نلبس اللون الأحمر بمناسبة عيد الحب، وكمجموعة، نشكل بقعة سوداء داكنة خلال مراسم العزاء، أما في المراحل المصيرية من حياتنا، فترانا نرتدي الأبيض، وتتلألأ العروس بفستانها الناصع يوم فرحها، كما يغادر المنتقل إلى رحمة الله هذا العالم متّشحاً بالبياض. فما أهمية الألوان ورموزها؟ وما علاقتها بيومياتنا وتحوّلات أعمارنا المصيرية؟ نميل جميعاً إلى اعتماد ألوان معيّنة، نفضّلها لدرجة تجعلها تنطق بنا، تعبّر عنا، وتعكس كمرآة مراحل نحياها. تعبّر عن ميولنا، فرحنا وحزننا، انفتاحنا وعزلتنا. إن ألواننا المفضّلة تبرز بشكل لا يقبل الشك طريقة تواصلنا مع العالم، مع المحيطين بنا، تماماً كما كلماتنا وهواياتنا.
للألوان خفايا ومدلولات تشير إلى الأشخاص من خلال تفضيلهم لأيّ منها أو حتى تجنّبه. لا يمكن إدراك حقيقة الألوان إلّا من خلال شبكة العين، بشرط وجود الضوء وانعكاسه. وهي لا تكتفي بالتعبير عن ميول الإنسان والحالة النفسية التي يمرّ بها، بل تؤثر أيضاً على حالته العاطفية والمزاجية، كما تكشف طبيعة ومكوّنات شخصيّته، أراد ذلك أو لم يرد.
تعطي الألوان صفات للأشياء من حولنا، وتساعدنا على الترتيب والتنظيم. نقوم بتنسيق ملابسنا بألوان تعبّر عن المناسبة، وتتماشى مع بعضها البعض. كما تشكل صيحات الموضة العالمية في تصميم الملابس، من ناحية الشكل واللون طريقاً نتبعه تماشياً أحياناً لا قناعة منا.
للألوان تأثيرات وقدرة مخفيّة تبرز الشخصية والتجارب والميول، تماماً كما يظهر ذلك من خلال السلوك والتصرفات. بناءً على ذلك سنعرض بعض الألوان الأكثر شيوعاً، بحسب رمزيتها وانعكاسها على مَن يفضلها، فتشير إليه وإلى الحالة التي يمرّ بها، كما تختلف من حيث الثقافة والمراحل الزمنية.
الأبيض
لون النقاء، الصفاء، الطهارة والبراءة. يلاحظ اعتماده في الأسرار الكنَسية، العماد، القربانة الأولى، الزواج وحتى الموت. بغض النظر عن هذه المراحل، يلبسه الأشخاص الحالمون، إشارة إلى البساطة، السلام والتوق إلى الكمال.
الأسود
لون الظلام والغموض. يعرف بملك الألوان لما يضفيه من أناقة ورقي على مَن يعتمده. يلبس في الحزن والحداد كما في المناسبات الرسمية والإحتفالات. وتعتمده نساء لإخفاء بعض الإضافات على الوزن المثالي للجسم. هو لون الإغراء والسلطة في آن. يوحي بالجنس والقوة والسيطرة على النفس. كما يدلّ على التمرّس ويلفت الأنظار ويضيف هالة يؤثر الفرد من خلالها على المحيط.
الأزرق
لون السماء والماء، يشير إلى السلام والضمير الحي والإحساس المرهف واللطف، بالإضافة إلى الإعتماد على الذات، الحكمة والمسؤولية. مَن يفضل اللون الأزرق هو شخص مخلص مسالم ومحافظ في غالب الأحيان.
يثق بحدسه، حذر وعنيد أحياناً. وكإثبات على السلام الذي يعكسه هذا اللون، أقيمت تجربة عام 2002 في شارع من شوارع إنكلترا حيث بدّلت الإضاءة باللون الأزرق، ما أدّى بشكل مباشر إلى انخفاض مستوى الجريمة والعنف في تلك المنطقة. كما يُحكى عن عادة قديمة تنصح مَن يعاني من الأرق بوضع وشاح أزرق تحت وسادته لحلّ تلك المشكلة.
الأحمر
لون الورد والدم، الحب، الشغف والإثارة. كما يدلّ على العنف والثورة، السرعة والخطر والطاقة. يتميّز مَن يضع هذا اللون بالمرتبة الأولى بالإنفتاح، التفاؤل، الطموح والإنفعال. يكره الروتين ويسعى إلى التغيير الدائم وتحدّي الصعوبات.
الأخضر
لون الطبيعة. يشير إلى الأمل، التجدّد، السلام، التناغم والتعادل. مَن يفضل اللون الأخضر هو بطبيعته شخص هادئ وصادق، متعاون، إجتماعي، متواضع وصبور، يمحو نفسه أحياناً في سبيل الآخر. شخص متّزن وحكيم، يفضل الإعتماد على نفسه.
البرتقالي
لون البهجة والسرور، القوة والحركة والشباب، وهو يقاوم النعاس. محبّو اللون البرتقالي هم أشخاص إجتماعيون من الدرجة الأولى، مسالمون، خلّاقون ومنفتحون، يشعّون بالطاقة وأحرار في تفكيرهم، يميلون إلى التسلية. ذات قدرة مميَّزة على التواصل، بودّ وتفاؤل.
الرمادي
ما بين نقاء البياض والقوة والسلطة التي يرمز إليها الأسود. مَن يكثر من استعمال هذا اللون شخص عقلاني قليل الإنفعال، موضوعي، حذر، ثابت وسيد قراراته، يخفي مصالحه الشخصية ومشاعره عن الغير.
الأصفر
لون الصيف والشمس، يدلّ على الإيجابية، قلّة الصبر، العقل، الفكر والذكاء، السعادة والفرح والإشراق، الإيجابية والجبن أحياناً. كما يرمز إلى الحياة والميل للمخاطرة، ولمَن يستعمله قدرة على تغيير مجرى حياة المحيطين.
البني
يدلّ على النضج الذي تمرّس به الإنسان بسرعة بعد المرور بتجربة معيّنة، فنلاحظ أشخاصاً يتحوّلون فجأة لاعتماد هذا اللون. يتمتع مَن يفضل هذا اللون بالصبر والقدرة، ويتميّز بالضمير الحي، والتحفظ، كريم، يميل إلى التباهي أحياناً.
البنفسجي
نسبة لزهرة البنفسج التي تعني التفكير باللغة الفرنسية. هو نتيجة مزج الأزرق والأحمر. يشير إلى الرومنسية، التفوّق والثقة بالنفس، الإبداع والعيش في عالم الخيال أحياناً.
إنّ الأمور التي تعبّر عن الإنسان لا تُحصى ولا تُعَد، وهي أحيانا بارزة ظاهرة وأحياناً أخرى كامنة ضمنية، والألوان هي أحدها. إلّا أنّ علاقة الإنسان بالألوان هي لا شك وليدة طريقة تنشئة معيّنة، وظروف، وهي تختلف بين عصر وآخر وثقافة وأخرى. وتفسيرنا للألوان ومدلولاتها يبقى نسبياً بحسب الأوضاع العامة والخاصة للفرد.
(ساسيليا ضومط - الجمهورية)