عاد القلق يراود أبناء بلدة الخيام إزاء الخطر الداهم والمتكرر على «دردارتهم» التي طالما تغنّوا بها وألفوا القصائد لأجلها، وسط إجماع بينهم «أن الدردارة تعني الجغرافيا والذاكرة والتاريخ والأدب، الماضي والحاضر والمستقبل»، يقول حسين صادق في اعتراضه على ما يقوم من بناء في العقارات التي تحاذيها أو تلاصقها.
أما الخطر «الداهم»، من البناء العشوائي في «حرمها» المتجدّد «بين بلدية وأخرى»، وسابقاً (2012) في «قلبها»، فيشبه إلى حدّ كبير معاناة نهر الليطاني. لكن نبع الدردارة الذي تغنت به المجالس البلدية المتعاقبة منذ ما بعد التحرير في سنة 2000 وهبّت «كذلك» لحمايته واستملاك مساحات من العقارات حوله لمنع الضرر عنه وجعله متنزهاً سياحياً للعموم، (بحسب محاضر الجلسات) هي عينها (البلديات) التي توافق، حيناً، على بناء مقاهٍ واستراحات ليس في تخومه العقارية فحسب، بل وعلى طمر أجزاء منه كما حصل في العام 2012، من جهته الشرقية وبناء مطعم واستراحة في حرم الطريق العام وفي حرم النبع؛ ولا تمنع عنه الضرر حالياً بعدما تحوّلت الأرصفة المبنية حول حوضه على نفقتها، أملاكاً شبه خاصة ولم تعد للعموم، يستفيد بعض المحظيين من تأجير الكراسي المنتشرة عليه كاستراحات متنقلة، ولا تمنع كذلك بناء الجدران الذي بدأ يقوم أخيراً من دون حسيب أو رقيب، ويشارك في ارتكابه أعضاء من المجلس البلدي، من أصحاب العقارات أو ورثتها. ناهيك عن تسرّب المجاري الصحية والمياه الآسنة «بسلاسة» نحوه من البيوت في الأحياء العليا.
ويفيد أعضاء من المجلس البلدي أن «قضية نبع الدردارة جعلت المجلس البلدي ينقسم حوله بين مؤيد ومعارض، وراحت بعض الأصوات تنادي بأنه لا يجوز شرعاً استملاك العقارات من دون رغبة أصحابها، وبأن لا يحق للبلدية أن تستملك أي مساحات في حال رفض أصحابها»، كما يقول أحد الأعضاء المحسوبين على «حزب الله»، مشيراً إلى «أنني طرحت الموضوع في البلدية وردّ أحدهم بأن حزب الله لن يرضى على الاستملاك إذا مانع أصحاب العقارات».
هذا الكلام لم ينفه أو يؤكده رئيس البلدية الطبيب علي العبدالله، الذي أشار في لقاء معه في مبنى البلدية «إلى أن ما يتمّ من بناء هو بموجب رخص صادرة على البلدية السابقة وأن هذا البناء قد لا يتعدّى تسييج الأملاك الخاصة». وقال لـ «السفير»: «نحن بصدد درس قرار يدفع إلى إزالة البناء (التعديات) الذي تمّ سابقاً في حرم النبع أو على تخوم الطريق العام، بالرغم من تجديد المستفيدين للرخصة ست سنوات أخرى».
يُشار إلى أن المستثمر الأول لمشروع البناء، المطعم والاستراحة، الذي تم في سنة 2012، أجّره إلى مستثمر آخر، والآخر إلى ثالث.
ويُشاع في الخيام أن أحد أعضاء المجلس البلدي هو مَن يخرق، حالياً، القوانين في البناء في حرم النبع برغم علمه بقرارات البلديتين السابقتين في الموافقة على الاستملاك ليس بمساحة عشرة أمتار، بل بمساحة عشرين متراً وفقاً لقرار وزارة الطاقة والمياه.
لقد وافق المجلس البلدي السابق (2010 ـ 2016) برئاسة المهندس عباس عواضة، في «جلسته المنعقدة بتاريخ 19 آذار 2016، المكتملة النصاب قانوناً، على استملاك 20 متراً من محيط نبع الدردارة». وكلف رئيس البلدية «اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع هذا القرار موضع التنفيذ وفقاً للأصول». واشار القرار إلى «أننا تقدّمنا في وقت سابق عبر قرار (م. ب.) بطلب استملاك 10 أمتار من محيط نبع الدردارة. وبناء على موافقة المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة على مشروع الاستملاك موافقة مشروطة باستملاك البلدية لما يزيد عن 20 متراً من محيط النبع، بحيث تكون من ضمنه منطقة الحرم التي تحفظ البيئة سليمة من التلوث، وهو ما يخدم المصلحة العامة. وحيث إن المجلس البلدي يُولي عناية خاصة لنبع الدردارة يجعله متنزهاً للعموم باعتباره موقعاً سياحياً».
وكان المجلس البلدي الأسبق (2004 ـ 2010) برئاسة علي زريق قد قرّر في جلسته المنعقدة بتاريخ 15 أيلول 2007 «الموافقة على استملاك جزء من العقارات المحيطة بالدردارة بعرض لا يتجاوز 10 أمتار وهي (DF 18 ـ 717 ـ 691 ـ 692 ـ 693 ـ 688 ـ 689 ـ 690) من منطقة الخيام العقارية».
كامل جابر
السفير بتاريخ 2016-11-09 على الصفحة رقم 4 – محليّات
http://assafir.com/Article/516864