يعمل خوسيه ألبرتو غوتيريز منذ أكثر من عشرين عامًا سائقًا لشاحنة تجمع النفايات.
وفي ساعات الفجر الباردة في العاصمة الكولومبية، تمكّن من جمع آلاف الكتب محوّلا بيته إلى مكتبة عامة مجانية.
وفي العام 1997، تغيّرت حياة "سيّد الكتب" كما بات يعرف هذا الرجل المتين القامة ذو الأربعة والخمسين عامًا، بعد اكتشافه أنّ الناس يلقون عددًا كبيرًا من الكتب في المهملات.
وفي حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، يقول: "أدركت أن الناس يلقون الكتب في النفايات وبدأت أجمع هذه الكتب".
أول الكتب التي عثر عليها كان "آنا كارينينا" للكاتب الروسي الكبير ليو تولستوي (1828-1910)، وقد عثر عليه في خزانة مع عشرات من الكتب الأخرى. وهكذا بدأ بجمع الكتب من روايات وقصص وشعر وكتب تعليمية، وتخزينها في منزله في حي مويفا غلوريا جنوب بوغوتا.
ومع مرور السنوات، أصبح بيته مليئًا بالكتب من الإلياذة إلى "الأمير الصغير" و"عالم صوفي"، وكتب الأديب الكولومبي الراحل غبريال غارسيا ماركيز الحائز جائزة نوبل.
بعد ذلك، صار الجيران يزورونه لاستعارة كتب، و"كان الحي يفتقر إلى الكتب" في ذلك الوقت.
وفي العام 2000، حوّل خوسيه مع زوجته وأولادهما الثلاثة الطبقة الأولى من منزلهم، أي ما مساحته 90 مترًا مربعًا، إلى مكتبة عامة، وأطلقوا عليها اسم "قوة الكلمات".
ويقول خوسيه "ربما هي المكتبة الأولى في العالم التي تقدم الكتب مجانا لمن يأتون لاستعارتها".
طارت شهرة "مكتبة قوة الكلمات" في كل أرجاء القارة الأميركية، وصار خوسيه يتلقى دعوات لمعارض الكتب الرئيسية مثل معرض سانتياغو في تشيلي، أو معرض مونتيري في المكسيك.
وجعله ذلك يتلقى مئات التبرعات، فلم يعد المصدر الأساس للكتب هو النفايات.
جابت عائلة خوسية أرجاء كولومبيا لتوزيع الكتب في المناطق المهمشة والنائية، وتلبية لدعوات من مدرّسين في مدارس حكومية. ووصلت كتب خوسيه إلى 235 موقعًا في البلاد.
ويقول خوسيه إن شغفه بالكتب يعود إلى والدته التي كانت تقرأ كل مساء لأطفالها. ويقول "هي من أعطاني النور".