قد تأكل مرشحة اليمن المتطرف الفرنسي مارين لوبان الخبز و"الكرواسون" من أيادي تونسية مسلمة في حال فوزها اليوم بانتخابات الرئاسة الفرنسية. فالمزود الرسمي لقصر الإليزيه بفرنسا من الخبز ومشتقاته هو خباز تونسي ذاع صيته في فرنسا واستطاع أن يحظى ليس فقط بثقة الشعب الفرنسي بل والنخبة السياسية الحاكمة أيضاً.
رضا خذر الذي ينحدر من مدينة القيروان التونسية ويفتخر بأصوله العربية المسلمة، استطاع أن ينافس أمهر الخبازين في فرنسا ويقتلع الجائزة الأولى في مسابقة الخبزة " الباقات الذهبية" لسنة 2017 ويكون مزود قصر الإليزيه بمادة الخبز والمرطبات لثلاث سنوات قادمة ويكمل مسيرة من النجاح في هذا الميدان.
وعبَّر رضا عن سعادته وفخره بهذا التتويج الجديد، كونه أول تونسي وعربي استطاع ليس فقط أن يقتلع اللقب بل ويحافظ عليه لمدة سبع سنوات متواصلة، في ظل منافسة شرسة مع خبازين فرنسيين عرفوا عالمياً بتميزهم في هذا المجال.
ويضيف قائلاً: "أنا الآن بصدد العمل على تجهيز فطور الصباح القادم لساكن الإليزيه الجديد الذي سيلتقيه هولاند بعد الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية مساء اليوم".
وأكد أنه "سواء كان الفائز في الانتخابات ماكرون أو لوبان، فإن ذلك لن يغير في عمله شيئاً باعتبار أنه مرتبط بالعمل مع مؤسسة الإليزيه بعقد قانوني، وفخور بأن يكون خبزه على مائدة رئيس فرنسا القادم بغض النظر عن الأشخاص".
بداية المسيرة
كانت الهجرة لفرنسا آخر همه ولكن القدر جعله يغادر تونس سنة 1987 في سن الخامسة عشرة بطلب من والدته ليلتحق بشقيقه الأكبر في إطار زيارة خاطفة ثم يستقر بعد ذلك بشكل نهائي.
ويؤكد رضا أن مهنة صناعة الخبز لم تكن تخطر على باله، ولكن دفع شقيقه له والذي يملك مخبزاً بفرنسا جعله يتعلم شيئاً فشيئاً أبجديات هذه المهنة ويتميز فيها ثم انتهى به المطاف سنة 2006 لتأسيس مخبزته الخاصة في الدائرة الرابعة عشرة بباريس ليصبح أشهر من نار على علم في مجال صناعة الخبز والمرطبات.
في 2007، حصل رضا على الميدالية الذهبية في مجال صناعة الخبز ونظافة المحل التي تمنحها بلدية باريس، ومثلت تلك دفعة إيجابية له للمزيد من تطوير مخبزته وخلق أنواع أخرى من الخبز مشتقة من القمح والشعير.
وصفة والدته السحرية سر نجاحه
يؤكد رضا أن الفضل في كل ما وصل إليه يعود لوالدته، التي طالما دعمته وخاصة في إعطائه وصفة تقليدية "سحرية" لخميرة الخبز، التي فتحت له أبواب الشانزيليزيه وأضفت لخبزه مذاقاً تفرد به عن بقية منافسيه في هذا القطاع.
ويضيف رضا بتأثر: "رحم الله والدتي وطيب ثراها، كانت تعجن كل صباح في مسقط رأسي الخبز لي ولأشقائي وتطهوه على الفرن التقليدي وكانت تعتمد على خميرة تقليدية تصنعها من الجبن والحشائش البرية. استلهمتُ منها تلك الوصفة وطورتها في مخبزتي بباريس".
وأردف قائلاً: "أسبوع قبل خوضي مسابقة وطنية لأمهر الخبازة في فرنسا لسنة 2013، حلمت بأن والدتي زارتني في الحلم وهي تحمل في يدها نهراً جارياً ومنحته لي دوناً عن بقية أشقائي ولا أخفي أني استبشرت بهذا الحلم وتفاءلت خيراً".
غرام هولاند بخبز رضا
وفعلياً، توجه رضا إلى مقر المسابقة حاملاً معه "خبز الباقات" ليجد صفاً طويلاً من أمهر الخبازة الفرنسيين، ولم يخف سراً أن حظوظه في نيل اللقب كانت ضئيلة. لقد فكر رضا أكثر من مرة في الانسحاب، حتى أنه ترك لهم الخبز ورقم هاتفه وغادر المكان ليفاجأ من الغد باتصال هاتفي من لجنة المسابقة يخبره بأنه توج بالمرتبة الأولى وبلقب "الباقات الذهبية" ليكون المزود الرسمي بالخبز لقصر الإليزيه وللرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند لمدة سنة تم تجديدها أربع مرات على التوالي آخرها في سنة 2017 بعد أن حرص هولاند شخصياً على التعامل مع نفس المزود للخبز ومشتقاته، بل واستقبله شخصياً في القصر الرئاسي واصطحبه معه في طائرته الرئاسية خلال جولاته الدولية، وفق قوله.
(هافنغتون بوست)