أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الإهمال يهدد "معبـد عيـن حرشـا" الروماني بالزوال

السبت 29 تموز , 2017 04:40 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 19,435 زائر

الإهمال يهدد "معبـد عيـن حرشـا" الروماني بالزوال

يتهدد الخطر المعبد الروماني في بلدة عين حرشا، القائم عند الأقدام الغربية لجبل الشيخ، فوق تلة غناء تتميز بجمالها وهوائها وطبيعتها الخلابة، نتيجة إنهيارات متعددة، أصابته وتنذر بإندثاره، دون أن تبدو في الأفق أي بادرة لإنقاذه، من قبل الجهات المعنية، على الرغم من قرار وزارة السياحة، الصادر منذ أكثر من عشر سنوات، بتصنيفه كمعلم سياحي.
هذا المعبد الذي يعتبر كنزاً أثرياً، هو تحفة عمرانية نادرة، يقصده هواة الرياضة البيئية. يقال أن الإسكندر الكبير بناه بين عامي 114- 115 قبل الميلاد وأهداه لاحقاً، إلى ولده. لكن الكتابات المحفورة باللغة الرومانية، على صفحة الصخرة التي تؤرخ له، وفقاً لترجمات خبراء الآثار اللبنانيين، الذين عاينوه أكثر من مرة، تشير إلى أنه معبد روماني. يتميز المعبد بحجارته الضخمة، المنحوتة بأشكال هندسية مختلفة، يتراوح وزن الواحد منها بين 5 إلى10 أطنان، يرتفع فوق تلة تطل على واد فسيح، ضمن مربع تبلغ مساحته نحو عشرين متراً. وهو مؤلف من طبقتين: سفلية، هي عبارة عن إستراحة كان يخلد إليها “الأمير”، في أوقات الراحة والنوم، لا يتجاوز إرتفاعها المتر ونصف المتر، يمكن الولوج إليها من باب جانبي ضيق، تحاذيه صخرة ضخمة تحمل نقوشاً تمثل آلهة الشمس آليوس. فيما الطبقة العلوية، عبارة عن بهو، يرتاده “الأمير” برفقة المسؤولين في حاشيته، للنطق بالأحكام وتقبل الهدايا والذبائح، يتجاوز إرتفاعها الثلاثة أمتار ويمكن دخولها عبر واجهة واسعة، يزيد عرضها على المترين، تعلو جدرانها، من الجهات الغربية والجنوبية والشمالية، صخور ضخمة تحمل منحوتات تمثل "آلهة" القمر السوسونا.
وفق خبراء آثار لبنانيين، تفقدوا المعبد في فترات سابقة.
يطل على واجهة هذا المعلم الثري، بهو واسع ما زال جداره الغربي قائماً. هو عبارة عن قاعة لممارسة الطقوس الدينية، التي كانت تقام تحت رعاية الكهنة، آنذاك. ويستدلّ على ذلك، من ترجمة الكتابات المحفورة، على عتبة البوابة الرئيسية للقاعة، التي تحاذيها نواويس عدة، مقفلة بصفائح صخرية، ترتسم على إحدها أفعى ضخمة، تلتف حول عنقي طفلين صغيرين، ما يوحي بأنهما من أبناء “الأمير”. وتنبسط إلى الغرب من المعبد، أطلال قرية كانت، في ما يبدو، مستقراً لعيش العامة من أفراد حاشية “الأمير”، وهي تمتد على مساحة تزيد على كيلومتر مربع، تحاذيها بعض المغاور والنواويس والمنحوتات المحفورة في الصخور.
هذا المعبد القيّم مهدد بالزوال، بعدما تداعت معظم جدرانه وإنهارت طبقته العلوية وتآكلت حجارته الضخمة، بفعل عوامل الطبيعة، من جهة؛ والعبث الذي طاوله إبّان الحرب، على أيدي لصوص الآثار، من جهة أخرى. وما يقلق أبناء القرى المحيطة بالمعبد، تنكر الجهات المعنية وتخلفها عن ترميمه. وغياب مديرية الآثار اللبنانية وعدم تأديتها دوراً مسؤولاً تجاهه. وتغاضيها عن الإهتمام بالكنوز الأثرية والمعالم التاريخية، التي تختزن حضارات شعوب مرّت ببلادنا، في حقبات تاريخية وأزمنة مختلفة. علماً أن المعبد كان قد حظي بإهتمام الفرنسيين، الذين عملوا على إعادة ترميمه، في الفترة ما بين عامي 1937و 1942. في حين غابت مختلف الوزارت اللبنانية المعنية عن هذا الصرح، المهدّد بالزوال، نتيجة التقاعس والإهمال. 

(طارق أبو حمدان - Greenarea)

Script executed in 0.1876220703125