أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بن جدو وَفَى بوعده.. لكن «حوار مفتوح» لم يفعل

الإثنين 23 شباط , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,124 زائر

بن جدو وَفَى بوعده.. لكن «حوار مفتوح» لم يفعل
لجهة إزاحة الستار عن بعض تفاصيل التسلل إلى القطاع المحاصر أولاً، أو لجهة التعرّف على حياة قد تكون مختلفة لمقاومين قادوا معارك ضارية في وجه العدو الإسرائيلي، فبانت إشكالية دور المقدم في محاورة ضيوف استثنائيين.. في ظروف استثنائية.
البداية إذاً من «التسلل» إلى غزّة. تفاصيل التسلل هذا اختبأت كلها خلف عبارة وحيدة قالها بن جدو في مقدمة البرنامج: «جئنا من حيث جئنا»، سبقتها تهنئة بالسلامة من السائق وقُبلةٌ من بن جدو لتراب غزّة. مشهد افتتح الحلقة، بفيض المشاعر التي عبر عنها بن جدو، لحظة وطأت قدماه أرض غزّة للمرة الأولى، وفي تجواله في السيارة برفقة السائق الذي تولّى التعريف بأسماء الشوارع والمناطق، ولحظة تذوّق فاكهة «توت الأرض»، من على عربة في أحد شوارع القطاع.. مع أن الكاميرا التي رافقت الجولة الليلية عجزت عن نقل الصورة والصوت بشكل واضح، خصوصاً أن الدخول إلى غزّة جاء في ساعات الليل.
وان كان يمكن فهم إغفال التفاصيل السرية للتسلل، لحماية الجنود المجهولين «المتواطئين» (إيجاباً هذه المرة) مع بن جدو في تحقيق هذا السبق الإعلامي، إلا أن ما تناولته الحلقة لاحقا، جاء عادياً لجهة المعلومات التي قدمت حول المقاومين وأفكارهم، كما حول المعارك مع العدو.
فاللقاء الذي جمع بن جدو مع مقاتلين من «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أعطى صورة عامة افتقرت إلى المعلومات التفصيلية للمعارك التي قادتها المقاومة. هي تفاصيل كنا كمشاهدين ننتظرها، من دون أن تعني ذلك مطالبته بكشف أسرار حربية، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار التعتيم الإعلامي الذي فرضته إسرائيل أثناء الحرب، ما غيّب حكايات مواجهات قيل إنها كانت ملحمية من دون أن نعرف كيف حدثت ومن كان أبطالها، بعكس مثلاً، بعض المعارك التي حدثت في حرب تموز 2006 على لبنان، التي كشف الإعلام جزءاً كبيراً من تفاصيلها لاحقاً، فرسّخت في البال أسماء «مارون الراس» و «وادي الحجير» وغيرها.
حظي بن جدو بفرصة ذهبية تمثلت بالحوار وجهاً لوجه مع المقاتلين. أي فرصة إخراج ملاحم للضوء، لكن اللقاء اكتفى باستعراض سريع لحياة المقاومين، على الرغم من أن المناسبة أتيحت مرات عدة، للغوص في يوميات هذه الحياة، كما في حالة أحد المقاومين، العامل في مجال المعلوماتية نهاراً، والمقاتل مساءً في حياة سرية موازية. هو مثال، كان ليشكل ربما، مدخلاً مناسباً للتعريف إلى حياة هذا المقاوم، بكل تناقضاتها وتشعباتها.
ملاحظة أخرى تسجل على الحلقة تتعلق بالشكل الذي اتخذه الحوار بين المقدم والضيوف. ففيما يفترض أن يكون اللقاء حوارياً، انطلاقاً من اسم البرنامج على الأقل، جاء أشبه بحلقة من برنامج وثائقي. فاكتفى البرنامج باستعراض آراء الضيوف، من دون أن يتدخل بن جدو، إلا نادراً، في توجيه الحوار أو قيادته. فبدا كمن «استسلم» لرهبة حضور المقاومين، وربما هو «استسلام» مقصود أو حتى متفق عليه كشرط للمقابلة، لا نعلم، لكن صورة المقاتل ـ البطل غلبت الإعلامي ـ المحاوِر.
اكتفى بن جدو، مثلاً، بالسؤال عن مفهوم «الاستشهادي»، من الناحية العسكرية. فجاءت الإجابات عبر تجارب عرضها المقاومون لعمليات استشهادية، من دون الغوص في هذه الإشكالية أو عمقها في وجدان المقاومين وتفكيرهم.
لامس بن جدو مسألة احتماء المقاومة بالمدنيين، التي أثارها العدو الإسرائيلي مراراً، في تبريره لقصف المنازل والمدارس، مكتفياً بجواب أحد قادة «الكتائب» النافي للمزاعم الإسرائيلية، والمؤكد، في الوقت عينه، على حق المقاومة في استعمال الوسائل المناسبة كافة في القتال.
كل ذلك لا يمنع ان الحلقة كانت بمثابة سبق إعلامي، تمكن عبره بن جدو من اختراق الحصار الذي فُرض على فريق «الجزيرة» ومنعه من دخول القطاع. كما تمكن من لقاء مقاومين مجهولين، مقدماً بعض جوانب حياتهم وبطولاتهم. ويبقى انتظار الجزء الثاني من الحلقة، التي ستتطرق إلى «التواطؤ العربي مع الاحتلال»، كما جاء على لسان أحد المقاومين، وتفاصيل أخرى عن الأنفاق وعمليات المقاومة. (السفير)

Script executed in 0.21532487869263