أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عندما تفقد إسرائيل حاسّة السمع

الإثنين 27 نيسان , 2009 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,851 زائر

عندما تفقد إسرائيل حاسّة السمع

 الذي امتثل للأمر مباشرة وبسهولة، إلّا أن العلماء قطعوا إحدى قدميه وأمروه بالسير مجدداً، فقفز على قدم واحدة بدلاً من السير على قدميه، وبعدما قُطعت له القدم الأخرى، لم يمتثل المتطوع للأمر، إطلاقاً. استنتجت مجموعة العلماء أن الإنسان عندما تُقطع له قدم واحدة، فإن قدرته على فهم الأوامر تتقلّص، أما إذا قُطعت قدماه الاثنتان، فإن قدرته على السمع، تنعدم.
تمثل مجموعة العلماء المذكورة، عينة نموذجية للأجهزة الاستخبارية الأسيرة لأنماط تفكير مسبّقة، وفق محدّدات خاصة جامدة، تكون عادة غير قابلة للانزياح عنها، ما يدفعها إلى استنتاجات مغلوطة.
حدد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، عاموس يدلين، في إطار عرضه الاستخباري الأول أمام الحكومة الإسرائيلية الجديدة قبل أيام، أن حزب الله «مردوع» حيال إسرائيل، بمعنى أنه غير قادر نتيجة وجود قوة خارجية، تمنعه من تفعيل قدراته على الإضرار بالدولة العبرية، ورأى أن هناك أربعة أسباب، منفردة أو مجتمعة، تدفع الحزب إلى ذلك، وهي: قدرة الردع الإسرائيلية؛ التعليمات الواردة من إيران بكبح الذات؛ عدم استكمال سياقات بناء القوة العسكرية الذاتية؛ وخشية الحزب على نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية المقبلة. والأسباب المذكورة، هي كل ما يمكن أن يرد على البال، مع وجود استخبارات أو من دونها، إذا تقرّر سلفاً أن حزب الله مردوع. لكن ماذا عن أصل الردع، وعن حقيقته؟
يُعاب على استخبارات إسرائيل، اعتقادها، أن هناك شبه معادلة رياضية قائمة، تحدّد القرارات التنفيذية لحزب الله وسلوكه، تجاهها. فالحزب، بموجب معادلات إسرائيل الرياضية، ليس سوى مجموعة من العناصر البشرية المشبعة بالحوافز الدافعة للإضرار بها تلقائياً، تحركه غريزة القتل والإضرار بالإسرائيليين، وفي حال امتلاكه لقدرات تنفيذية فعلية، فإنه يعمد مباشرة إلى الانقياد وراء غريزته، أما إذا امتنع عن ذلك، مع وجود قدرات لديه، فهذا يعني نتيجة واحدة: أنه مردوع.
على استخبارات إسرائيل أن تجيب عن الأسئلة الآتية، وغيرها من الأسئلة أيضاً، قبل بحثها عن أسباب «ردعها» لحزب الله، عن عمل أو أعمال، هي في الأصل قد تكون منتفية لديه:
ما هي مهمة حزب الله كمقاومة؟ هل هي دفاعية أم هجومية؟ ما معنى أصل المهمة الدفاعية، وما الذي تفرضه على الحزب من خطوات، في إطار الفعل أو عدم الفعل؟ علامَ يدل سلوك حزب الله بعد انتصاره عام 2000 وانسحاب الجيش الإسرائيلي من معظم الأراضي اللبنانية؟ علامَ يدل سلوكه في أعقاب حرب تموز 2006؟ رغم ما أثبته من قدرة على إفشال مخططات إسرائيل عسكرياً. ما معنى أن تلعب إسرائيل في ساحات خارج ساحة المواجهة مع حزب الله، فيمتنع بدوره، إلى الآن، عن اللعب في هذه الساحة تحديداً؟ ما معنى امتناع وتأجيل حزب الله لتفعيل قدراته العسكرية لمواجهة خروق إسرائيل، البرية والبحرية والجوية، مع فرضية وجود قدرات لمواجهة هذه الخروق؟ هل يرى حزب الله جدوى في قتل مستوطن أو مستوطنين، موجودين بالقرب من السياج الحدودي، إذا سنحت الفرصة له، وهي سانحة أساساً، ومدى فاعلية وجدوى خطوة قتل كهذه، وغيرها من الخطوات، في مهمته الدفاعية؟
يسقط من فرضيات إسرائيل الاستخبارية، في إطار توصيفها لأوضاع حزب الله ونياته، أنه لا يستقيم وصفها له بالمردوع عن القيام بفعل أو أفعال، لا يريد أصلاً أن يقوم بها. فالردع هو قدرة الجهة الرادعة على منع الجهة المردوعة من القيام بعمل تريد بالفعل أن تقوم به، وإلّا فإن استنتاج وجود الردع الإسرائيلي حيال حزب الله، شبيه بالاستنتاج المذكور آنفاً: يفقد الإنسان قدرته على السمع، إذا قطعت قدماه

Script executed in 0.20927715301514