أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

المونة البيتية الجنوبية من الأسواق في غياب الزراعات المحلية

السبت 24 حزيران , 2017 10:09 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 10,116 زائر

المونة البيتية الجنوبية من الأسواق في غياب الزراعات المحلية

لم تعد “المونة البيتية” في قرى وبلدات منطقة الجنوب، تعتمد على الإنتاج الزراعي المحلي، من الخضار والفاكهة، إلا نادراً، جرّاء تراجع الزراعة المحلية، عدم توفر مياه الري، الكلفة المرتفعة التي يتكبدها أصحاب هذه الزراعات، إضافة للجهد والتعب اللذين يواكبانها. وإذا وجدت زراعات محلية ضئيلة، لإنتاج المونة في الوقت الحالي، فمصدرها “الصحاري” الصيفية البعلية، التي لا تعمّر سوى فترة قصيرة، بسبب الطقس الحار والمشمس, و”سهل المئذنة” في بلدة كفررمان، الغني بمياهه وجودة أراضيه، لقلّة إنتاجه، مقارنة بحاجات المنطقة، بات معظم مصادر المواد الغذائية المستخدمة في صناعة المونة البيتية، يعتمد على أسوق الخضار والفاكهة في المنطقة. غداة الإنتهاء من شهر رمضان المبارك، تستعد ربّات البيوت الجنوبيات، للبدء في ورشة تموين منازلهن بمواسم “المونة البيتية” المصنوعة من القمح والحبوب، كالبرغل، الفريك، العدس، الفول، الحمص، الترمس، الفاصوليا، اللوبيا، البامية والبازيلا، إضافة للصعتر، الملوخية، السماق، السمسم والزهورات على أنواعها. وكذلك، لتحضير المونة المصنوعة من الخضار والفاكهة، كالباذنجان المكدوس وشتى أنواع الكبيس من المقتي، الخيار، الفلفل، الزيتون الأخضر والأسود، الجزر، القرنبيط، ورق العنب، اللفت، الكمونة، الماش وزيت الزيتون، إلى مشتقات اللبن، من اللبنة، الجبنة، الكشك وسائر مربيات التين، اليقطين، السفرجل، المشمش، الرمان ورب البندورة. وحفظ هذه المواد وتخزينها في أوعية زجاجية أو بلاستيكية. ورصفها على رفوف مطابخ منازلهن، بطريقة هندسية مرتبة، لتبدو من خلالها هذه الأصناف المختلفة، بأشكال جميلة تثير الشهية. 
وفي عيّنة لبعض أسعار المونة المصنّعة محلياً، في قرى وبلدات الجنوب، يباع كيلوغرام البرغل الجاهز، بخمسة آلاف ليرة والكشك المصنوع من البرغل واللبن، بخمسة وعشرين ألفاً، الصعتر بثلاثين أو خمسة وثلاثين ألفاً، الفريك المصنوع من القمح المجروش، بعشرة آلاف ليرة، الباذنجان بعشرة آلاف، المقتي والخيار بخمسة آلاف، السماق بعشرة آلاف ليرة، السمسم بعشرة آلاف، اللبنة والجبنة بخمسة عشر ألفاً، الملوخية ما بين خمسة وثلاثين وأربعين ألف ليرة، البامية بما بين ثلاثين وخمسة وثلاثين ألف ليرة، الفاصوليا العريضة، بعشرة أوخمسة عشر ألف ليرة وورق العنب، بخمسة آلاف ليرة. تفاخر جميلة سلطان، بعملها في صناعة المونة البلدية في كفررمان. وهي تواظب، في هذه الأيام، بهمّة ونشاط، على “حشو” الباذنجان المكدوس بالجوز، الرمان، التوابل، البهارات، الثوم، الملح والحامض.

وتنقعه بالزيت العادي، أو زيت الزيتون. كذلك، “تكبس” المقتي، الخيار، الزيتون والجزر بالحامض والزيت والفلفل. وتحضّر اللبنة من لبن الأبقار، أو الماعز؛ وتنقعهما في زيت الزيتون. كذلك، الجبنة “والقريشة” “والقورما” المصنوعة من اللحم والدهن. وتحفظ هذه المواد في أوعية زجاجية خاصة، تعرضها للبيع في “دكانها البلدي”، في منزلها، أوفي استراحة أبنائها في سهل المئذنة، في البلدة، حيث يقصدهما المواطنون من أنحاء المنطقة، لشراء ما يحتاجونه من المونة البيتية الطازجة. وتأسف رئيسة “الجمعية التعاونية للتصنيع الزراعي” في عرمتى، منى صبرا، لكون معظم المواد الغذائية المصنعة حالياً، هي من ثمار الزراعات الكيماوية، التي لا طعم لها ولا نكهة. وهي لا تستمر صالحة لفترة طويلة، بسبب اهترائها السريع. وتتحسر صبرا على الزمن الذي كانت فيه كل أنواع الأطعمة والمأكولات طبيعية، مصدرها حقول وحيوانات القرية.

وتتمنى لو تعود تلك الأيام، لكنها تستدرك قائلة: “صعبة يا حسرة أن يرجع كل شيء متل ما كان، بعد ما صرنا بعصر الكيماوي والكيماويات”. إعداد بعض أصناف المونة البيتية وبيعها للأهالي، مثل البرغل، الصعتر، الملوخية والبامية، مهنة تحترفها زينب الأخرس في كفرتبنيت. وهي تشتري كيلوغرام القمح، بألف وخمسماية ليرة وتبيعه مسلوقاً، بألفين وخمسماية ليرة؛ وبرغلاً، بخمسة آلاف ليرة. وتتعاون مع زوجها وأولادها  في هذه المهنة. وقد باتت معروفة من قبل الأهالي، الذين يقصدونها من البلدة والجوار لابتياع مايلزمهم من المونة.  كما تبيع الملوخية والبامية، خضراء ويابسة، من إنتاج حقلها. فيما يقوم زوجها بقطاف الصعتر، من الحقول والبراري. ويبيع الكيلوغرام اليابس منه، بخمسة وعشرين، أوبثلاثين ألف ليرة. 

(عدنان طباجة - Greenarea)

Script executed in 0.1927330493927