أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عندما تأتي أيها الرئيس...

الإثنين 31 تشرين الأول , 2016 08:35 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 11,969 زائر

عندما تأتي أيها الرئيس...

لا أعرف الكثير عن السياسة اللبنانية وتفاصيلها اليومية المعقدة أو البسيطة، لا أعرف الكثير عن اسم الرئيس الجديد أو لونه، او مشروعه لكنني مواطنة عادية قررت ان تبقى في هذه البلاد وفضلت عدم الهجرة، فعائلتي هنا وأصدقائي هنا وذكرياتي وطموحي هنا. لكنني أعاني مثل الآخرين من وطن يضيق العيش فيه، ليس لأسباب استراتيجية بل لمشاكل يومية تقهرنا كثيرا. فعندما تأتي أيها الرئيس الجديد، لا تأخذ الكثير من الصور، ولا تلق خطابات طويلة، ولا تعدنا بأمور عظيمة، يكفي ربما أن تجد حلولا فعالة لأزمات واضحة مثل انقطاع المياه والكهرباء وأزمة النفايات. مثل عدم تطبيق قانون السير والخطر الذي يحدق فينا وبأولادنا يوميا.
نحب هذه البلاد، ونحب شوارعنا وأرصفتنا، ونحب جبلنا وبحرنا، ونحب الوجوه التي نصادفها في الطرق، ونحب بعض صالات السينما، ونحب أفكار شبابنا ومشاريعنا غير اننا نحتاج لحلول ناجعة، مستدامة لكي تبقى شوارعنا لنا، ولكي يبقى أولادنا هنا، ولكي تبقى لنا القدرة على أن نذهب في الصباح الى أعمالنا مثلنا مثل جميع الأفراد في العالم الذين يتوفر لهم أبسط أسس الحياة اليومية من ماء، وهواء، ونور، وطريق.
في العام 2016، لا تحتاج، أيها الرئيس، لأن يجتمع العالم أجمع، أو يتفق جميع رؤساء العالم، لكي تحل تلك المشاكل العقيمة منذ زمن، والتي توجعنا في العمق، وتجعلنا نكره لبناننا، وبلدنا، ووجوهنا، وحياتنا، وأجسادنا، ورائحة ثيابنا، وذكرياتنا في زوايا الأرصفة.
لا تحتاج، أيها الرئيس، في القرن الحادي والعشرين لاختراعات علمية أو هندسية عبقرية وباهرة لكي تجد حلا لأزمة المياه، أو لتطبيق قانون السير، أو لإيجاد خطة عملية لتفعيل النقل العام في لبنان، أو لإيجاد فرص عمل أكبر لشباب يحلمون ويضحكون، ويبتسمون، بل يكفي أن تنصت لبعض الصادقين وأن تضع الخطط وتنفذها.


لا تبتسم أيها الرئيس كثيرا الى الكاميرات، ولا تكثر من اللقاءات، والمصافحات، ولا تبدل كثيرا ألوان ربطة العنق، ولا تذكرنا أن لبنان سويسرا الشرق، وأن البحر قريب من الجبل، وأن العرب يفضلون السياحة في لبنان وأن هناك أزمة في المطار، ولا تعدنا أننا سنصبح القبلة الأولى للسياحة، أو أن مركبة فضائية سيطلقها فريق من الباحثين العلمين من محطة أرضية في لبنان، ولا تقل لنا أن الهواء عليل، بل تراس اجتماعات قليلة، فيها خرائط وأرقام كثيرة وساعدنا على ايجاد حلول لمشاكلنا اليومية. في نوعية الهواء والغذاء والدواء، في السير والعمل والعلم.
بذلك فقط، سنحبك كثيرا، وربما سنعلق صورك في غرف نومنا، وسنقول في أنفسنا وان كانت الحياة صعبة في التاريخ وفي الفلسفة وفي الرؤية، غير أننا ننعم بالخدمات والوسائل الضرورية والاساسية لكي نستيقظ في الصباح ونذهب الى أعمالنا هادئين، منشرحين، ولكي نصمم ونخطط، لكي نفشل وننجح، لكي نحلم ونحبط، لكي نصرخ ونضحك ونبكي، لكي نحب ونكره مثل كل الذين يعيشون في بلاد تحترم أبسط حقوق مواطنيها.
عندما تنتخب أيها الرئيس، لا تخطب كثيرا، ولا تتحدث عنا مليا من دون أن تعرفنا، ولا تجول في اصقاع الأرض ومشاربها، ولا تعدنا بالكثير، بل افعل شيئا واحدا، جد حلولاً.
ملاك مكي 
السفير بتاريخ 2016-10-31 على الصفحة رقم 5 – محليّات
http://assafir.com/Article/515969

 

Script executed in 0.21421980857849