ظللت هذه الاشجار رؤوس عابري الطريق لسنوات مثلما اغشت على عيون وزارات واتحادات بلديات ومجالس معنية بتأهيل الطرقات واصلاحها.
يقطع المار على طريق النبطية - مرجعـيون ما يـقارب الاربعة كيلومترات بين اشجار الكينا.
بعض هذه الاشجار وعددها نحو ال 50 ممن تقع ضمن النطاق الجغرافي لبلدة النبطية الفوقا، كان لها موعد مع القطع بتكليف مــن الــمــجــلــس الــبــلــدي. انقسم المجلس على ذاتــه وخــرج بعض اعضائه من الاجتماع احتجاجاً على قرار تم اعتماده بالاكثرية العددية بعد التصويت عليه يقضي بقطع العشرات من الاشــجــار المعمرة بسبب تأثيرها على شبكة الخطوط التابعة لكهرباﺀ لبنان.
مشهد الاشـــجـــار المقطوعة بطريقة لا يمكن القول عنها إلا بالعشوائية وربما المجحفة بحق ا لطبيعة وا لبيئة، بخا صة بعد ان اثبتت طريقة القطع انها لا تراعي الاســبــاب الموجبة، اسفر رأيان متناقضان، امتدا من داخل المجلس البلدي ليؤديا الى حالة من الانقسام الداخلي بين سكان البلدة. فالرأي الاول وعلى رأسه رئــيــس بــلــديــة النبطية الفوقا اســد غندور يستند الــى مبررات مفادها "ان مؤسسة كهرباﺀ لبنان تقدمت بطلب الى البلدية بضرورة تشذيب او تشحيل بعض الاشجار بخاصة تلك التي تصل بغصونها الــى الشبكة الامــر الــذي يتسبب بانقطاع متكرر للتيار الكهربائي، وبــأن الشركة لــم تقدم على اي عملية اصـــلاح جــديــدة للاعطال الطارئة على الشبكة اذا لم يحل وضع تلك الاشــجــار". وبناﺀ لهذه الاسباب اجتمع المجلس البلدي يتساﺀل الكثير من الاهالي عن موقف ودور وزارة الزارعة في ما يجري، بخاصة انه ما دامت تقف عاجزة عن اداﺀ مهمتها في دعم الزراعة والمزارعين في تقديم الخدمات لهم، فلماذا لا تقوم باجراﺀاتها التطبيقية وتلاحق المخالفين والعابثين بأمن الطبيعة والبيئة؟
وقرر المباشرة بعملية القطع وهذا ما حصل بالفعل.
حين احتجت دائرة وزارة الزراعة في النبطية على عملية القطع، واجهها المجلس البلدي بمذكرة مرفوعة من محافظ النبطية محمود المولى يطلق فيها يد البلديات في معالجة وضع اية شجرة تعيق عمل مؤسسة كهرباﺀ لبنان، الامر الذي دعا مصدرا في وزارة الزراعة الى وصف هذا التعميم بأنه مخالف للقانون الــذي يعتبر ملكية اي شجرة حرجية ســواﺀ كانت عامة ام خاصة وهو ما ينفي المصدر حصول البلدية عليه. وبالتالي فانه عندما توجه مفتشون من دائرة الزراعة الى المجلس البلدي لكتابة محضر ضبط في حقه، تفاجأ هؤلاﺀ بمذكرة المحافظ المولى للبلديات.
ويشير المصدر في الزراعة "الى ان هذه المذكرة ادت في الكثير من الحالات الى عشوائية في القطع ودون مراقبة واشراف من الوزارة، هـــذا مــا عـــدا الاســتــغــلال البشع لبعض البلديات لهذا القرار بحيث غدت الآلاف من الاشجار في منطقة النبطية عرضة للقطع والابادة التي تبررها اسباب واهية".
اتهم الــرأي الثاني والمناوئ للآلية التي تم قطع الاشجار بها رئيس البلدية وبعض المقربين مــنــه بــاســتــخــدام مــا تــم قطعه كحطب للتدفئة، وبأن الاقدام على قطع اكبر عدد ممكن من الاشجار وبهذه العشوائية التامة يخدم هــذا الــغــرض، بــل اكثر مــن ذلك يعمد العديد من سكان البلدة الـــى الــتــصــريــح الـــى "ان حطب هــذه الاشجار دخــل ضمن المال الانتخابي الداخلي في بلدتهم وبـــأن تــوزيــع الــحــطــب دخـــل في لعبة المحسوبيات والمساومات".
وبين هذا وذاك يبدو ان معركة جديدة دخلت فيها اشجار الجنوب والنبطية تحديداً، اسبابها فصل الشتاﺀ وارتــفــاع اسعار المازوت تعاونها قرارات ومذكرات رسمية تساهم في عملية الابادة.
٢٠٠ الف ليرة قيمة الغرامة على اي شجرة يتم قطعها خلافاً للقانون، وذلك لا يحصل بالضرورة في لبنان.
٪٧ هي المساحة الخضراﺀ المتبقية في لبنان وهي آخذة بالتناقص بفعل الحرائق والقطع العشوائي فيما تبقى وزارات الزراعة والبيئة غائبة عن السمع والمراقبة.
