استرعى مكتب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، انتباه المحللين في الآونة الآخيرة، نظراً للفوضى التي تعمه، علماً أن مكتب ترامب في برجه الشهير لطالما تميز بأكوام من الأوراق والصور، فضلاً عن العديد من الأشياء الأخرى المبعثرة في كل مكان.
من المرجح، قيام ترامب بنقل عاداته الفوضوية معه إلى البيت الأبيض، حيث عبر عن فخره في مقابلة له مع قناة Fox News الأميركية، بكم الأوراق المتواجدة على مكتبه مقارنة بمن سبقه، بحسب صحيفة The Independent البريطانية.
وعلى مرّ التاريخ، عرف المكتب البيضاوي بشدة ترتيبه ونظامه، ولكن يبدو أن ترامب يرفض اتباع نهج الرؤساء السابقين. لكن أياً كان، ماهية الفوضى التي تغمر مكتب ترامب؟
بحسب دراسة أجريت في 2013، فإن المكتب المبعثر قد يشكّل مصدر إلهام للأشخاص الذين يرغبون في الخروج عن المألوف، وهو ما يلائم تماماً شخصية الرئيس الأميركي.
أصحاب المكاتب الفوضوية مبدعون؟
وبالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسات أخرى، أن أصحاب المكاتب الفوضوية يعدون أكثر إبداعاً، علاوة على أنهم بارعون في حل المشكلات على غرار المخترع الأميركي، ستيف جوبز، وعالم الفيزياء، ألبرت أينشتاين، والكاتب الساخر، مارك توين، الذين عرفت أماكن عملهم بالفوضى.
وفي سنة 2012، أكد ترامب أن رجال الأعمال الناجحين يملكون مكاتب تطغى عليها الفوضى. وفي هذا الصدد صرح ترامب أنه "على امتداد العديد من السنوات، لاحظت أن الأشخاص الناجحين غالباً ما تمتلئ مكاتبهم بالكثير من الأشياء. عموماً يعتبر مكتبي جزءاً من نجاحي".
وأضاف ترامب "مكتبي هو مصدر كل ما أفعله، حتى وإن غابت عنه الأناقة والترتيب، لا أعتقد أن ذلك يمثل مشكلة، بل العكس، إن ذلك في الحقيقة أمر جيد".
"ضرب من الجنون
في المقابل، تنفي اختصاصية التنظيم، فيكي سيلفرثورن، وهي مؤلفة كتاب "ابدأ بدولاب جواربك" صحة التفسيرات السابقة، وتعتبرها ضرباً من الجنون، حيث أثبتت الدراسات أن الفوضى تؤثر في قدرة العقل على التركيز.
وفي السياق ذاته، أكّدت خبيرة الإنتاجية والتنظيم، باتي كروزفوتشارد، أن مكتباً فوضوياً يعادل دماغاً مضطربا. ومن هذا المنطلق، أفادت كروزفوتشارد، أن "ذلك يعني أن تفكيرك مشتت، أنت مشغول جداً، ولا تركز فعلاً على شيء واحد. فعوضاً عن الأخذ بزمام المبادرة تكون تصرفاتك محض ردود فعل".
علاوة على ذلك، أشارت كروزفوتشارد إلى أن هؤلاء الأشخاص "عادة ما يعجزون عن فهم فحوى ما هم بصدد القيام به، والتركيز على أولوياتهم، فيغلب عليهم الارتباك".
ومن جهة أخرى، أوردت كروزفوتشارد أن أصحاب المكاتب الفوضوية يصعب عليهم التركيز ممّا من شأنه أن يؤثر على حياتهم، ويعيق إنتاجيتهم وقدرتهم على الشعور بالهدوء، فضلاً عن أن حالة الفوضى التي يعيشونها في العمل تعكس حياتهم الاجتماعية.
ترامب شخص عفوي
ومن وجهة نظر كروزفوتشارد، فإن الفوضى التي تعم مساحة عمل ترامب ليست مثيرة للاستغراب، حيث بينت كروزفوتشارد أنه "خلال المناقشات كان يصعب عليه الحفاظ على هيكلية الحوار. ترامب شخص عفوي جدّاً مما يجعل يومه منظماً حسب مزاجه".
ومن جانب آخر، تعتقد سيلفرثورن أن مكتب الرئيس الأميركي المبعثر يعتبر سبباً للحدّ من إنتاجيته، إلا أنها لا تعتبر أن الجانب الفوضوي في شخصية ترامب كارثي.
في الحقيقة، إن المكتب المرتب وبيئة العمل التي تتّسم بالنظام الشديد لا يعزّزان بالضرورة الإنتاجية والإبداع، بيد أن سيلفرثورن تظن أن مكتب ترامب الفوضوي "يعتبر مدعاة للقلق".
وفي السياق نفسه، أوضحت سيلفرثورن أن "مساحة العمل المنظّمة ينجرّ عنها تفكير منظم، ومستويات عالية من الإنتاج والإيجابية وصفاء الذهن، لا أعتقد أن أي شخص يفكر طبيعياً بشكل منظم قد يثير مخاوف الآخرين".
هافيغنتون بوست