لا يخدعكم الشيب المتناثر على الرأس، فهو ليس إلا كمّاً من الهيبة والوقار. فـ"الشيبة هيبة" وليست مظهراً من مظاهر العجز وإن تقدّم العمر. وإن لم تصدّقوا سلوا الحاج حسين خليل كوراني "أبو علي" ، يُنبيكم بنشاطه عن سرّه. ثمانينيٌّ هو، لبنانيٌّ جنوبي من أولئك الذين يتمسكون بالأرض ويعشقون العمل بها.
له وزوجته من زينة الدنيا، 16 ولداً توفي منهم اثنين، أضفوا على حياتهما نعمة حتى بلغ عدد الأحفاد و السلالة 143.
ومؤخراً احتشدت اغلب عائلته للإحتفال بذكرى ميلاده. إذ لم يتغيب سوى المغتربين بسبب أشغالهم. وأطفأ ابن بلدة ياطر شمعة جديدة من عمره ليصبح عمره 88 عاماً.
أمضى الحاج حياته متنقلاً بين بيروت وياطر. ففي بداية مشواره قصد بيروت بهدف العمل، اعتمد على نفسه لتأمين معيشة لائقة لأسرته، وكأن يتردد باستمرار إلى ياطر رغم الإحتلال الإسرائيلي في تلك الفترة. والجدير بالذكر أن الحاج عاش وحيداً لا أخ له ولا أخت، ولا عم ولا عمة إلا أنه استطاع أن يكوّن أسرة متحابّة يعوّل عليها لدنياه وآخرته.
يقول أحد أبناءه وهو رئيس بلدية ياطر أن والده يرفض استقدام عمال لمساعدته في الأرض، فهو لا يحب إلا العمل الشاق بيديه.
يتنقل الحاج أبو علي بين بيروت وياطر باستمرار ويقضي أغلب أوقات الصيف بين فسيل وأشجار كرمه. وللرجل المحبب بين أبناء بلدته، جولة خاصة على الجيران و المعارف كلما وصل ياطر. كما يأنس أحفاده وحفيداته بجلساته مع اختلاف أعمارهم. فتراه يلاطف الأطفال، و لا يمل من سوالف الكبار من الأحفاد. وكلما اجتمعت الأسرة أطلق العنان لقصائده المحكيه باسم كل فرد من العائلة.
الحاج أبو علي، ليس بـ"ختيار"، بل هو لأسرته الشعلة، والقدوة، هو النفس الأول، وعميد الدار. ليس بشخصية غريبة، بل واحد من الذين اعتمدوا على أنفسهم رغم الظروف الصعبة، واحد من الذين كتبوا بسعيهم قدرهم.
داليا بوصي - بنت جبيل.أورغ