تعيد إيطاليا لسوريا تمثالين نصفيين رممتهما بعدما دمرهما تنظيم "داعش" في مدينة تدمر، واصفة القطعتين بأنهما "التحفتان الوحيدتان اللتان خرجتا من سوريا" بصورة قانونية.
وقال وزير الثقافة الإيطالي داريو فرانشيسكيني إنه " أمر نتمسك به، هو موضوع الدبلوماسية الثقافية، حيث يمكن للثقافة أن تكون وسيلة حوار بين الشعوب، حتى عندما تكون الظروف صعبة".
وأضاف، عارضاً التمثالين النصفيين القديمين على الصحافة في مختبرات المعهد الأعلى للحفاظ على الآثار في روما، "في الوقت ذاته، الأمر يسلط الضوء على مهارات إيطاليا في ترميم الأعمال الفنية".
وبعد العمل أربعة أسابيع على ترميمهما، ستتسلم السلطات السورية في نهاية الشهر الجاري، التمثالين اللذين يعودان إلى القرنين الثاني والثالث.
وقال رئيس بلدية روما السابق فرانشيسكو روتيلي إن العملية هي "وسيلة لتكريم ذكرى" مدير الأثار السابق للمتاحف في تدمر خالد الأسعد، الذي قطع المسلحون الإرهابيون رأسه في آب/أغسطس عام 2015 وكان عمره 82 عاما.
ولفت روتيلي الذي أشرف على عملية الترميم، من خلال جمعية "إينكونترو دي سيفيلتا" (لقاء الحضارات)، إلى أن "الأسعد، وقبل مصرعه، تمكن من إخفاء مئات التحف الفنية، عدا هذين التمثالين النصفيين اللذين وقعا في أيدي عناصر داعش".
وسقطت مدينة تدمر عام 2015، بأيدي المسلحين، ما أثار قلقا في العالم على المدينة التي يعود تاريخها إلى ألفي سنة، لا سيما وأن للتنظيم سوابق في تدمير وتحطيم آثار مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، في مواقع أخرى سيطر عليها لا سيما في العراق.
وخلال فترة سيطرته على المدينة التاريخية ارتكب التنظيم أعمالا وحشية، ودمر آثارا عدة من بينها معبدا بعل شمسين وبل وقوس النصر وقطع أثرية في متحف المدينة، حيث يستمد التنظيم الإرهابي جزءا من تمويله من نهب قطع أثرية لا يدمرها كما يفعل عادة في عملية يصورها في أشرطة فيديو.
أوضح روتيلي أن التمثالين النصفيين اللذين حطم المسلحون وجهيهما بالمطارق، نقلا إلى روما عبر لبنان بعد تأمينهما في دمشق . وقال: "إن المبادرة ليس لها أي بعد سياسي من جانبنا لجهة دعم أحد، إيطاليا قامت بذلك وستقوم به أيا كان البلد الذي يقدم الطلب".
وتطلبت عملية الترميم شهرا كاملا عمل خلاله فريق من خمسة أشخاص على ترميم وجهي التمثالين، أحدهما لرجل والآخر لامرأة.
وأوضح فريق الترميم للصحافيين أنه أصلح وجه أحد التمثالين وكان الجزء الأعلى منه محطما بالكامل، فأعاد تشكيل القسم المدمر بواسطة آلة طابعة ثلاثية الأبعاد، وفق تقنية لم يسبق أن استخدمت حتى الآن في الترميم.
وثبت العلماء الجزء الجديد المصنوع من مسحوق النايلون الاصطناعي على الوجه بواسطة عدة قطع مغناطيسية، وأوضح أنطونيو ياتشارينو، أحد المرممين، أن "ذلك يجعل من الممكن تماما إزالته، طبقا للمبدأ القاضي بأن يكون من الممكن على الدوام العودة عن أي عملية ترميم".
وأضاف، "ما دمره داعش، قمنا بإعادة بنائه. إننا نخوض أيضا معركة إيديولوجية من خلال الحضارة".
(أ.ف.ب.)