أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

بنت جبيل في وداع ابنها الدكتور خليل مصطفى

الخميس 12 آذار , 2009 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,945 زائر

بنت جبيل في وداع ابنها الدكتور خليل مصطفى
إنها تعرف أن المناضل د. خليل مصطفى واحد من الذين شنوا هجوماً على الحياة لا هوادة فيه، اقتحموا أسوارها ودكوا حصونها يوم كانت سنابك العوز تمرّغ جبهة تراب الأحوال. وتعرف أنه من الذين اقترفوا الأمل والمغامرة والطموح رغماً عن كثافة سحائب اليأس وتحدياً للعوم فوق العديد من بحيرات المصاعب والمتاعب. لذا باسم العلم والثقافة ترثيه وباسم المغامرة تنعاه فهو الذي عمل جاداً ومخلصاً على توأمة المؤسسات والجمعيات الإنسانية والثقافية والاجتماعية التي كان له شرف رئاستها وإدارة شؤونها في أبعد صقع من أصقاع الأرض عنّا ـ في أستراليا ـ مع الكثير من الروابط والجمعيات والأندية المماثلة الناشطة في الوطن الأم. هذه المؤسسات النوارة التي تقطع الشوارع راجلة خطوة وضوءاً بين الرصيف والرصيف، تملك الطريق والنور وتدخر الشموس والمنارات في كل جيوبها والأقمار والشهب في كل مصارفها، فأقدام الثقافة والإبداع هي وحدها التي خلقت لتواكب إعصار الثوار وزحف المقاومين.
من بين هذه الضلوع خزح المناضل الدكتور خليل مصطفى مؤيداً بصحة التزامه الإنساني والثقافي والوطني والقومي.
وها هو اليوم على غير عادته يخرج جوعه للحياة من الباب الخلفي ولم ينتبه... أشبع من ولائم الضجر، وسئم من مآدب الكدر، فانتحى جانبا ليسقط ناجحاً في امتحان الموت؟
وأدرج جسده في ثرى حبيبته بنت جبيل، هذه التي أحبها واحتضنت خطواته أرصفتها يوم كانت باكية مستوحشة فكان لها البداية التي ما أخلفت بوعودها النهايات كان لها ورد الحكاية ومطلع القصيدة والمشهد الحيوي من النص الذي نقض لاحقا عن كواهله الحلك، حدّق بسماء فلسطين وبفضاء «البعث» مثلما يحدّق السنديان بالفضاء وبالسماء قبل حتفه.
ومع هذا لم يقطع د. مصطفى رغم مشاغله وأوجاعه كفّ تراب بنت جبيل.
هذه الممتلئة بالعطر والمتخمة بالبطولة، شتاؤها يمشي تحت مطرها وحصيفها غيمة تطير من الأمل.
وها هو الآن يتوسده كجنين نائم في رحمه، عيناه حائرتان بحبه كصائد في الفراغ، يعبئ من أنوار ظلمته حدقيته، يضرع إليه وينسحق لديه.
في اليوم السابع من بعد غيابه وهو الحاضر دائما، بنت جبيل تحبه وكذلك مؤسساتها الثقافية والاجتماعية والشبابية، إنها ستفتقده وستشتاق إليه.

Script executed in 0.18423390388489