حشرة البق المقبّل أو الفسفس هي نوع من أنواع الحشرات الخطيرة التي تؤدي إلى انتشار مرض طفيلي مميت وهو داء الشاغاس. وقد نسب إليها هذا الاسم لأنّها تعضّ الأشخاص في المنطقة حول الشفتين أثناء نومهم. بعد ذلك، تضع برازها في الجرح ممّا يسبّب انتشار الطفيلي المعدية التي تسمّى بالمثقبية الكروزية (Trypanosoma cruzi)، بالتالي يدخل الطفيلي في مجرى الدم ويسبّب مرض الشاغاس المعروف بإسم داء المثقبيات، وفق ما ذكر موقع الـ"سي أن أن".
وعلى الرغم من أن هذا المرض يعتبر حميداً في معظم الأحيان، إلّا أنّ دراسات جديدة كشفت أنّ الوفيات التي تغذّيها العدوى نسبتها مرتفعة جداً ولكنّها غير معترف بها. وفي الدراسة التي نشرتها مجلة "PLOS" للأمراض المدارية المهملة، تبيّن أنّ عدوى الشاغاس تزيد خطر الوفاة من مرتين إلى ثلاث مرات. وأكّدت الدكتورة التي تولّت البحث ليجيا كابواني، وهي باحثة في الأمراض المعدية في جامعة " Faculdade de Medicina da Universidade" في ساو باولو في البرازيل، أنّ "في كلّ فئة عمرية، يموت الأشخاص المصابين بالشاغاس بنسبة أكبر من الأشخاص غير المصابين، لذا فمن الضروري العلاج في وقت مبكر".
ويشكّل التشخيص تحدّياً كبيراً في أجزاء مختلفة من أميركا الوسطى والجنوبية حيث يكون المرض أكثر انتشاراً، وغالباً ما يكتشف الناس أنّهم مصابون بالعدوى عندما يتبرعون بالدم. وقد تمّ الإبلاغ عن وجود حشرة البق المقبّل في 25 ولاية أميركية مع التركيز الأكبر على الجنوب. إذ تقدّر منظمة الصحة العالمية أنّ أكثر من 6 ملايين شخص مصاب بالعدوى على مستوى العالم، من بينهم 30% مصابين بشكل مزمن بمشاكل قلبية و10% يعانون أعراض الجهاز الهضمي أو العصبي. وتشير تقديرات مركز مكافحة الأمراض إلى أنّ هناك أكثر من 300 ألف حالة من حالات الشاغاس منتشرة في الولايات المتحدة.
يعاني مرضى الشاغاس غالباً أعراضاً حادة ومفاجئة خلال الشهرين الأولين من العدوى، وبخاصة عندما تكون نسبة الطفيليات في الدم في ذروتها، بما في ذلك الحمى والتعب والطفح الجلدي والإسهال وتورّم الجفون. وتعتبر الدكتورة كابواني أنّ النتائج التي توصلت إليها تسترعي الانتباه إلى تأثير أكبر على الصحة بسبب العدوى، وقالت: "تأثير الطفيلي على الجسم يستغرق وقتاً طويلاً، فهو يتوغّل ببطء إلى القلب ويدمّره".
أمّا للعلاج، فتؤكّد منظمة الصحة العالمية أنّ هناك نوعان من العقاقير المضادة للطفيليات لعلاج العدوى، البنزنيدازول و النيفورتيموكس (benznidazole and nifurtimox)، وهما ذات فعالية تصل الى 100% تقريباً إذا أعطيا بعد فترة وجيزة من الإصابة بالعدوى. وقد يستغرق العلاج فترة تصل إلى شهرين، أمّا الآثار السلبية فيصاب بها حوالى 40% من الأشخاص فقط. ولا يوجد لقاح ضدّ المرض. لذا فأفضل وسيلة للوقاية هي السيطرة على البق المقبّل أو الفسفس المنتشر في المنزل، إمّا عن طريق استخدام مبيدات الحشرات أو الاعتناء بالمنزل ونظافته إذ أنّ هذه الحشرات تتجمّع في الجدران والشقوق في أسقف المنازل السيئة البناء. إضافة إلى ذلك، يجب علاج الناس في وقت مبكر كي لا ينتشر الطفيلي للآخرين، إذ أنّ المرض ينتشر بسرعة عبر عضة البق أو التبرع بالدم.
ويشير الدكتور إيريك دومونتيل، باحث في أمراض الشاغاس في كلية الصحة العامة في جامعة تولان في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أنّ "الافتراض العام هو أنّ الشكل غير العرضي لمرض الشاغاس يرتبط بنسبة إنتشار المرض ومعدّل الوفيات. هناك علاقة متبادلة وليس علاقة سببية مباشرة بين الإصابة بالمرض ومعدّل الوفيات". ويتفق الدكتور ألفارو أكوستا سيرانو، طبيب الطفيليات في كلية ليفربول للطب المداري في المملكة المتحدة، مع فريق البحث على ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لمشكلة العدوى المنسية أو غير المعروفة. وقال: "إنّ هذه الزيادة في الوفيات ليست صادمة. غالباً ما تتشابه أعراض الانفلوانزا بأعراض الشاغاس لكنّ الأخيرة قد تزول بعد فترة، ويمكن أن تختفي لسنوات ثم تعود وتظهر كأمراض قلبية. هناك حاجة ضرورية إلى تشخيص أكثر دقة لكشف المرض لدى الأشخاص الذين يحملون نسبة منخفضة من الطفيلي في دمائهم. فإذا لم نكتشف ذلك في الوقت المناسب، فسيواصل المرض انتشاره، وترتفع نسبة الوفيات".