أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

فوبيا الشاحنات

الجمعة 03 شباط , 2017 10:29 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 28,683 زائر

فوبيا الشاحنات

حين تتعلّم القيادة سينسون أن يقولوا لك إنك ستصاب بعد حين بفوبيا الشاحنات. هذه الفوبيا تحديداً تصيب السائقين في بلادنا فقط.
حين يتسلّم أحدهم قيادة شاحنة، سينسون أن يخبروه أنّ على الطريق يسير ناس، لا عجلات.
ثم يمضي في القيادة على هذا الأساس. في الطريق إلى الشمال، إلى البقاع، إلى الجنوب، إلى الدورة، ستكاد شاحنات كثيرة تدهسك (تمعسك)، بلا اعتذار، وأمام الشرطي الذي قد يلتهي بهاتفه، بامرأة جميلة، بسيارة فخمة، بالموسيقى العالية. المهم أنه لن يتوقف كثيراً عند مشهد الشاحنة التي لا يفصل بينها وبينك إلّا 10 سنتمترات غير آمنة.
قد يكون الحديث عن جنون الشاحنات قديماً جداً. ربما تحوّل الأمر إلى شيء عاديّ طبيعي يرافق يوميات سكان هذه البقعة الصغيرة غير المنظّمة.


أحياناً يتسابق أصحاب الشاحنات، أحياناً يتجاوزون خطوط السير، وبطبيعة الحال لا يسيرون إلى جهة اليمين. من النادر أن تجد شاحنة «محترمة» تسير بهدوء إلى يمين الطريق. هذا إعجازٌ قانونيّ!
بالعودة إلى فوبيا الشاحنات. في كلّ مرّة تسير باتجاه أيّ مكان لا بدّ أن تشعر بأنك محاصر بسواتر حديدية ضخمة من الجهات الأربع، شيء ما في لا وعيك سيسأل الطريق: هل هذه الحرب؟ آه هذه شاحنة! ثم ستعتاد على الخوف. بعد ذلك ستصبح شتّاماً من الدرجة الأولى، وستُشتَم أيضاً.
ستتجاوزك شاحنة بسرعة فائقة، من جهة اليمين غالباً، ويخرج صاحبها من نافذة ليعلّمك درساً في القيادة وآخر في الأخلاق، ويفتح قلب «الزمور» ويمرّ كصاروخ. حسناً مرّت على خير.
أخبرتني صديقتي التي تعيش في أوروبا أنها بعدما سافرت تعلّمت القيادة من جديد، ثمّ أحبتها وباتت تستمتع بالقيادة في تلك البلاد. هل يمكن أن تكون القيادة أمراً ممتعاً مثلاً، أو حدثاً يومياً غير مخيف؟ هل يمكن أن تدور عجلات السيارات من دون قلق أو أن يتحلّى سائقو الشاحنات بالقليل من الإنسانية أو النظر إلى الطريق على أنه ليس ملكاً خاصاً؟
أخيراً، نصيحة صغيرة من نورمان شوارزكوف (أحد قادة الحربين العالميتين) «القيادة مزيج من الاستراتيجية والشخصية... ولو أنّ عليك أن تتخلى عن أحدهما فتخلَّ عن الاستراتيجية».

الجمهورية

Script executed in 0.19650888442993