أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

استبدلوا حملاتكم الانتخابية بنزع الألغام

الجمعة 27 آذار , 2009 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,413 زائر

استبدلوا حملاتكم الانتخابية بنزع الألغام

 مصائب موقوتة تنفجر بأي عاثر حظ يتعثر بها من دون انتباه. وقد تكون حادثة المواطن فؤاد غنوي (45 عاماً)، ابن بلدة حولا في قضاء مرجعيون، الذي قضى منذ نحو ثلاثة أسابيع إثر انفجار قنبلة عنقوديّة به، هي الدليل الجديد على ما يعانيه الجنوبيون من استمرار أزمة «العنقوديّة» التي يزداد خطرها يوماً بعد آخر. رحيل هذا الشاب، تاركاً زوجة وخمسة أطفال من دون معيل، دفع أهالي بلدته حولا إلى رفع الصوت عالياً ومطالبة المسؤولين «على أبواب الانتخابات» باستبدال الحملات الانتخابيّة بحملات لإزالة القنابل العنقوديّة.
مطلب يحمله المزارع محمّد حسن، ويؤكّده: «من أجل إنقاذ المزارعين وأطفالهم، فهذا أجدى وأنفع لهؤلاء السياسيين، وخصوصاً أنّنا في كلّ يوم نكتشف حقلاً جديداً مزروعاً بقنابل الموت». ورأى حسن أن «ما يحدث اليوم لأبناء حولا وغيرها سوف يحدث كل يوم، إذا لم يسرع المسؤولون في العمل على تنظيف الحقول من الألغام». كلام حسن يؤكّده المزارع صادق قطيش، فيقول: «يجب عليهم إيجاد الحل، إذ يصعب علينا اكتشاف أماكن وجود هذه القنابل، فبعض المزارعين لا يعرف متى تنفجر به القنبلة، وخصوصاً أن القنابل قد تتغيّر أماكن وجودها بسبب السيول أو أثناء الفلاحة».
يخاف هؤلاء من أن يذهبوا يوماً إلى حقولهم «فلا يعودوا»، كما يشير محمود فواز. خوف هؤلاء ليس من الموت في حدّ ذاته، بل من فكرة الإعاقة أو بقاء العائلة بلا معيل «وخصوصاً أنّ زراعة التبغ هي المورد الأساسي للعيش في البلدة»، يقول فواز. ويسترجع ما حصل لعائلة غنوي، فيقول: «كُفن فؤاد غنوي في الغرفة ذاتها التي كان يجمع فيها مع زوجته وأطفاله أوراق التبغ، وهو يعلم أن الصنارتين والمقص التي علقها على حائط الغرفة، سيكونان رأسمال أطفاله لإكمال المسيرة، الذين لن يجدوا بديلاً آخر من العودة إلى حقول التبغ».
إذاً، لا بديل للأهالي من الحقول الملغومة، فيما الدولة لا تحرّك ساكناً. وأمام هذا الواقع، لا يجد الأهالي سوى مواجهة الخطر والنزول إلى حقولهم، وسط القنابل العنقودية المزروعة في كلّ مكان. وما يزيد الطين بلّة أنّهم يزدادون رعباً عند اكتشاف القنابل في أماكن جديدة اعتاد أهالي البلدات المرور بها على اعتبار أنها خالية من القنابل العنقودية. وربما لهذا السبب، لم يعد الأهالي يجدون مبرّراً للإشارات المنبّهة من خطر القنابل العنقودية المنتشرة في أكثر من مكان، وهو ما يدفعهم إلى المطالبة بإيجاد الحل السريع قبل «ما تصيّف ونبلّش ننزل على الحقول»، حيث يبدو أن الموت أو التشويه ينتظر ضحاياه المجهولين على أحر من الجمر.

Script executed in 0.21183109283447