أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

يمين زيدان سجّان القنطار ثم محاميه: نحـن الدروز جـزء من مأساة فلسطين

الإثنين 23 آذار , 2009 06:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,090 زائر

يمين زيدان سجّان القنطار ثم محاميه: نحـن الدروز جـزء من مأساة فلسطين
كيف يمكن للإسرائيليين أن يفسّروا انقلاب أحد سجّانيهم عليهم، ليتحوّل بين ليلة وضحاها إلى محامي الدفاع عن سجنائه من أكثر المعتقلين الفلسطينيين والعرب «خطورة»؟ يزداد الموقف إرباكاً إذا كان لهذا السجّان «المرتدّ» شقيقان جنديان في الجيش الإسرائيلي، قُتلا بنيران «الأعداء» بمن فيهم «حزب الله».
لوقتٍ طويل، ظلّ يمين زيدان، وهو عربي درزي يحمل الجنسية الإسرائيلية، موالياً مخلصاً للدولة الإسرائيلية؛ فخطط للخدمة في جيشها، وعمل في سجونها، وقتل شقيقاه في صفوف القوات الاسرائيلية. لكن كل هذا «الولاء» لم يفلح في تخليص زيدان من المعاملة التمييزية الدونية التي تمارسها اسرائيل ضد جميع شرائح فلسطينيي الـ48 بمن في ذلك الدروز.  
منذ سنّ الثامنة عشرة، خطط زيدان كالعديد من الدروز حاملي الجنسية الإسرائيلية، للالتحاق بالجيش الإسرائيلي في العام 1996. لكن مقتل شقيقه صالح (22 عاماً) برصاص قناص من «حزب الله»، جعل منه الابن الوحيد للعائلة، التي كانت خسرت قبل أعوام شقيقه الآخر فؤاد برصاص مقاوم فلسطيني في الضفة الغربية، فنال رغماً عن إرادته إعفاء من الخدمة العسكرية.
«أردت ان أكون رجلاً عسكرياً، مثل شقيقيّ»، يقول زيدان (30 عاماً)، بعد مرور نحو 13 عاماً على الحادث. وبدلاً من ذلك، انخرط الشاب المتحمّس في مصلحة السجون الإسرائيلية بموازاة دراسته للقانون. وأصبح سريعاً، نظراً لإتقانه العربية، سجّان القسم الأكثر حساسية في سجن هداريم. وكان بين أولئك اللبناني سمير القنطار، الدرزي أيضاً. جميعُهم سجناء كانوا «في الذهنية الإسرائيلية ـ والتي كانت ذهنيتي ـ إرهابيين وقتلة»، يقول اليوم.
رويداً رويداً، وجد زيدان نفسه يتبادل الكلام بالعربية مع السجناء. وكان يكفي أن يدعو أحدُهم الدروزَ بـ«الخونة»، خلال حوارٍ حامٍ، ليبدأ زيدان بطرح الأسئلة على نفسه. «أدركت أن القضية التي جعلت أولئك الرجال يدخلون السجن هي أيضاً قضيتي»، مضيفاً «نحن (الدروز) جزء من المأساة الفلسطينية».
سرعان ما ترك زيدان وظيفته بعد عام من الخدمة، وواصل دراسته الأكاديمية حتى نال إجازة في الحقوق. وبعد أشهر من تحوّله إلى محامي دفاع، عاد مجدداً إلى سجن هداريم لا سجّاناً، بل محامياً يزور القنطار، فطلب منه المقاوم اللبناني أن يتوكّل الدفاع عنه. «كان لقاء تاريخياً بالنسبة لي»، يروي زيدان، «في أحد الأيام كنت سجّان سمير القنطار، وفي التالي صرت محاميه». وللمحامي ـ السجّان السابق يعود الفضل في نقل رسائل القنطار إلى أخيه في لبنان، وبعضها كان يتضمن أكبر الدعم لـ«حزب الله»، الذي قضى شقيق زيدان بنيرانه.
حالة زيدان هي قضية مواطن أصليّ أدرك خديعة محتليه، ولو بعد حين. وهو واحد من نحو 120 ألف درزي يحملون الجنسية الإسرائيلية، وتصنّفهم إسرائيل كطائفة أقلية «غير عربية»؛ رغم أن أفراد هذه الطائفة بذلوا جهدهم للاندماج في المجتمع الإسرائيلي، ولبى 82 في المئة منهم نداء الخدمة العسكرية.
وقد ارتفعت شكوى الدروز في الأعوام الأخيرة من وطأة المعاملة الدونية لهم. ووصل الأمر بقرية حورفيش الدرزية أن رفعت دعوى قضائية غير مسبوقة ضد الحكومة الإسرائيلية، بتهمة التمييز والحرمان من المخصصات المالية، وخاصة بعدما فتحت الشرطة الإسرائيلية النيران على متظاهرين دروز في العام 2007.
«هل الدروز مستعدون ليكونوا إسرائيليين؟» يسأل عمدة حورفيش، ركاد خير الدين، «أعتقد أن الجواب هو نعم. لكن هل إسرائيل جاهزة لمنحهم حقوقاً متساوية؟ لا أعتقد أن إسرائيل، ككيان، قد هضمت الدروز حتى اليوم».
(أ ب)

Script executed in 0.1933970451355