تم توزيع الطلبات في الامتحانات الرسمية، كل مثابر زرع بذور تعبه ودرسه، و حان موعد الحصاد في موسم النتائج، وفي كل موسم لا بد من العثور على بعض الكنوز، وفي هذا الموسم لمعت جوهرتين من أعماق النجاح، هما الوالدتين "زينب علي بشر" و "ناهد كامل حرب" بعد أن قدمتا على الشهادة الثانوية بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاماً على تركهما مقاعد الدراسة، ولكن الملفت بالموضوع أنهما لم يشاركا وحدهما في تقديم الإمتحان فلقد صودف في الوقت عينه تقديم إبن كل واحدة منهما على الشهادة المتوسطة ، والنتيجة كانت باقتين من "أم وابنها" مكللة بالنجاح.
أثناء التمعن بهذه الفكرة والمشهد: "أم و ابنها يدرسان على طاولة واحدة" الوالدة تدرُس و تُدرّس ابنها، عائلة تنتظر نتيجتين، وتوتر الأم ضعفين، نتيجتها ونتيجة ابنها.
وفي الغوص الى حياة كل منهما، "زينب علي بشر" أم لولدين، تركت مقاعد الدراسة منذ 18 عاماً، تبلغ من العمر 32 عاماً، من بلدة زوطر الشرقية، حالت الظروف دون اكمال تعليمها، بحسب ما ورد لموقعنا بنت جبيل.اورغ لكنها تشبثت بحلمها، وقامت بتقديم طلب حر على الشهادة الثانوية فرع الاجتماع والاقتصاد وحققت النجاح، تزامناً مع تقديم ابنها الأكبر "زهير محمد علوية" على الشهادة المتوسطة وتلقي المساعدة من والدته، الذي تخطاها بدرجة جيد جداً.
أما الباقة الثانية، فهي الأم "ناهد كامل حرب" و ابنها "علي حسن شعشوع"، فناهد التي تركت الدراسة منذ 14 عاماً، بداعي السفر، أم لأربعة أولاد، تبلغ من العمر 35 عاماً، من بلدة سحمر، ما إن وطأت قدميها أرض الوطن حتى عاودها الحنين للعلم طارقاً بابها، كما أفيد لموقع بنت جبيل.أورغ وحققت النجاح بالشهادة الثانوية أيضاً في فرع الاقتصاد والاجتماع، وابنها علي نجح في الشهادة المتوسطة، فكانت الفرحة فرحيتين.
من هذا المنطلق، أمثال "زينب ومنى" تستحقان الدعم الكامل من المحيط، فعائلاتهما قدمت قسط وافر منه، وعلينا كمجتمع أن نقوم بالخطوة نفسها، كمحفز لإكمال هذا المسيرة التي تم وصلها من الماضي الى الحاضر على امل أن تشرق بمستقبل زاهر وبلوغ مراحل عالية من العلم.
هاتين حاليتين متشابهتين في لبنان، تنذران بأجواء مبشرة بالخير، ففي مجتمعنا، لطالما اعتقدنا أن هذه المبادرة الجريئة والفعالة، التي تدفع بالأشخاص وخاصة الأمهات بإكمال العلم في عمر متقدم الى حدٍ ما، اقتصرت فقط على المجتمعات الأوروبية، ولم تنتشر كظاهرة في لبنان من قبل، ليس لأسباب قانونية، بل لقلة المبادرة والاندفاع الى خطوة مهمة كهذه، فهذه العينات أمثال "زينب وناهد"، والسيدة "منى" التي تم الحديث عنها مسبقاً، هن بمثابة "خطوة" نحو التقدم في مجتمعنا، والخير الذي ينتظرنا.
ريم بيضون - بنت جبيل.أورغ