نجح العديد من مزارعي الصبار، بالتعاون مع مصلحة الأبحاث العلمية في وزارة الزراعة ، من إنقاذ مساحات واسعة من حقول الصبار، كانت قد هلكت جرّاء إصابتها بالحشرة القرمزية منذ عدة سنوات، والتي قضت على حوالى 80 إلى 90 في المائة من صبّار المنطقة الحدودية. عودة الروح إلى شجرة الصبار، جاء في أعقاب جهود فردية بذلها المزارعون، من خلال التصدي للحشرة القرمزية عبر رشها بالأدوية من جهة، والتعاون الجاري مع مصلحة الأبحاث العلمية من جهة ثانية، والتي تمكنت من إستنساخ حشرة طبيعية معادية للحشرة القرمزية، وزّعت على المزارعين ونُشرت في حقول الصبار. وكانت وزارة الزراعة، عبر مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، مكتب حاصبيا، قد عملت ولعدة أشهر من التجارب والأبحاث،على إنتاج حشرة طبيعية عرفت ب cryptolaemus بهدف مكافحة الحشرة القرمزية dactilopuis .
إنتاج هذه الحشرة، جاء نتيجة جهود مضنية لخبراء زراعيين، فضلاً عن عشرات التجارب بإشراف رئيس مختبر إنتاج الأعداء الطبيعية الباحث إيلي رميلي، وبمساعدة مختبرات وخبرات أجنبية. تمكّن الفريق من إنتاج كميات كبيرة من الحشرة المستنسخة، ووزّعت على المزارعين في المنطقة الحدودية، بدءاً من المناطق الأكثر حرارة وإنخفاضاً. فتلقّى مزارعو الصبار في كفرشوبا، كفرحمام، الماري، المجيدية، حلتا، الوزاني وأبو قمحة، حوالي 100ألف حشرة ،عملوا على نشرها في حقولهم بإشراف خبراء فنيين زراعيين تابعين لمصلحة الأبحاث. مزارعو الصبار في هذه المنطقة، والذين كانوا قد خسروا مواسمهم على مدى الأعوام الخمسة الماضية، نجحوا من خلال إعتماد تلك التقنية في الوصول إلى نتائج إيجابية.
في هذا الإطار، نظمت وزارة الزراعة في حاصبيا، ندوة زراعية حضرها عشرات المزارعين، خصّصت لتبيان قدرة الحشرة القرمزية في القضاء على حشرة الصبار،علماً أن هذه الحشرة المستنسخة تعتمدها العديد من الدول المتقدمة تكنولوجياً،علها تكون المنقذ الحقيقي لهذه الزراعة المتجذّرة منذ القدم في هذه المنطقة. المزارع سمير يوسف يصف مرض الصبار بالكارثة الزراعية، التي حرمت المزارعين من إنتاج مقبول طيلة السنوات الخمس الماضية، الأمر الذي أدى إلى حالة من الذعر لدى المواطن، من إستهلاك الصبار، حتى ولو كان سليماً، خوفاً من المرض. ويشير إلى أن الخسارة السنوية لكل مزارع تتراوح بين مليون وخمسة ملايين ليرة، في حين تعتاش حوالى 2800 عائلة في المنطقة الحدودية من تلك الزراعة . من جهته، يشيد المزارع عمر القادري بنجاح عملية مكافحة المرض، التي بدت غريبة عن واقع الزراعة اللبنانية ومجتمعها، فيقول لـ greenarea: ” تفاجأنا من النتيجة الجيدة لهذه الحشرة المستنسخة، التي قضت على حشرة المن القطني، وإتضحت النتائج الإيجابية خلال الموسم الأخير، علّها تعوض علينا خسائر السنوات الماضية.
” رئيس بلدية الماري يوسف فياض، يشير إلى أن البلدية قامت بتوزيع أدوية على مزارعي الصبار لرشه، وهي مقدمة من وزارة الزراعة، وكل من التزم بالتعليمات حصد نتائج لا بأس بها. ويناشد عبر greenarea وزارة الزراعة الإهتمام بمزارعي هذه المنطقة التي يعتمد غالبية أهلها على القطاع الزراعي، ومن ضمنه الصبار، الذي أصبح مصدر رزق للكثير من العائلات.
المهندس الزراعي غيث معلوف، يؤكّد أن في المنطقة بساتين عدة تجاوزت المرض، بعد ما عمل أصحابها على رشها بالمبيدات، فباتت ثمارها سليمة، وتباع في الأسواق بشكل عادي. ويتابع متحدثاّ عن حشرة تشبه المنّ القطني، بدأت تصيب أوراق وجذور وثمار الصبار في العديد من القرى الحدودية منذ ثلاثة أعوام، وقد إنتشرت بداية في منطقة العرقوب. ويشير إلى أنه يمكن معالجتها بأدوية الحشرات الجهازية مثل دواء الـ DIMETHEOAT بأسرع وقت ممكن لضمان نضوج الصبّار. يختم معلوف حديثه داعياً لنشر التوعية فيقول:” لم يعتاد المزارعون في المنطقة على رش الصبار بالأدوية، لإعتبارها ثمرة لا تحتاج للعناية والرش، الأمر الذي يستوجب توضيحه عبر برامج توعية من قبل المراكز التابعة لوزراة الزراعة”.
(طارق أبو حمدان - Greenarea)