قلب الأم صام عن الفرح، وأفطر هذه المرة على حرقة الفراق، عيدها حرم قبلة اليد والجبين، ما اكتمل العيد إلّا بغصة ولم يحن موعد الفرح إلا بالمواجع...
خاطر الأم يقلّب الدمع بحسرة، صوتها المخنوق بالعبرة لايتوانى عن تكرار تلك العبارة: "كامل ضربوا بعيونو الحلوين!".
اختفى كامل، كان سعيه الدؤوب في طلب الرزق أُولى الحُب والمنال،لم ترحمه ضربةُ الغدر التي استفحلت برأسه، وحرمت "نوح" من رعاية الأب.
قلق" "نوح" ابن السنوات الخمس لم يكن بالعابر، وكأن قلبه الصغير وعى ان والده بخطر، كان كلٌّ ما يراوده حلم غامض صوت والده المجهول المصيرطيلة الأيام الخمس يأتيه على حين غرة: "ما في غيرك يا بابا بخلّصني من هالمكان!". لكن أيّ الأجوبة سيلبي سؤاله اليوم "وين بابا"..والدك يا نوح رحل... رحل إلى المكان الذي يشبه اخضرار عينيه بمنئى عن شر البشر!
حدس الفراق احاط قلب كامل قبل أن يختفي، طرق أبواب أحبته، التقى أهله وأصدقاءه، وكأنه أدرك من دون علم أنها ستكون المرة الأخيرة، وكان فعلاً الوداع الأخير.
وُجد في إحدى منازل ديربورن مقتولاً بعد تعرضه لأبشع أنواع الضرب والتعذيب،
رحل غريباً بعيداً عن الوطن، ولأنّه كان من الصعب نقل جثمانه إلى مهده الأول،دفن بعيداً عن بنت جبيل التي أحبها، إلّا أن حفنةً من ثراها أحيلت فوق قبره، بعد أن كانت والدته قد خبأت قليلاً من تراب الأرض ليبقى عبق بنت جبيل حارساً له في مماته.
شيع المرحوم المأسوف على شبابه كامل حسن أيوب في مدينة ديربورن الأمريكية وسط جو من الحزن والأسى بحضور الأهل والأصدقاء وحشد من أبناء الجالية اللبنانية، وذلك بعد أن سجي جثمانه في المركز الإسلامي للمدينة حيث أمَّ الشيخ إبرهيم ياسين الصلاة على جثمانه الطاهر، ليوارى الثرى بعدها في جبانة knollwood park.
تصوير:اسماعيل جمعة / نص: زهراء السيد حسن - بنت جبيل.أورغ