أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عن "دواخين بيت ياحون" .. التي لم تمحوها الحداثة الإسمنتية بعد

الخميس 26 شباط , 2009 09:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 26,998 زائر

عن "دواخين بيت ياحون" .. التي لم تمحوها الحداثة الإسمنتية بعد

ففي بيوت ورثوها، أصلاً، عن آبائهم، أو حتى أجدادهم، يتلطى العشرات من اهالي هذه البلدة خلف الدواخين الطينية القديمة مستعيضين عن "الصوبية "و"الشمينيه" ، ويخزنون في زوايا البيوت الحطب والقش والخشب المتلف، متظللين بالقناطر الدائرية المبنية في العهد القديم .
ويلاحظ الزائر لبلدة بيت ياحون، وجود بعض "الدواخين" الطينية، في زوايا البيوت المعمرة منذ أكثر من مئة عام بعضها صنع من الطين الصلب المجبول من التراب والتبن والماء، ومواد نارية كانت خاصة بالدواخين آنذاك. وفي ليالي الشتاء القارسة، تجتمع عائلة ابو ابراهيم شعبان من بلدة بيت ياحون الجنوبية خلف وهج النارالمنبعثة من الداخون، وفي المجالس الليلية يحلو السهر على انغام فرقعة النيران التي تبعث الدفء في الجسم و ارجاء المنزل، وتكون ثمرة الشتاء "الكستناء" هي الثمرة الاساسية التي تشوى فوق نيران الداخون لتتلذذ الحاجة إم ابراهيم بتقشيرها وتقديمها "لأنها طيبية على نار الداخون ".
يقول الحاج ابو ابراهيم البالغ 90 عاماً، "ان الداخون كان قد اصيب بأضرار بالغة في حرب تموز 2006 ، الا انني قمت بترميمه على نفس الطريقة القديمة التي تعلمتها منذ عشرات السننين من والدي "رحمه الله"، واشدد على اهميته داخل البيت، لأنه يبعث الدفء والحماوة في كافة ارجاء المنزل، وينير عتمة الغرفة عندما تكون الكهرباء مقطوعة،"  ويضيف "مداخن بيت ياحون يعود بناؤها لأكثر من 100 عام، واليوم اصحاب القصور والفيلات الجديدة يعمدون لإنشاء دواخين مشابهة لهذه الموجودة في البيوت القديمة، داخل صالوناتهم بالاسمنت الجديد، وهذا ما يؤكد اهميتها، ويشير ابو ابراهيم إلى أن العديد من البيوت العتيقة في بيت ياحون بدأت تفقد شيئاً فشيئاً الدواخين، بسبب الاهمال وغياب أصحابها، والدواخين القديمة تحتاج إلى رعاية دائمة وتطيين وسد الثغرات التي يمكن أن يحدثها الطقس، حيث تمتد وتتعاظم بعد تركها."
ولهذا "الداخون" حكاية تجدد كل اسبوع، فيروي ابو ابراهيم انه يجتمع في عصرونيات ايام الشتاء مع اصدقاء العمر خلف نار "الداخون"، ويتناولون تاريخ الضيعة واياماً قد خلت ولا تخلو الجلسة من النقاشات السياسة ..
"الداخون" عند ابو ابراهيم تحول اليوم الى معلم قديم، يؤنس كل من احب وعشق التاريخ والتراث العاملي، كما انه يجذب للجلوس حوله مع كبار السن والمزارعين الذين صبغت الشمس سمرتهم ورسمت الحقول تجاعيد وجوههم.

Script executed in 0.18893790245056