بدأ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، محاولة تنفيذ وعوده، التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية؛ من أجل استعادة "عظمة الولايات المتحدة" مرة أخرى، فحظر دخول مواطني سبع دول إسلامية، وهي إيران، وليبيا، والعراق، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن.
وعلى الرغم من الاحتجاجات، التي ظهرت بعد هذا القرار العنصري؛ إلا أن ترامب لم يأبه، وسارع في تطبيقه، بعد أسبوع من توليه الرئاسة.
فيما سارعت كثيرٌ من البلدان في إبداء استيائها من قرار ترامب، إذ طالب عدد كبير من الفرنسيين حكومتهم بضرورة استعادة تمثال الحرية Statue of Liberty، الذي أهدته فرنسا لأميركا عام 1886؛ من أجل تعزيز الصداقة بين البلدين، وكي يصبح رمزاً للحرية، لكن هل تعلم أن تمثال الحرية، الذي يقع على خليج نيويورك، ويعد بوابة المهاجرين لأميركا مستوحى من امرأة مسلمة؟!
قبل سيدة الحرية كانت فلاحة مسلمة
خلال عام 1869، أرادت الدولة المصرية تشييد منارة على مدخل قناة السويس، بعدها استطاع النحات الفرنسي الشهير، فريديريك أوغست بارتولدي، تصميم عمل فني مصغر لتمثال يحمل مشعلاً، يشبه امرأة مسلمة، واستوحى الفكرة من مشاهدته الفلاحات المصريات، يحملن جِراراً فوق رؤوسهن أثناء الرحلات النيلية التي قام بها.
عُرض هذا النموذج على الخديوي إسماعيل، واقترح وضع التمثال على مدخل قناة السويس؛ ليرمز إلى تقدم مصر، فيما حاول بارتولدي الحصول على الدعم والتمويل من الخديوي، لكن باءت المحاولات بالفشل؛ بسبب الديون الكثيرة، وحالة الإفلاس، التي طالت الدولة المصرية بعد التكاليف التي تكبدتها خلال حفر القناة وافتتاحها.
بعد ذلك، حاولت الحكومة الفرنسية توطيد علاقاتها مع البلدان الأخرى، ومنها الولايات المتحدة؛ ففكرت في إهدائها تمثال بارتولدي، وقررت فرنسا أن تتحمل تكاليف نحت التمثال وتصميمه، فيما تتحمل أميركا تكلفة تأسيس قاعدة التمثال. كذلك عدلت فرنسا التمثال، فأزالت الحجاب، وأبقت على العباءة.
فيما استطاعت فرنسا من خلال اليانصيب، وبيع نسخ مصغرة من التمثال، والتبرعات، القادمة من كافة المواطنين والشركات وحتى تلاميذ المدارس، الحصول على التمويل اللازم لاستكمال أعمال بناء التمثال.
أما الجانب الأميركي، فبذل جهوداً مُكثفة لتوفير الأموال اللازمة لبناء وتصميم قاعدة التمثال، تحت إشراف المهندس المعماري ريتشارد هنت، ثم غوستاف إيفل، من خلال المسارح والمعارض، والحملات الدعائية عبر الجرائد.
وبهذا حصل الطرفان على الدعم المالي، وخلال عام 1884، انتهت فرنسا من تمثال الحرية، وشحنته بحراً، ووصل ميناء نيويورك في عام 1885، وبعد الانتهاء من بناء القاعدة، تم تركيب التمثال وتثبيته، وفي عام 1886، كُشف عن تمثال الحرية خلال احتفالية كبيرة.
ومنذ ذلك الوقت، وحتى الآن، جرت عمليات إصلاح وترميم للتمثال، وغُيرت الشُعلة القديمة لأخرى ذهبية مصنوعة من النحاس. ويعد تمثال الحرية أحد المعالم المشهورة في العالم، ويأتي إليه السياح من كل مكان، إذ يصل عدد زائري التمثال سنوياً أكثر من 4 ملايين شخص.
وبعد مرور أكثر من 100 عام، لا يزال تمثال الحرية رمزاً للحرية بأميركا والعالم، وليس للقمع والعنصرية، ويمكن رؤية كلمات للشاعرة "إيما لازاروس"، منحوتة على تمثال الحرية، ومنها "أعطني فقراءك ومساكينك الذين اجتمعوا واحتشدوا من أجل تنفس الحرية"، وتلك الكلمات كانت تعبر عن المصاعب التي يعاني منها اللاجئون؛ من أجل الوصول لأرض الحريات "أميركا".
(هافينغتون بوست)