قد يعتقد البعض أن الشخص الحاصل على أكبر عدد من الشهادات الجامعية بالعالم، هو هذا الطفل المعجزة الذي حصل على أعلى الدرجات في اختبارات الذكاء، أو ذاك الطالب النابغة صاحب النظارة الذي يذاكر كثيراً.
إلا أن الإيطالي المتواضع ابن الـ70 عاماً، نجح في دخول موسوعة غينيس باعتباره أكثر شخص يحمل شهادات جامعية، بحسب النسخة الألمانية من "هافينغتون بوست".
ويقيم لوشيانو بايتي بمنزل صغير في مدينة روما الإيطالية، حيث يتكسب رزقه من صناعة الفخار، وقد حصل على ما يقرب من 15 شهادة جامعية معترف بها، وهو في الـسنة الـ50 من عمره.
الكتاب والحرية
"الكتب تمنحني الحرية"، هذا ما ذكره بايتي في حوار صحفي أجرته وكالة الأخبار Nachrichtenagentur AFP معه، وأوضح بايتي أنه من المحتمل رجوع هذا إلى أصول كلمتى الكتاب والحرية؛ إذ تتشابهان إلى حد كبير في اللغة الإيطالية، وهما كالآتي Libro وLibra، فالكلمة الأولى تعني الكتاب، بينما تشير الثانية إلى الحرية.
وعلق بايتي الشهادات التى حصل عليها جراء نشاطه العلمي الدؤوب على جدران غرفته في مسكنه المتواضع بقرية فيليتري الصغيرة، والتي توجد على مقربة من العاصمة الإيطالية روما.
كما علق أيضاً صورة للكاتب الفرنسي لويس فرانسو في حجرة عمله، وذلك بجوار شهادات الدبلومات الحاصل عليها في مجال علوم الاجتماع والأدب والفلسفة والحقوق والقيادة العسكرية والعلوم السياسية.
ويعدّ بايتي ذلك الكاتبَ الفرنسي مثلَه الأعلى الذي يحتذي به، وذكر أنه يفتخر به كثيراً ويعتبره رجل الثقافة والمعرفة.
مدرس ورجل إسعاف ومدير مدرسة وصاحب رقم قياسي
عمل بايتي في العديد من المهن المختلفة بجوار مراحل دراسته المتعددة، فقد عمل رجلَ إسعاف في جمعية الصليب الأحمر الإيطالية، وقام كذلك بالعمل مدرسَ تربية رياضية، ثم عَمِل مؤخراً مديراً لإحدى المدارس الثانوية.
ويذكر بايتي أن النموذج النظري لدراسته الأولى على وجه الخصوص، هو الذي وضع حجر الأساس لإكمال دراساته وطريقه التعليمي، وكانت أول شهادة حصل عليها عام 1972 في مجال علوم التربية الرياضية.
واستطاع لأول مرة في عام 2002 أن يسجل رقماً قياسياً يدخل به موسوعة غينيس، ففي هذه الآونة كان قد حصل على 8 شهادات جامعية والتي حصل عليها من جامعة La Sapienze بروما، وهي تُعدُّ إحدى أعرق جامعات العالم، واستكمل بعد ذلك رحلته التعليمية بأن حصل على 7 شهادات جامعية أخرى؛ من بينها دبلومة في علم الإجرام.
يُذكر أنه كان يجب على بايتي إجراء بعض الحوارات مع المسجونين داخل السجون الإيطالية، لاجتياز الامتحان النهائي للحصول على الشهادة.
كما ذكر بايتي في حواره، أنه عند الاستماع إليهم، يفاجأ في بعض الأحيان بقبول مبرراتهم والاقتناع بها، ثم يبدأ في سؤال نفسه ويتشكك في مفهوم الصحيح والخطأ عنده، الأمر الذي يُشعرَه في بعض الأوقات بأنه لم يعد يعرف بعدُ الصواب في معتقداته.
الشغف والاستيقاظ مبكراً
لا يتخاذل أبداً بايتي عن تحقيق هدفه ومواصلة دراسته، ويذكر أن سر نجاحه في ذلك يرجع في الأساس إلى شيئين بسيطين جداً؛ وهما شغفه بمواصلة الدراسة، والاستيقاظ مبكراً.
والمثير في الأمر، أن الرجل لا يخصص أكثر من ساعتين فقط في اليوم لقراءته ودراسته، والسبب في ذلك حسب قوله أن العقل في هذا الوقت يكون مستعداً وجاهزاً لاستيعاب المعلومات، ويمكنه عن طريق ذلك الاستمتاع باقي اليوم بعائلته.
بايتي ليس منعزلاً عن الواقع، فهو يعيش بالفعل مع زوجته الشابة البالغة من العمر 30 عاماً وولده حياة عادية؛ بل وتصفه زوجته بأنه ودودٌ معها ويعاملها بلطف كبير، كما أنه معروف على مستوى القرية بأكملها التي يعيشون فيها.
وما زال يتابع عاشق المعرفة تحدياته، فهو يدرس حالياً للحصول على شهادته الجامعية رقم 16 في علوم التغذية.
هافيغنتون بوست