياة اللندنية إلى أن القلق من السياحة الخليجية يتزايد بصورة خاصة لدى الصرب والكروات، حيث يُزعم البعض وجود مخطط لرفع نسبة المسلمين في البوسنة على حساب الصرب والكروات.
ويدعو التقرير إلى ضرورة إجراء تفاهمات ومبادرات إعلامية وقانونية، تسهّل على الأفراد الخليجيين شراء العقارات بشروط معينة من دون الحاجة إلى الالتفاف على القوانين وتأسيس شركات، واعتراف المسلمين ببعضهم أو بوجود فروق ثقافية بينهم لا بد من احترامها.
موقف الحكومة
وسبق أن أكد سفير جمهورية البوسنة والهرسك لدى الكويت سناهد بريستريتش، أن المستثمر الكويتي يحتل المرتبة الأولى خليجياً في البوسنة، مضيفاً إن أعداد السائحين الكويتيين في ازدياد، حيث ارتفع عددهم من 5 إلى 30 ألف سائح خلال السنوات الثلاث الماضية (التصريحات في عام 2015).
وأكد السفير أن الاستثمار في البوسنة والهرسك هو استثمار آمن، ذلك إن القوانين البوسنية تحمي الملاك والمستثمرين، لأن هذه القوانين تخضع لقوانين الاتحاد الأوروبي الموحدة وللمحكمة الأوروبية في "ستراستبورغ"، حيث تعتبر الملكية في أوروبا من الأمور المقدسة التي لا يمكن لأي شخص التعدي عليها.
وحذر السفير البوسني لدى الكويت المواطنين الكويتيين من شراء الأراضي قبل التأكد من إمكانية الاستفادة منها، بمعنى أن هناك أراضي غير صالحة للبناء أو التطوير لأنها أراضي غابات أو غيرها.
بدوره ، لفت سفير دولة الكويت لدى البوسنة والهرسك ناصر المطيري إلى أن القوانين البوسنية لا تسمح للمواطنين الكويتيين بالتملك المباشر للعقار إلا من خلال شركة مسجلة لها نشاط داخل البوسنة.
ويعترف المسؤولون البوسنيون بأهمية المساعدات الخليجية لبلادهم خاصة خلال الحرب الأهلية التي وقعت في تسعينيات القرن العشرين، إذ قال حارس سيلاجيتش، الرئيس البوسني السابق: إن دول الخليج قدمت جهداً ومساعدات كبيرة للبوسنة خلال فترة الحرب، وذلك عبر مؤسسات إسلامية كثيرة، مؤكداً أن البوسنيين لا ينسون ذلك قطعاً، منوّهاً بالأثر الإيجابي الكبير الذي تركته المساعدات الخليجية على الناحية المعنوية عند الشعب البوسني.
(Huffington Post - Daily Mail)