"لأول مرة أتذوق لحم الغزال المشوي ... كان ذلك في إحدى الشركات التي عَملتُ بها، حيث أقدمَ أحدُ الزملاء على صيد غزال وشويه في إحدى الأفران ليكون وليمة غداء لا تُنسى..".
جمال مذاق الغزال لم يمنع الموظف "ج" من الشعور بالحزن على حال الحيوانات البرية في فلسطين، والتي تتعرض للصيد العشوائي دون عقوبات رادعة.
يقول الموظف الذي لم يبدِ رغبته في الكشف عن اسمه الكامل، بأنه بدأ يشعر بالغيرة على الطبيعة والحياة البرية في فلسطين بعد أن خرج في مسارات بيئية مع رفاقه واستشعر جمال الطبيعة في عدة قرى نائية لم يخطر بباله أنها بهذا الجمال.
غزال الجبل الفلسطيني كان من بين الحيوانات البرية التي لفتت انتباه جهاد بجمالها، حيث خرج برفقة إحدى أصدقائه لقرية رنتيس الحدودية غرب رام الله وخلف السياج في منطقة تدريب عسكرية اسرائيلية -يمنع دخول مواطني القرية لها- تقفز الغزلان الفلسطينية خلف السياج العازل بحرية مقيدةً وبجمال لا يضاهيه جمال، تتعرض هذه الغزلان لمحاولات الصيد المتكررة، ويُعتبر صيدها هواية لدى بعض أفراد القرية.
التسمية
تسميته ترجع لوجوده في فلسطين، حيث كان منتشرا في جميع أنحاء فلسطين، في مناطق الأغوار وفي أريحا، وقبل الاحتلال كان موجودا في غزة، وبعد الاحتلال اختفى لوجود سياج وجدار أُغلق عليه، يقول مدير جمعية الحياة البرية عماد الأطرش.
ويصفه الأطرش بجمال قوامهِ ولونه البني الغامق أعلى وأسفل البطن، بالإضافة الى البياض في أسفل البطن.
أما أعداده فكانت سنة 2000 حسب الاحصاءات الموجودة لدى جمعية الحياة البرية 1225 غزال، و"حاليا التوقعات بأنه ليس أكثر من 250 غزالاً داخل الوطن، وللأسف تتركز مواقعه قرب المستوطنات الاسرائيلية.
خطر الإنقراض
يقول الأطرش أن غزال الجبل الفلسطيني كان يتواجد في معظم المناطق الطبيعية في الضفة الغربية قبل 3 سنوات، لكن نتيجة الطقس والثلوج التي هطلت على الضفة الغربية، تم صيد حوالي 250 غزالاً حسب متابعتهم ورصدهم.
ويضيف الأطرش أن وضع الغزال حرِج على مستوى الضفة حاليا، فهو مهدد بالإنقراض، نظراً لنسب الصيد العالية سواء للأكل أو التربية.
وهذا ما يؤكده مدير المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة، عيسى برادعية الذي يقول أن غزال الجبل الفلسطيني من الحيوانات المهددة بالانقراض، فهو موجود على اللائحة الحمراء للإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة(IUCN )، لذلك يُمنع صيده.
اجراءات لحمايته
يشير برادعية إلى أن سلطة جودة البيئة لديها إجراءات تجاه أي شخص يقوم بالصيد، يقول: "حاليا قمنا بإعداد قائمة للصيادين الذين يعتدون على هذه الغزلان، وفي طور التواصل مع الجهات الأمنية ذات العلاقة والضابطة الجمركية ليتم إعادة إطلاق هذه الغزلان في الطبيعة.
أما بالنسبة للصيادين فيقول برادعية أن سلطة البيئة تقوم بتحضير قائمة كبيرة للصيادين الذين يعتدون على هذه الغزلان عن طريق الاجهزة الأمنية ليتم توقيفهم ومحاسبتهم حسب ما تقتضي به الإجراءات القانونية.
وحسب برادعية يصلهم أي (سلطة جودة البيئة) معلومات من بعض المواطنين حول صيد غزلان، ويتعاون موظفو السلطة مع الضابطة الجمركية لإعادة ضبطها واطلاقها في الطبيعة، وبالنسبة للصيادين ويوجد مجموعة كبيرة منهم في مناطق الشمال قرب الحدود مع لبنان، فيتم الدخول لمواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم ومحاولة حصر عددهم وتوثيق صورهم وعناوينهم.
"نحن بصدد التعاون مع الضابطة الجمركية والأجهزة الأمنية لملاحقتهم ومعاقبتهم حسب قوانين حماية البيئة". يؤكد برادعية.
القانون.. غير رادع
قانونيا، يقول الأطرش أن قانون البيئة سنة 2000 غير منفذ كلوائح تنفيذية، حيث يتم الاعتماد على القانون الأردني سنة 1963، الذي يقوم بتغريم الشخص 20-40 ديناراً، وحين يكون ثمن الغزال 1500 شيقل، سيدفع الصياد هذا المبلغ دون رادع حقيقي.
ويتراوح اسعار بيعه بين 1000-1500 شيقل، ويعتمد السعر على عمره، حيث لا يوجد رقابة على الاتجار به.
ويرى الأطرش أن دور وزارة الزراعة والبيئة في حمايته بدائي، وبحاجة لسن قوانين رادعة.
دور توعوي
ويشير برادعية الى أن سلطة جودة البيئة تقوم بعمل توعية بيئية، وتعتبر التوعية مهمة جدا للحفاظ على الغزال، لأن أعداده تناقصت بشكل كبير.
ويضيف الأطرش أن جمعية الحياة البرية تتابع أماكن تواجده، وتعمل على توعية المواطنين ولفت انتباههم لأهمية الحفاظ على الغزال ومكونات الثروة الطبيعية في فلسطين، كما يتم التعاون مع سلطة البيئة ووزارة الزراعة لمتابعة كل شخص عنده غزلان، وهناك بعض المواطنين لديهم مزارع لتربية الغزلان.
وبالنسبة للصيادين الذين يقومون بالاعتداء على الحياة البرية سواء للغزلان أو الطيور أو الحيوانات المنقرضة فيؤكد برادعية أنه لدى سلطة البيئة إدارة عامة اسمها الإدارة العامة للتوعية والتعليم البيئي تقوم بنشاطات كبيرة في كل محافظات الوطن، حيث يتم التطرق للصيد الجائر في محاضرات خاصة مع طلبة المدارس والمجتمعات المحلية في الاحتفالات والمناسبات الوطنية مثل يوم البيئة الفلسطيني في 5/3، وأيضاً عبر وسائل الإعلام من خلال الحلقات التلفزيونية والإذاعات والصحف والمواقع الالكترونية.
وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي حسب نبأٍ تناقلته وسائل إعلام محلية مؤخرا ستعتمد صورة غزال الجبل الفلسطيني على عملتها الجديدة من فئة الـ 100 شيقل.
ويتم كتابة اسمه في اللغة العبرية باسم "الغزال الاسرائيلي" رغم أن اسمه العلمي غزال الجبل الفلسطيني، وذلك من باب السرقة للتراث الفلسطيني.
www.maan-ctr.org